مصر حاضنة الأنبياء وراعية المرسلين

مؤرخو الإسلام والمسيحية: المسيح هرب من طغيان هيرودس إلى أمان مصر

الخميس، 12 أكتوبر 2017 10:00 ص
مؤرخو الإسلام والمسيحية: المسيح هرب من طغيان هيرودس إلى أمان مصر
الدير المحرق
حمدى عبدالرحيم

- من بيت لحم.. إلى الدير المحرق رحلة تظللها المعجزات

لذا فمن حق المصرى أن يفاخر بمرور بل وبإقامة عدد من الأنبياء والرسل بأرض بلده، منذ إبراهيم الخليل «أبو الأنبياء»، وصولا إلى سيدنا المسيح الذى خشيت أمه السيدة مريم العذارء- عليها السلام- عليه من مطاردة الملك هيرودس له، فعملت على اللجود به إلى مكان يتمتع فيه بالأمان إلى أن يقضى الله أمرا كان مفعولا، فلم تجد السيدة العذارء مكانا أكثر أمنا من مصر.

مجىء سيدنا المسيح إلى مصر فى طفولته عليه إجماع من الكنيسة تصديقا بآيات جاءت فى أكثر من إنجيل، واتفق جميعها على إقامة العائلة المقدسة بأرض مصر لفترة قالوا إنها بلغت العامين.
 
 جمهرة المؤرخين قالت: إن العائلة المقدسة قد سارت أثناء رحلة هروبها من طغيان الملك هيرودس إلى مصر حوالى 1033 كيلو متر وهى المسافة من بيت لحم إلى ما نعرفه الآن باسم الدير المحرق الواقعة غرب مركز القوصية بمحافظة أسيوط.
 
بدأت الرحلة من بيت لحم إلى الفرما التابعة للعريش ومنها إلى تل بسطة (بالقرب من الزقازيق) ومنها إلى بلبيس ومنها إلى منية جناح (بالقرب من سمنود) ثم إلى البرلس ثم إلى سخا (بالقرب من كفر الشيخ) حيث وضع الطفل يسوع رجله على حجر فانطبع عليها كذلك سمى هذا المكان (بينى إيسوس أى كعب يسوع).. ثم انتقلت العائلة المقدسة إلى وادى النطرون ثم إلى عين شمس فالمطرية (حيث شجرة مريم المباركة).. ثم إلى فسطاط مصر (مصر القديمة) حيث اختبأ فى مغارة (وهى فى كنيسة أبى سرجه الآن).. ثم توجهوا إلى الصعيد واستقروا على صخرة عالية معروفة الآن بجبل الطير (شرق سمالوط حاليًا) ثم إلى الأشمونين (بجوار مركز ملوى) ثم استأنفوا السير من الجبل الشرقى إلى الغرب حيث وصلوا إلى جبل قسقام (القوصية) المعروف الآن بالدير المحرق حيث أقاموا به ستة أشهر.
تفاصيل أكثر من تلك رواها المؤرخون المسلمون فقد جاء فى كتاب فتوحات الشام للمؤرخ الشهير الواقدى:  قال تعالى: {وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ} 
إن الأرض المقصودة هى أرض البهنسا بصعيد مصر.
 
وقال أصحاب التواريخ، وهم المسعودى وأبو جعفر الطبرانى والواقدى وابن إسحاق وابن هشام وأصحاب السير وأهل التفسير مثل سعيد بن جبير وسعيد ابن المسيب وابن عباس إن مولد عيسى كان فى زمن الملك هيرودس الذى ما إن سمع بميلاد المسيح حتى صمم على أن يقتله، تصديقا لكلام العرافين الذين حذورا من ميلاد المسيح لأنه سيصبح صاحب شأن يهدد ملك هيرودس، فبعث الله ملكا إلى يوسف النجار وأخبره بما أراد هيرودس وإن يعلم مريم أن تخرج إلى أرض مصر فإنه أن ظفر بولدك قتله فإذا مات هيرودس فارجعى إلى بلادك فاحتمل يوسف مريم وابنها عيسى على حمار له حتى دخل مصر وورد أرض البهنسا وهى الربوة التى ذكرها الله فى كتابه العزيز، «وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين» وهناك بئر فى المعبد يستشفون بمائها من الأمراض وهى التى كانت مريم وابنها يستقيان منها ويتوضآن منها للصلاة وكان هناك سرب تحت الأرض قيل إن مريم لما دخلت بولدها أرض البهنسا وجدا بئرا وليس عليها رشاء فطلب عيسى عليه السلام الماء ليشرب بعد أن عطش عطشا شديدا وبكى فحزنت أمه فارتفع الماء من قعر البئر حتى شرب منه وهى من ذلك اليوم تزيد ويعرف منها زيادة النيل فجعل النصارى لها عيدا إلى يومنا هذا وهناك دير وزراعات، ثم دخل مدينة البهنسا وأقام بها اثنتى عشر سنة وأمه تغزل الكتان وتلتقط السنبل فى أثر الحصادين حتى تم لعيسى المدة المذكورة.
 
قال وهب: كانت أول آية أراها عيسى عليه السلام بمدينة البهنسا للناس فى صغره أن أمه كانت نازلة فى دار بالبهنسا من أرض مصر عند دهقان من دهاقنة الملك أنزلها فيها يوسف النجار عنده ،حين أتى بها من أرض الشام إلى مصر وكانت داره مأوى المساكين، فسرق للدهقان مال جزيل من خزانته وكان الدهقان من أخصاء الملك صاحب البهنسا ولم يتهم المساكين فحزنت مريم على مصيبة الدهقان صاحب ضيافتها، فلما رأى عيسى عليه السلام حزن أمه قال: يا أماه أتحبين أن أدلك على ماله؟ قالت: نعم، قال قولى له يجمع المساكين الذين كانوا فى جاره، فقالت مريم للدهقان ذلك فجمع المساكين الذين كانوا فى داره فلما اجتمعوا أتى إلى رجلين منهم، أحدهما أعمى والآخر مقعد فجعل المعقد على كاهل الأعمى و قال له: قم به، فقال له الأعمى: إنى ضعيف عن ذلك فقال له: كيف قويت على ذلك البارحة؟ فلما سمعوه يقول ذلك ضربوا الأعمى حتى قام به فلما استوى قائما وهو حامله أوصله إلى كوة الخزانة فقال عيسى عليه السلام هكذا أخذ مالك البارحة لأن الأعمى استعان بقوته والمقعد بعينيه، فقال الأعمى والمقعد صدقت فردا على الدهقان ماله فوضعه الدهقان فى خزانته وقال: يا مريم خذى نصفه فقالت: إنى لم أخلق لذلك، ثم قال الدهقان أعطيه لابنك، قالت هو أعظم منى شأنا، ثم لم يلبث الدهقان إلا قليلا وعمل لولده عرسا فجمع إليه أهل المدينة كلهم فكان يطعمهم شهرين، فلما انقضى ذلك زاره أكابر البلاد وملوكها وليس عنده طعام ولا شراب ولا أدام، فلما اجتمعوا أمر عيسى عليه السلام بجرار الخمر الفارغة أن تملأ ماء ثم مر بيده على أفواهها وهو يمشى فكلما مرت يده على جرة امتلأت شرابا، هذا وهو ابن اثنتى عشرة سنة فازدادت أهل البهنسا فيه اعتقادا ومن حولها من المدائن والقرى.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق