ريما دروبى .. الجمال الثائر

الثلاثاء، 17 أكتوبر 2017 11:49 م
ريما دروبى .. الجمال الثائر
منال العيسوى

فجأة اكتشفت انها حين تفض بكارة الورق وتكتب علها تعلن صرخة مدوية تكشف معها زيف الحياة والمواقف وتسقط القناع عن سيكولوجية المرأة التى حيرت العلماء والمحللين.

قررت البوح بأدق التفاصيل والتساؤلات التى جالت فى خواطرها وخاطر كل من رأى جمالها الربانى التى منحه الله لها  ، فحين تراها تدرك أن الله صور فأبدع وشكل لوحة انسانية سماها والدها ريما ، ومع جمال الشكل جاء جمال الروح يغلفها .

 ولم تكتفى ريما بكونها انثى جميلة تعيش بين جبال لبنان وشجر الأرز فاكتسبت الشموخ والخير ، والعلم وأصبحت معالجة نفسية تستمع لأهات البشر وترى شروخ نفسية تدمرهم من الداخل فالحرب التى تقتل تمتلك الجرأة على القتل فى وضوح وحسم ، لكن الشرخ النفسى يمكن ان يقتل صاحبه ببطىء وربما تنقضى الحياة دون التئام الشروخ فهى البدائل القبيحة التى تفرضها كثير من التفاصيل  .  

وسط الحرب والسلام والوجوه التى تتناقل الاخبار ، وجوه جف منها الدم العربى تنظر للمرأة بنظره تقتل بدم بارد ، فربما اختبأت يوما فى كتف والدها من عين رمقت جمالها بوحشية ، ربما مرت بكثير من التساؤلات حول كونها انثى ام انسانة ، أم احتارت وحاصرتها الاسئلة ، فوقفت عند السؤال الأهم " من أنا ومن أكون .

من هنا اشتعل الفتيل الاول للجمال الثائر  الذى تجسده ريما  حين تتمتع المرأة بالجمال والعلم والفكر، وبدأت رحلتها الأولى للبحث عن ذاتها وسط كثير من التشويهات التى تحاصرها أينما ذهبت سواء فى بلاد العرب او بلاد الغرب ، فالفارق بين العرب والغرب نقطة فى الابجدية ، لكنه بمثابة نقطة فاصلة ، أو نقطة بداية ومن أول السطر .

رحلة البحث عن الذات اشتبكت معها ريما مرارا وتكرار ، وحين تحدثك عن كيانها تستخدم المفردات الفرنسية فى حوارها ، وأن سألتها أن تكتب بالعربية تلعثمت المفردات بين يديها فهى تجيد التعبير والحديث بالفرنسية ، لكنها تشعر وتحيا بالعربية ، فقررت ، أن تعلن ثورتها على كل التفاصيل البالية بالعربية فكانت تجربتها الأولى فى الكتابة " أنا أنا"

طرحت العديد من التساؤلات فى كتابها ، ولم تصنفه أى نوع من الكتابة ، ليس مجموعة قصصية ، أو شعر أو نثر ، هو البوح بكل التفاصيل ، الحديث دون ملل تشعب فى الحوارات التى تعكس ذات مملوءه بالشغف والحيوية ، يؤرقها سؤالها من هى ، لكنها تناولته بطرح فلسفى ينم عن ذات متعاقده التفاصيل .

فهل هى المرأة التى كسرت قيودها وظلت سجينة الفكرة ، تتحرر حينا وتسجن حينا ، تخلد حقيقة أنوثتها فى أعماقها المختبئة ، أم أنها الهارب من ذاتها ، تهرول وتركض مختبئة وسط اعتقاد انها ربما حين تختبأ داخل ذاتها تكون الاجمل ، لكن سرعان ماتعى غدر اللعبة التى تلعبها مع ذاتها وتكتشف خداع ذاتها لها .

تساؤلات حاصرت ريما دوربى حين خطت بلغتها العربية اول تجربة لها " أنا أنا " ، بدأت من بداية خلقها هى انسان وهل الانسان  ميلاد ام رحيل حياة ام فناء ، وسط كل هذه التساؤلات جاء سؤالها هل هى العائلة النازفة على فراش الحياة لتستكين اليها لتستشعر الدفء والأمان  وكيف حولتها الحياة السقيمة الى كيان بلا دفء وبلا آمان ، فهل اصبحت هى الوحدة ام انها الوهم الذى يسكن فى اعماق كل فكرة محبطة ام انها الحياة المدفونه فى اعماق الاخرون ام انها المجتمع الذى يشبه الطائر المحلق بلا ريشة ولا اجنحة ام انها المجتمع الذى يبكى على جدران الانسانية المهمشة.

مابين تساؤلات الانا والانا الاخرى ، مابين الحلم والامنية ، ما بين الواقع والصمت اكدت انها هى كل شىء ولا شىء ايضا ، هل تعيش دنياتها لتموت أم تموت لتعود لحياة اخرى ، تجربتها الأولى " أنا أنا " سطرتها بلا خوف بلا خطوط عريضة كل ما ارادته هو ان تقول الحقيقة التى فى داخلها والتى كانت تظن انها لا تمتلكها ، لكن بكثير من الوعى مزقت الشرنقة واطلقت صرختها وكانت اكثر واقعية ومقدرة على التعبير عن شظاياها فى وجه الأكاذيب  والخداع وتحول الانا الى بوح وصراخ فضت بها بكارة الورق.

ريما قررت اخيرا أن تطلق صرختها بطريقتها ، فى وجه مجتمع مزيف ، لا يعى ولا يعرف كيف يكون القلب أوجاع ، وكيف يكون الصمت اعتراض ، وكيف تكون الكلمة صرخه .

تحياتى لك صديقتى اللبنانية التى تمتلك جمال القلب والقالب ، صاحبة الجمال الثائر .

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق