زنوبيا

الأحد، 08 أكتوبر 2017 01:00 م
زنوبيا
يكتب
نهلة عبدالسلام

«القسوة تغلب الشجاعة»، نعم مهما كنت شجاعًا فى مواجهة ما أنت عليه، فقسوة من حولك ستتكفل بغلبتك، بل والاستمتاع بهزيمتك، ربما حبًا فيك وخشية من فقدان وجودك بقربهم فى قائمة الجبناء والمستسلمين، أو ربما كنت فرصتهم الوحيدة للولوج من هامش الحياة إلى متنها، لذا أنت مجبر على الدوران فى فلكهم، وحسب تعليمات السرعة المحددة من قبلهم، هذا وإن سولت لك نفسك تجاوزها، صبوا عليك وابل نيازكهم فأحرقوك.
 
هى القوالب التى يُصب فيها البشر، ينضجها القدر كل حسب ثراء تجربته، فيتدرجون من نيئ إلى متفحم، الزمن لا يغير شكل القوالب فقط يقوم بتعديل خامتها بداية من الفخار مرورًا بمعادن شتى وصولًا إلى موانع الإلتصاق.. الإلتصاق بأى شىء.. لذا صار الإنعزال «تريند» والإكتفاء بالتواصل عبر شاشات تخفى كينونتنا وباء، وتسول الدعم بأنواعه فى الخفاء جريمة، وحدنا من نجازف بارتكابها علنا، نحظى «بألتراس» يصلح ما أفسده القساة.
 
بإمكانك الانضمام للمجموعة الشمسية، التى تروقك، وإن أنت يوما مللت أو انزعجت بضغطة واحدة تحجبها، لن تضطر لرسم خطة مهما أنفقت من وقت لتصل بها للكمال، ستصل بك حتما للمفتى، فى الحقيقة إخفاء فرد واحد أمر لا يمكن إغفاله إلا بالطبع إذا ثبت شروعه فيما من شأنه إشاعة البلبلة وإثارة الشغب ونشر الفوضى بنظام المجموعة، كأن يخبر مثلًا العشاق والشعراء، بأن القمر جسم معتم، فيكف الفريق الأول عن نعت حبيباتهم به، وتتجرد قصائد الفريق الثانى من لفظه ووصفه.. سيئول به الحال للتسكع فى السماء والتسول من كواكب طالما نظر إليها بدونية شديدة منذ آلاف السنين الضوئية وأخيرًا سينضم لطابور العاطلين المنظمين لوقفات احتجاجية مطالبًا بإعانة بطالة، حيث لم يعد يرغب بتوظيفه لا عاشق ولا شاعر.
 
إذن فالهروب من القساة مجازفة مآلها إلى المقبرة، تمهل ولا تجعل شجاعتك تجرك لنهايتك، وتعلم من الطبيعة.. القمر ليس معتما فقط، وإنما غبى أيضًا على عكس الحرباء، بالطبع لا أدعوك للتلون، أنا ألح عليك، ولكن حذارٍ أن يلمحك أحدهم، وأنت تبدل أقنعتك أو أثناء قفزك من حبل لآخر، أعدك بأنك ستضحى على نظام الحنية بين عشية وضحاها.. استمتع برؤية الحقائق، فليس لديك الكثير من الوقت، فالشجعان سرعان ما يسأمون الأقنعة، ويزهدون القفز، وعندها يحرقون الأولى، بينما يقصون الثانية، ولكن بأيديهم لا بيد عمرو.
مهندسة اتصالات 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق