في معنى المسؤولية

الأربعاء، 11 أكتوبر 2017 09:13 م
في معنى المسؤولية
د.حاتم العبد يكتب ..

"ليس من سمع، كمن رأى"، مقولة صادقة ولقد أيقنت واقعيتها بنفسي. منذ عدة سنوات، لبيت دعوة كريمة على العشاء لقاضية دولية في المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، كان العشاء في بيتها بمدينة ليون بفرنسا ؛ وهنا تقاطرت المفاجآت وتعاقبت !
 
تسكن القاضية الأوروبية في ڤيلا على نهر الرون، تجاورها ڤيلا شقيقتها سيدة الأعمال الشهيرة بفرنس ؛ القاضية وأختها ابنتا أحد كبار رجال الأعمال الفرنسيين في مجال المقاولات- نتحفظ على ذكر اسم العائلة بناء على طلبهما- تغطي أنشطة مجموعته التجارية فرنسا والبرازيل وبعض من دول أمريكا الجنوبية...
 
مظاهر الثراء واضحة بادية لا تخطئها عين ؛ لكن دعوني أذكر مفاجأتين :
الأولى : عندما اعتذرت ابنة شقيقة القاضية الأوروبية عن تناول العشاء معنا لأنها تعمل بالليل في محل الوجبات السريعة "ماكدونالدز" ؛ في حين أن والدتها تذهب إلى عملها ومواقع البناء بطائرة هليوكوبتر !! كثيرًا ما سمعت عن حكايات وقصص مثل ذلك، لكنها كانت المرة الأولى- وأتمنى ألا تكون الأخيرة- التي أرى فيها مثل تلك الواقعة. وبسؤالي التطفلي عن سبب لا أقول عملها، ولكن عن عملها بعيدًا عن الامبراطورية الاقتصادية لعائلتها، أجابتني شقيقة والدة الفتاة، أن الأمر ليس كما في بلادنا نحن العرب، وهنا رمقني والد الفتاة رجل الأعمال اللبناني الأصل بابتسامة عذبة، فهمت معناها ؛ لتردف قائلة : سهل ميسور إعطائها الآلاف بل الملايين، لكن صعب تعليمها المسؤولية والاطمئنان عليها في حياتها، وأنا أحب ابنتي...!! والدرس المستفاد هنا هو أن حب الأبناء يكون بتعليمهم المسؤولية والاعتماد على النفس، بدلًا مما يفعله بَعضُنَا من فطم أبنائه بعد سن الأربعين !! 
 
الثانية : هي كون والدا الفتاة منفصلين، ورغم ذلك تجمعهما علاقة صداقة واحترام متبادل، وقد لمست ذلك بنفسي، ليس هذا فحسب ؛ بل إن والد الفتاة بقى مديرًا لمجموعة شركات والد طليقته، وهنا أيضًا تتجلى صورة أخرى من صور المسؤولية، مسؤولية المبادئ والقيم، مسؤولية حماية الأبناء من عواقب الطلاق...
 
قد ضمنت تلك المفاجأة الأخيرة كتابي الطلاق والترمل بعد استئذان أصحابها، فوافقوا شريطة عدم ذكر الأسماء... فلهم مني كل الشكر والتقدير والاحترام.
 
أما آن الأوان لنا أن نعلم أولادنا معنى المسؤولية والاعتماد على النفس ؟! بلى قد آن...
أما حان الوقت لنضطلع بمسؤوليتنا نحو أنفسنا ونحو أبناءنا ؟! بلى قد حان...

 

تعليقات (1)
تنمية المسئولية فى الاجيال
بواسطة: محمد ابوزيد ابو النور حسن
بتاريخ: الخميس، 12 أكتوبر 2017 02:34 م

تحياتى لكم دكتور ..نحن فى بلادنا العربية والاسلامية ، الغالبية والسواد الاعظم يفتقد المثل والقدوة ، فضلا عن اختلاف الثقافة والوعى ن ولايخفى عليكم ان الارتباط الاسرى الزائد عن الحد ، تبعاته كارثية على الطفل ، الامر الذى يجعله دوما فى حاجة الى عون ،

اضف تعليق


الأكثر قراءة