في حياديّة الدولة

الخميس، 19 أكتوبر 2017 10:38 م
في حياديّة الدولة
د. حاتم العبد

مبتدأ القول ومفتتحه، التفرقة بين معنى الدولة بالمفهوم الضيق وهو المقصود في هذا المقال، وبين معناها بالمفهوم الواسع ؛ فالدولة بالمعنى الضيق، تعني الجهاز الإداري الحكومي، من وزارات ومؤسسات وهيئات عامة، أما المعنى الواسع لها، فهو يمتد ليشمل مؤسسات المجتمع المدني، الأحزاب السياسية... إلخ.
 
وواق الأمر أن الدولة ينبغي لها أن تقف على الحياد، خاصة فيما يتعلق بالسياسة والدين ؛ فينبغي عليها أن تحتفظ بمسافة واحدة بينها وبين كافة الأديان السماوية، وكذلك عليها ألا تنغمس في غبار الحياة السياسية وألا يكون لها ميل سياسي. يمتد الحياد إلى كافة الأجهزة والمصالح الحكومية وخاصة الأجهزة السيادية ؛ فتلك الأخيرة هي أجهزة الشعب وتعمل من أجل رفعته وتقدمه. 
 
حياد الدولة بالمدلول السابق يضمن السلم الأهلي والاستقرار السياسي والاقتصادي لها، ذلك أنه لو علم كل مواطن وأيقن بأن الدولة تعامله كغيره بحياد، بغض النظر عن دينه أو لونه أو انتمائه السياسي، فيزداد ثقة في الدولة، ويترتب على ذلك عدم حدوث اضطرابات سياسية أو اجتماعية تهز كيان الدولة. كذلك المستثمر الأجنبي بيقينه من حياد الدولة، سيضخ مزيدًا من الاستثمارات فيها، آمنًا مطمئنًا عليها، وهو ما يعود بالإيجاب على دوران عجلة الإنتاج وزيادة معدل الدخل القومي وتحسين المستوى المعيشي للمواطنين. 
 
وثيق الصِّلة بحياد الدولة، ألا يكون التعيين في الوظائف العامة أو القبول في الكليات العسكرية مبني على فئوية حزبية أو انتمائية سياسية أو عقيدة دينية، وفِي ذلك صِمَام أمان للأمن الاجتماعي ؛ ذلك أن الجيش هو جيش الدولة، وليس جيش فرد أو حزب أو جماعة سياسية أو فرقة دينية، وكذلك الشرطة وكافة الأجهزة الحكومية. 
 
إن السماح بتفويئ الجهاز الحكومي للدولة فيه خطر عظيم على مستقبلها، وسينقلب الجهاز الإداري الحكومي إلى الجهاز الإداري الحزبي أو الديني... 
تتقاطر مزايا حيادية الدولة في كونه بالاضافة إلى أنه صِمَام أمان أمنها واستقرارها، في كونه عاملًا هامًّا وعنصرًا محفزًا للتقدم والرقي؛ ذلك أن كل فرد من أفراد المجتمع بيقينه وثقته في حيادية الدولة، سوف يبذل قصارى جهده في الوصول للتميز والنجاح، لأنه ضمن مكانه الذي يستحقه، وأمن من خطر الطائفية، ونجى من عقرب التحزب والشللية، وأيقن أن عمله وجهده هما وحدهما المسؤولان عن ترقيته، توليه منصب ما... بغض النظر عن دينه، لونه، حزبه السياسي.. إضافة إلى عدم تعالي فئة معينة على حساب الأخرى، فالكل سواء أمام الدولة والقانون.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق