في اليوم العالمي لشلل الأطفال.. تقلص أعداد المصابين وتطعيم 400 مليون طفل سنويًا

الثلاثاء، 24 أكتوبر 2017 03:01 م
في اليوم العالمي لشلل الأطفال.. تقلص أعداد المصابين وتطعيم 400 مليون طفل سنويًا
اليوم العالمي لشلل الأطفال

يحل اليوم الثلاثاء 24 أكتوبر، اليوم العالمي لشلل الأطفال، الذي يهدف إلى التوعية بأن من حق كل طفل أن يحيا حياة خالية من شلل الأطفال.

وبفضل حملات التطعيم العالمية، يتم سنوياً تطعيم ما يربو على 400 مليون طفل ضد شلل الأطفال، رغم العديد من الحواجز التي تقف حائلاً بين الطفل والوصول إلى اللقاح، ومنها التضاريس الوعرة والطقس السيئ، والشائعات التي تحوم حول سلامة اللقاحات، وضعف الخدمات الصحية والنزاعات وانعدام الأمن.

وتؤكد النتائج أن كل الجهود التي تبذلها الشعوب تسير باتجاه دحر المرض مرة واحدة وإلى الأبد، والتأكد من أنه لم يتم ترك أي طفل ليتخلف عن الركب، وتساعد منظمة الصحة العالمية في أكثر من 70 بلداً على استمرار إعطاء اللقاحات ضد المرض، بحيث أصبحت حماية أطفالنا من شلل الأطفال في المستقبل أمراً ممكناً.

ووقع الاختيار على يوم 24 أكتوبر ليكون اليوم العالمي لمرض شلل الأطفال، لأنه يوافق يوم ميلاد رجل الطب الأمريكي جوناس سالك، الذي ولد عام 1914 وتوفي عام 1995، والذي طور أول مصل "تطعيم" مضاد للعدوى بالمرض.

ويعد مرض شلل الأطفال من أقدم الأمراض التي أصابت الإنسان، إذ كانت أول معرفة بهذا المرض في عام 1350 قبل الميلاد بواسطة قدماء المصريين، ومنذ ذلك التاريخ عانت البشرية في كافة أصقاع المعمورة من آثار هذا المرض على صحة الأطفال والمجتمع من خلال تسببه في الإعاقة والوفاة لكثير من الأطفال. وقد استمرت هذه المعاناة حتى منتصف القرن الـ 20، إلى أن استطاع العالم جوناس سولك تحضير اللقاح المعطى عن طريق الحقن "IPV" في الفترة ما بين عامي 1953- 1955، وتبعه نجاح العالم سابين في عام 1960 في تحضير لقاح شلل الأطفال الفموي "OPV"ومنذ اكتشاف هذه اللقاحات بدأت الوقاية الفعلية من هذا المرض وحماية الملايين من الأطفال من آثاره.

ومرض شلل الأطفال هو داء شديد العدوى يصيب الأطفال تحت عمر 5 سنوات بالدرجة الأولى، وتؤدي واحدة من بين كل 200 عدوى بالمرض إلى الإصابة بشلل دائم، ويموت ما بين 5 إلي 10 أشخاص من كل 100 مصاب بهذا المرض، أي يلاقي ما يراوح بين 5% و10% من المصابين بالشلل حتفهم، وذلك لأن عضلات التنفس تصبح غير قادرة على التحرك. ولم يعثر على دواء لمرض شلل الأطفال، ولكن يمكن تجنب الإصابة بعدواه بواسطة التطعيم.

وفي عام 1988 تم إعلان المبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال للقضاء على المرض، الذي كان متوطنا آنذاك في 125 بلدا، وكان يصيب ألف طفل كل يوم بالشلل، لكن منذ ذلك الحين وبفضل حملات التطعيم المكثفة تم القضاء على المرض عالميا بنسبة 99%، لكن منظمة الصحة العالمية أكدت مرارا أنه ما دام هناك طفل واحد مصاب بشلل الأطفال في أي مكان فإن جميع أطفال العالم يصبحون عرضة لخطر الإصابة به.

وأشار تقرير لمنظمة الصحة العالمية إلى أن دولتين فقط في العالم هما باكستان وأفغانستان، سجلتا 12 حالة إصابة جديدة بمرض شلل الأطفال خلال عام 2017 من دون تحديد العدد في كل بلد، وأوضح التقرير أن المسيرة لا تزال متواصلة من أجل استئصال شلل الأطفال، في ظل التناقص المستمر كل عام لأعداد الأطفال الذين يقعدهم المرض.

وتابع أن أعداد الإصابة شهدت انخفاضاً قياسياً، وبحسب تقديرات المنظمة لعام 1988، كان هناك 350 ألف طفل حول العالم قد أصيبوا بالشلل، في حين لم تسجل في عام 2014 أكثر من 359 حالة. ويأتي هذا الانخفاض كنتيجة لما يبذل من جهود على الصعيد العالمي من أجل استئصال المرض.

واعتبرت المنظمة أن هذا التراجع دليل على تفاني العاملين في مجال الصحة، وأيضاً الحكومات التي تحشد كل جهودهم لكي نشهد نهاية عهد هذا المرض.

وأشارت إلي أن باكستان وأفغانستان ونيجيريا لا تزال بلدان العالم الوحيدة المتبقية التي لم تتوقَّف فيها الإصابات بفيروس شلل الأطفال، وفي حين لم تشهد نيجيريا أية حالة إصابة، خلال ما يزيد على 12 شهراً، فإن انتقال الفيروس لا يزل مستمراً في مناطق محدودة في باكستان وأفغانستان.

وتوضح تقارير البونيسيف أنه قبل 3 سنوات فقط كانت نيجيريا معقل أكثر من نصف حالات شلل الأطفال في العالم. ولكن هذا العام ولأول مرة في التاريخ، نجحت نيجيريا في وقف سريان فيروس شلل الأطفال البري، وفي الشهر الماضي شطب اسم نيجيريا من قائمة الدول التي يسري فيها فيروس شلل الأطفال.

وبفضل إنجاز نيجيريا الرائع، أصبحت البلاد والمنطقة الإفريقية أقرب من أي وقت مضى من أن تعلَن خالية من هذا الفيروس. ولم تشهد الهند، التي كان يعاني فيها آلاف الأطفال في الماضي من الشلل الناتج عن هذا الفيروس كل سنة، أي حالة خلال الأربع سنوات الماضية.

وعلى المستوى العالمي لم تسجل سوى 51 حالة فيروس شلل أطفال منذ بداية 2015، مقارنة بحوالي 242 حالة سنة 2014.

ولم تكن هذه النجاحات لتتحقق لولا الإرادة السياسية وقيادة الحكومات في الدول المتأثرة، والجهود الحثيثة لحشد وإشراك الحكومات، وشجاعة والتزام العاملين على الخطوط الأمامية، والجهود المنسقة والمتضافرة للمنظمات الشريكة في مبادرة استئصال شلل الأطفال، وهي مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، ومنظمة الصحة العالمية، ومؤسسة روتاري انترناشيونال، ومؤسسة بيل وميليندا جيتس واليونيسف.

وكجزء من مساهمتها في هذه المبادرة، وفرت اليونيسف 1.7 بليون جرعة من اللقاح سنة 2014، ودعمت تدريب عشرات الآلاف من العاملين على الخطوط الأمامية في المجتمعات المحلية من كاراتشي في باكستان حتى ولاية كانو في نيجيريا، وساعدت في بناء ثقة الأهل والمجتمعات المحلية في اللقاح.

كما مثل دمج التدخلات الإضافية المنقذة لأرواح الأطفال مثل التحصين الروتيني، والتغذية، وغسل اليدين بالصابون، والرضاعة الطبيعية في حملات شلل الأطفال، خاصة في المناطق التي تعاني من نقص الخدمات وارتفاع معدلات خطر الإصابة بالفيروس، أحد عوامل النجاح الأخرى.

وبالرغم من التقدم المتحقق، إلا أن حالات سريان فيروس شلل الأطفال الأخيرة المشتقة من اللقاح في دول مثل جمهورية لاوس الديمقراطية الشعبية، وأوكرانيا، وغينيا ومدغشقر أكدت على المخاطر التي لا تزال تواجه العديد من الدول بسبب انخفاض تغطية التحصين الروتينية.

وتذكرنا هذه الحوادث بالحاجة الماسة لتكثيف الجهود في تعزيز أنظمة التحصين الروتينية والتصدي للفروقات في قدرة الأطفال على الوصول للخدمات الصحية الأساسية.

ففي أوكرانيا، على سبيل المثال، يتم تلقيح أقل من 14% من الأطفال ضد مرض شلل الأطفال.

وينتاب القلق العلماء في مجال استئصال شلل الأطفال، ويحجمون عن إعلان نجاح قبل أوانه، محذرين من أن التهاون قد يؤذن بانهيار البرنامج، لكن مع إعلان دولتين فقط هما باكستان وأفغانستان اكتشاف حالات شلل أطفال عام 2015، فإنهم يرون ضوءا في نهاية النفق.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة