حمدى قنديل.. نرجوك أن تعود لتعيش معنا للمرة الثالثة

الأحد، 29 أكتوبر 2017 12:00 م
حمدى قنديل.. نرجوك أن تعود لتعيش معنا للمرة الثالثة
عادل السنهورى يكتب:

من منا لم يشتاق الى طلة حمدى قنديل " رئيس التحرير" صاحب  أجرأ " قلم رصاص" .. عاشق عبد الناصر   الذى قال لى فى حوار سابق معه يعد أن توقف برنامجه فى دبى "إذا كان الحنين إلى زمن عبدالناصر مرضاً فأتمنى ألا أشفى منه".

من منا لا يشتاق الى آراءه وأفكاره الجريئة التى جعلته دائما ضمن قائمة " الممنوع من العرض".. من القاهرة.

الجميع يشتاق اليه- من يختلف معه قبل من يتفق معه- ويرجوه أن يعود سالما معافا من مرضه الذى أبعده عن قلمه وعن ملايين من المشاهدين والمتابعين له.. ويتمنوا أن يعود ليعيش للمرة الثالثة بينهم بتاريخه الاعلامى الممتد منذ بدايات الخمسينات وحتى الآن حتى أصبح واحدا من شهود العصر على التحولات والتغييرات فى مصر والوطن العربى وفى العالم.

حمدى قنديل " عاش مرتين" – هكذا اختار عنوان مذكراته التى صدرت العام الماضى - من أول نشرة قرأها الإعلامي الكبير حمدي قنديل  «التليفزيون العربي» مع بدء إرساله عام ١٩٦٠ ،مرورا بنكسة عام ١٩٦٧ ،ولحظات تنحى جمال عبدالناصر، ثم معارك الاستنزاف، وانتصار ١٩٧٣ ،وصولا إلى احتلال العراق للكويت عام ١٩٩٠ ،الى احتلال العراق 2003 ثم " ثورات الربيع العربى". " عاش مرتين" كما يقول، طولا وعرضا، أخذا وردا فيها الانتصار والانكسار وفيها الصمود والحلم والإنجاز، وفيها من

المفاجآت والمفارقات.

هو من مواليد برج الجوزاء، يجمع بين التفتح على الدنيا وانتماءه الى جذوره

المحافظة، ولد حمدي قنديل في منزل أسرة من الطبقة المتوسطة، وفي كنف أبٍ مثقف يعمل ناظر مدرسة وأم متعلّمة. بقرية كفر عليم - مدينة بركة السبع محافظة المنوفية - وترجع اصول عائلته الي محافظة الشرقية فجده الأكبر قنديل خليل كان عمدة قرية المحمودية مركز ههيا عام 1830م وما زال مركز ثقل عائلته هناك. ترعرع مراهقاً، كان يقوم برحلة صيفيّة سنويّة على مركب «ديك»، حيث كان والده يدسّ في جيبه 50 جنيهاً استرلينياً ويصطحبه إلى اليخت الصغير، قائلاً له: «لا تعد قبل شهر يا بني». على المركب، تنقل الشاب بين أجمل عواصم أوروبا. لم يُحرم من ممارسة أيّ هواية، وحين كان يسمع عن مساوئ الشيوعيّة، كان والده يحرّضه قائلاً إنّ الشيوعيّة هي العدالة الاجتماعية. في الكشّافة، كان المشرف يعلمّه عن الأديان المختلفة، ويصطحبه في جولات طويلة إلى الصحراء. بعد ثلاثة أعوام من دراسة الطبّ، قرّر أن يعمل في الصحافة. هكذا، انضمّ إلى مجلة آخر ساعة بناءً على طلب الصحافي الكبير مصطفى أمين، وبدأ صحافياً ينشر رسائل القراء بـ 15 جنيهاً في الشهر عام 1951

تزوج ثلاث مرات، ورفيقة دربه منذ عام 1992 هي الفنانة نجلاء فتحي، ولم ينجب أطفالاً ويقول إنّ الأمر لا يشغله كثيراً. أمّا النساء الثلاث اللواتي عبرن حياته، فكلهن جميلات في نظره، ولكل واحدة خصوصية أحبها، وسنوات جميلة قضاها معها.

حياته المهنية لم تكن بالسهلة ودائما ما كانت مليئة بالصعوبات الى درجة المنع والوقف. منذ اللحظة الاولى له فى التليفزيون العربى- هكذا كان اسمه عند انطلاقه فى يوليو 1960- فلم تمر شهور قليلة على بدء الارسال حتى طلب منه رئيس تحرير الأخبار بهى الدين نصر أن أقرأ لأول مرة نشرة أخبار التاسعة الرئيسي، ولما حاول التملص أبلغه أن هذه أوامر،  وزير الاعلام وقتها ورئيس التليفزيون «الدكتور عبد القادر حاتم ".  قال حاتم للمسئوليين وقتها : خلوا الجدع السورى ده يقرا لنا النشرة الليلة دى»، وضحك. بان عبدالقادر حاتم يعرف العاملين جميعا واحدا واحدا، إذ لم يكن عدد العاملين  فى التليفزيون لا يزيد عن ٦٠٠ ، وعن هذه الواقعه يحكى الأستاذ حمدى" كان الدكتور  يظن أننى سورى ربما لأن أحدا أبلغه أننى كنت أعمل بالصحافة فى سوريا قبل التحاقى بالتليفزيون. كان من المقرر أن يقرأ أنور المشرى تلك النشرة، وكانت أوراقها بالفعل فى يده عندما أبلغوه أن يتخلى عنها ، لم يغضب، طلب منى أن أقرأ النشرة أمامه قبل أن أقرأها على الهواء حتى يطمأن من إلقائى.

عندما بدأ حمدى قنديل فى  تقديم برنامج «أقوال الصحف» فى سبتمبر ١٩٦١- لم يكن عمره قد تجاوز عمره 26 عاما- تعرض للمنع والوقف. فالبرنامج قد توقف

بعد الحلقة الخامسة، قال له رئيس تحرير الأخبار: «الوزير بيقول لك استريح شوية». كانت هذه هى الشفرة حين ذلك الحين للإعراب عن غضب السلطة، بعدها علم أن سبب الغضب هو أنه  أورد خبرا عن الرئيس عبدالناصر فى نهاية البرنامج وليس فى بدايته.

كان جريئا – كعادته- ذهب إلى مكتب الرئيس فى منشية البكرى، وطلب مقابلة سامى شرف سكرتير الرئيس للمعلومات، قال له: «يا سامى بك، أريد أن أعرف من الرئيس شخصيا إذا كان اعترض على إذاعة خبر عنه فى نهاية برنامج»، وحكي له  الحكاية، ضحك سامى شرف وطلب منه الانتظار فى استراحة مكتبه. بعد قليل ناداه ثانية، وقال: «الريس بيقول لك خد الجرايد وروح على الأستوديو بتاعك على طول من غير ما تكلم حد».

أما حكايته مع كوكب الشرق أم كلثوم فقد حكاه لىى . ففى عام ١٩٦٢ عندما طلب منه التليفزيون فى اللحظات الأخيرة تقديم  حفل نادى ضباط الجيش بالزمالك مساء ٢٦ يوليو احتفالا بالذكرى السنوية لطرد الملك وبتأميم القناه، بعدما تغيب عن الحفل مقدمه  الأصلى. عندما وصل، علم أن مهمته ستقتصر على تقديم أم كلثوم، "وجدت

أن الأمر لا يحتاج إلى عناء، وصعدت إالى خشبة المسرح فوجدت أمامى على بعد أمتار جمال عبدالناصر جالسا فى الصدارة ومن حوله أعضاء مجلس قيادة الثورة. انتابته رعشة خفيفة. لم يتمالك نفسه ولكنه بعد ثوان من الصمت لم يجد سوى جملة واحدة نطق بها":«أيها السادة، إليكم أم كلثوم»، وغادر مسرعا، فوجد أم كلثوم تعترض طريقه فى طريقها الى خشبة المسرح، فاستوقفته وقالت له: «ده كل اللى ربنا فتح بيه عليك؟».

طريق الأشواك بدأ مع برنامج " رئيس التحرير" فى التليفزيون المصرى وكان أشهر برنامج على قناة عربية ربما كان اشهر برنامج فى تاريخ التليفزيون المصرى لكنه توقف بعد أن استشعر النظام وقتها قوة معارضته خاصة بعد هجومه الشديد على تخاذل وضعف الحكومات العربية فى انتفاضة 2003  وهجومه الدائم على الكيان الصهيونى.. فهاجر الى الامارات ليقدم " قلم رصاص" لكن البرنامج توقف ايضا أو تم ايقافه لأسباب سياسية وقبلها كان منعه من قناة دريم. وانتقل الى قناة الليبية لمواصلة تقديم برنامجه وبسببه تم تأميم القناة وتم ايقاف البرنامج

الموقف الانسانى الذى يحكيه حمدى قنديل هو قصة ارتباطه بالفنانة نجلاء فتحى حيث روى الإعلامى الكبير تفاصيل تعرفه على زوجته التى فاجأته بطلبها الزواج منه على عكس العادات والتقاليد المتعارف عليها، حيث إنه قابلها للمرة الأولى أثناء إجرائه لحوار صحفى معها فى منزل شقيقتها بالدقى".

وأضاف أنه ورغم أنه كان خائفا من ألا يجد موضوعاً مناسبا يتحدث فيه معها، إلا أن مخاوفه تلاشت بعدما لمس مدى تواضعها وبساطتها فى ملابسها وتلقائيتها، فكانت لا تمت بصلة للصورة النمطية للنجمة السينمائية التى كانت فى ذهنه، وذلك حسب وصفه، وحكى قنديل عن أول انطباعاته عنها، بأنها ليست شاطرة فقط، لكنها ذكية ومرحة وذات شخصية قوية، وستضفى على حياته بهجة لم يعرفها من قبل، كما أبهره نهجها اليسارى رغم أن الرئيس جمال عبد الناصر أمم أرض والدها حسين بك فتحى الذى كان من أعيان الفيوم.

وبعد تعدد اللقاءات بينهما، اتصلت به نجلاء فى إحدى المرات وحكت له عن يومها فى النادى وأنها مارست رياضة المشى أكثر من اللازم لوجود موضوع مهم يشغل تفكيرها، وعندما سألها قنديل عن هذا الأمر الهام، فاجأته قائلة: "أنا هتجوزك النهاردة"، ومن شدة توتره أخذ يردد "عظيم عظيم" دون أن يدرى ما الذى يقوله، ثم سألته نجلاء: "أليس معك بطاقة شخصية؟"، ورغم أنه لم يستخرج بطاقة شخصية فى ذلك الوقت، طلبت منه نجلاء أن يحضر إلى منزلها فى الخامسة بعد الظهر ومعه جواز السفر، ثم اختتمت حديثها بقولها "موافق أم سترجع فى كلامك"، فرد عليها بلا تردد "موافق أكيد"، ولم يخف قنديل انبهاره بجرأتها فى أسلوبها فى عرض الزواج لذلك سألها فور وصوله إلى المنزل: "ألم تفكرى فى الحال الذى ستكونين عليه لو كنت ماطلت فى القبول؟".

فردت عليه نجلاء: "فكرت بالطبع، لكنك تعلم أننا لسنا فى قصة غرام مشتعل وكلانا لنا تجارب فى الزواج من قبل، وما بيننا هو إعجاب شديد"، وتابعت: "لن أحزن كثيرا عليك إذا رفضت لأنك حينها لن تستحق ثقتى فى رجاحة عقلك، وبالتالى لن تكون الزوج المناسب لى"،

ورغم روايته لتفاصيل زواجها إلا أن حمدى قنديل اعترف بأنه ظلم زوجته الفنانة المصرية نجلاء فتحى ولم يوفها حقها بسرد دورها فى حياته ضمن الكتاب، حيث قال فى أحد لقاءاته التليفزيونية إنه لم يعط زوجته حقها ولم يكشف عن الدور الكبير الذى صنعته فى حياته وفى نجاحاته منذ زواجه منها، مشيراً إلى أنه سيحاول أن ينصفها فى كتاب جديد.

تاريخه الاعلامى اختلط بالسياسى أيضا فهو  شاهد على الثورات العربية فى مصر واليمن والعراق وسوريا والجزائر .

الكلام عن حمدى قنديل كثير  وكثير جدا.. فهو شاهد على العصر الحديث والمعاصر منذ ثورة يوليو الى ثورتى يناير  ويونيو.

اشتقنا اليه كثيرا ..سواء اتفقنا معه أو اتفقنا .. فلن تهزمه معركته مع المرض وهو الذى انتصر فى معارك كثيرة جدا.. وننتظره ليعيش معنا حياته الثالثة..   

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق