من كان يعبد الدولار فإن «جنون» الدولار قد مات

الأحد، 08 أكتوبر 2017 09:00 ص
من كان يعبد الدولار فإن «جنون» الدولار قد مات
عبد الفتاح على يكتب:

سعر صرف الدولار أمام الجنيه مستقر على انخفاض هادئ، مع مقاومة «معقولة» للهبوط (17.62 شراء) وهذا مؤشر فى حد ذاته مطمئن، لأن الانخفاض البطىء يخضع للعقل، أما النزول السريع فيسمى «جنونا» فى زمن المضاربة الذى ولى.
حجم الاحتياطى النقدى ارتفع، من 23 ملياراً وقت التعويم إلى 36.5 مليار دولار، صحيح أن أغلب ارتفاعاته بالدين (سلبى)، لكنه أمر (مقبول) وفقا للظروف الاقتصادية الحالية.
الدين الخارجى زاد 6.6 مليار دولار بعد التعويم، فى حين أن زيادة الاحتياطى النقدى على نفس الفترة اقتربت من 13 مليار دولار، وهذا يعنى أن الفارق «الكبير» جاء من مصدر آخر؟
منذ التعويم وحتى الآن، سددت مصر ما يقرب من 16.8 مليار دولار التزامات دولية، من خدمة دين وفوائد وأقساط ومديونيات شركات أجنبية، وفقا لبيانات محافظ البنك المركزى.
قدرة الاقتصاد المصرى على دفع المستحقات الدولية المفروضة عليه فى مواعيدها، يعزز الثقة ويشير إلى أن قطار «المركزى» ما زال على القضبان يسير.
لكن الأهم أن هناك أرقاما رسمية متفرقة، تشير إلى تحول العجز الدولارى فى مصر من السالب إلى الموجب.
كيف؟
مصر تستورد سنويا بما قيمته 60 مليار دولار، بمتوسط شهرى قدره 5 مليارات دولار، هذا يعنى أننا نحتاج كل سنة 60 مليار دولار حتى يصل العجز التجارى لنقطة الصفر، ويتوقف التآكل الاحتياطى النقدى الذى حدث فى فترة ما بعد ثورة يناير.
وما يدلل على ذلك، تقرير جهاز الإحصاء الذى صدر فى الأسبوع الماضى يقول فيه إن واردات مصر فى شهر يونيو فقط بلغت 3.7 مليار دولار، بعد أن كانت العام الماضى 5.59 مليار دولار.
هذا يعنى أن رقم الـ 60 مليار دولار المطلوب سنويا لتغطية الواردات، بات أقل، لكننا سنفترض ثباته على مستواه.
ما يدفعنا للذهاب إلى «الكفة» الأخرى للميزان، وهى الخاصة بمصادر الدخل الدولارى، وفقا لتقرير صندوق النقد الدولى الذى صدر الشهر الماضى.
إجمالى حصيلة الصادرات البترولية والسلعية، 24.5 مليار دولار، فى حين أن حصيلة التحويلات الخاصة (المصريين بالخارج وأخرى) 19 مليار دولار، أضف إليهم حجم الاستثمار الأجنبى فى الأوراق المالية 5 مليارات دولار، إضافة إلى حجم الاستثمار الأجنبى المباشر 9.4 مليار دولار، ثم إيرادات قناة السويس «المتراجعة» 5.5 مليار دولار، وأخيرا إيرادات السياحة «المتواضعة» 4.4 مليار دولار.
يصبح المجموع الكلى 67.8 مليار دولار، ما يعنى أن العجز الدولارى غير موجود، بل على العكس، هناك فائض فى الميزان الدولارى قدره 7.8 مليار دولار، وهو فارق يفسر – إلى حد ما- زيادة الاحتياطى لدى البنك المركزى.
ومع ذلك، لا أحد يتكلم عن هذا الفائض، بل أن هناك تأكيدا أن العجز موجود، ويقولون إنه انخفض، وأن تغطية الصادرات للواردات باتت بمقدار 45.9% وفقا لبيانات وزارة التجارة والصناعة.
أيهما نصدق؟ بيانات البنك المركزى؟ أم بيانات وزارة التجارة والصناعة؟ أم بيانات جهاز التعبئة العامة والإحصاء؟ أم بيانات صندوق النقد الدولى، المبنية أساسا على أرقام رسمية مصرية؟
هل لدينا فائض تحقق بالفعل، أم لدينا عجز مزمن ومستمر؟
هل الخشية من عدم ذكر وجود فائض، عدم وجود مبرر لأى خفض قادم لدعم المواد البترولية؟
لكن أيا كان الأمر، فإن الانخفاض الكبير فى حجم الواردات هو فى حد ذاته نجاح (مرحلى) يجب أن تثاب عليه الحكومة، على عكس الصادرات التى زادت بمقدار ضئيل للغاية لا يبرر الكواء الذى يرزخ تحته الناس.
الملفت فى الاجراءات (المهلكة) هو توقف جنون الدولار، وابتعاد الناس عن المضاربة عليه، فأصبح جنونه من الماضى، وبالتالى من كان يعبد الدولار، عليه أن يبحث له عن «وثن» آخر ينحنى له، لأن جنونه قد مات.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة