وصرخت ستوتة: «رصيف بلدنا عالى»

الثلاثاء، 24 أكتوبر 2017 08:00 ص
وصرخت ستوتة: «رصيف بلدنا عالى»
فوزية الأشعل تكتب:

يحيرنى أمر الرصيف، الذى كان حتى عهد قريب ذى ارتفاع خفيف وكان الجميع يصعدون إليه دون عناء، ويهبطون من فوقه دون شقاء، ومنذ عدة سنوات، تغير الحال، وأصبح صعود الرصيف أشبه بتسلق الجبال .. ويبدو أن لدينا (وفرة فى مادة الزفت) وهى من مشتقات أو من مخلفات النفط، وفى زمن انتشر فيه الزلط واللهط فقرر أحدهم أن يرفع من مستوى الرصيف وبعد أن كان ارتفاعه خفيفا، وتسلقه ممكنا للقوى والضعيف

أصبح الاقتراب منه شيئا مخيفا! والكلام ليس على سبيل التسالى بعد حادثة صديقتى وما جرى لي! الحدوتة ليست ملتوتة، فصديقتى ستوتة قررت بعد أن عادت من الإعارة، أن تسترجع ذكرياتها بكل مرارة، فقررت أن تصحبنى فى رحلتها، لأشاركها فى التخفيف من حدة مرارتها، وقد حاولت أن أحذرها من مهالك الطريق، لكنها رفضت وشدتنى بأسلوب غير رقيق، وقالت إن الزمن الذى زادنى وزنا، قد زادنى خوفا وضعفا ولأننى اعتبرت ما قالته إهانة، فقد قررت أن أدحض اتهامها لى بالمهانة، ووافقت على أن أرافقها فى رحلة (المشى تحت الأشجار) بعد أن انقطع عنا الظل فى وضح النهار، فقد تأمر على الشجر بعض (الغجر) فقاموا بتقطيعه، بحجة إعادة زرعه وتدميره!.
قررت ستوتة أن تسير فى شارع الأهرام، فسِرت خلفها دون كلام!.
فى أول الطريق، لمحت ستوتة شيخا أشبه بالغريق، تقدمت نحوه وسألته عما به، فأشار إلى الرصيف المخيف، وشرح لها أنه عجوز ضعيف فقررت أن تساعده، ومدت إليه يدها، وحاولت أن تجذبه بكل قوتها، لكن الرجل سقط لأنها شدته غلط، فارتفعت حرارتها، وقررت أن تحمله، وأن تصعد به إلى بر الأمـان لأن من طبيعتها الحنان.
 نجحت ستوتة فى مهمتها، وشعرت بالفخر بعد أن أجلست العجوز فوق الرصيف، فما قامت به ليس بالعمل الخفيف، واعتدلت، وسار الرجل بضع خطوات ثم نظر إليها طالبا المساعدة، نظرت نظرة واضحة، لكننى تجاهلت نظرتها، وأطلقت ساقى للريح، فلست أنا بالقوية التى تقدر على حمل عجوز أو جريح، وتركتها تقوم بمهمتها الإنسانية، وانتظرتها على الرصيف مرة ثانية وبعد دقائق وجدتها، وقد تبدل حالها، لكنها كانت قد حزمت أمرها، وقررت أن تكمل رحلة (الهرولة) التى تحولت إلى نوع من (البهدلة) وسارت جوارى تسألنى عن أخباري، ورحت أثرثر دون أن أفكر، وسرت بحذر أكبر، بينما راحت عن مشاعر الحب والحنان تعبر وحذرتها من مغبة عدم الانتباه فابتسمت وأجابتنى بغرور لست كسائر المشاة وتصورت أنها فى أمور الرصيف خبيرة، فانشغلت عنها بمخاوفى الكبيرة، وما هى إلا لحظات، حتى علت صرخات، فتوقفت، ثم تابع، فارتفع الصوت أكثر، وصرخ أحدهم – الله أكبر .. فتوقفت ثانية، وتلفت، فإذا يصديقتى ستوتة، وقد تكورت على نفسها ونظرت إليها من بعيد، بعد أن تملكنى خوف أكيد، ورحت أبحث عن المحمول وأخرجته من الجيب المبلول، ولا أدرى من طلبت، ولا أذكر بمن استنجدت لكن الأمر انتهى بوضع الجبس حول ساق وبينما كان الطبيب يمارس عمله راحت صديقتى ستوتة، وهى بين الوعى والغيبوبة، راحت تهذى بكلمات غريبة، واقتربت منها وسمعتها تقول: رصيف بلدنا عالي.. وهيدخل موسوعة جينيس.  وابستمت، بينما رحت أفكر، فى أمر من دبر وقرر، أن يرفع من مستوى المشاة، ليسيروا فى الشوارع (كالحواة)، ولأن الأمر كبير وخطير، فقد قررت ألا أتركه فى حاله، وأن أقاضيه حتى أسلب منه ثروته وماله، ولن أكتفى بالمـال فبقاؤه فى مكانه أصبح من (المحال) ولن أتركه حتى لو تطلب الأمر تسلق الأرصفة والجبال!.
 ترى، مَن هو المسئول، الذى جعل صدرى مغلولا، وحول صديقتى ستوتة التى كان المشى هوايتها المفضلة، إلى مسكينة مكسرة، وهل هو من البشر ... أم أنه من ... وهاجيبه ... فى الحلقة القادمة ...
موافقون موافقون
لا تأسفوا
لا تخجلوا
الكل فى تعاطيه ... سواسية
لا فرق بين خادم .. وسيده
فى يد الصغير .. بانجو ...
فى يد الفقير .. بانجو ...
الكل فى تعاطيه .. سواسية
يا سيدي
البساط أحمدي
نشد
نهد فى قوانا
نعبر عن رضانا
نهز رءوسنا
موافقون
موافقون
فالرفض فى بلادنا ...
كفر .... وزيادة!
موافقون
ماذا ترى عيون؟
تداعبها
سحابة الدخان
فى سكون!
موافقون
موافقون
فالرافضون يسكنون الموت
والسجون
انشقت الأرض
وانفجر البركان
طارت الحمم
فانفجرنا ضاحكين
الموت لا يهزنا
فنحن
عن وعينا مغيبون!
ماذا؟
لو كنا بكل ما يدور حولنا واعين؟
فلنشد الأنفاس
بكل قوة
فالوعي..
إحساس لعين!
الوعي
إحساس لعين!

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق