مي عز الدين في مواجهه مصطفى محمود

الإثنين، 30 أكتوبر 2017 01:37 م
مي عز الدين في مواجهه مصطفى محمود
عبد الحليم محمود يكتب

نصحني صديقي الصحافي المحترف بالبحث في خدمة جوجل تريندز Google trends وهي خدمة يمكن من خلالها معرفة أكثر الكلمات بحثًا بمحرك البحث جوجل ومن ثم أستطيع معرفة أكثر الموضوعات اهتمامًا من قبل الرأي العام في أي مكان في العالم وبسهولة يمكنني اختيار موضوع مقالي الأسبوعي وبدافع من الفضول دخلت صفحة جوجل تريندز وكانت نتيجة البحث سريعة ومذهلة فإذا برقصة الفنانة مي عز الدين في حفل زفاف صديقتها هي الأكثر بحثا في جوجل يليها اغنيه بحبك يا صاحبي ثم اغنيه بحبك يا حمار وبما اني لا أجيد الرقص وليس لدي مشكله مع أصحابي ومتعاطف مع الحمار لذا طويت صفحه جوجل الفسيحة وانتقلت إلى صفحه عقلي فبدا لي أن ينابيع الأفكار قد جفت وأخذت أفكر ماذا سأكتب في صفحتي البيضاء وهل ستتعطر بقلم القيم أم سوف أخدشها بقلم جف مداده.

وقلت لنفسي ما هو دور الفن في تشكيل الوعي المجتمعي؟ وهل الفنان حر حرية مطلقة؟ وفي تلك اللحظة وعلى غير انتظار راودتني مقولة الدكتور مصطفي محمود "إن الفن أحد المواهب التي يتميز بها الإنسان و هو تجلي أحكام الأسماء الحسنى الإلهية (الخالق البديع الحكيم العليم) في النفس الإنسانية التي جعلها الله بحكم كرمه قابلة لعطاء الحكمة والعلم والخلق والإبداع فكما تجلي (السميع) في سمع الإنسان و(البصير) في بصره كذلك تجلي (البديع ) في إبداعه.

 والفنون هي عطايا الله ونعمه لكن الإنسان ولد حرًا ومختارًا وخطاء ومتمردًا لم يوظف تلك المهارة دائما في الخير وإنما انحرف بها أحيانا إلى الهوى والغرض فالفن الذي يربي العواطف رأيناه في أكثر أفلام السينما يلعب بالعواطف ويلهو بالعقول والموسيقي التي ترتفع بنا الي أفاق الجمال والتأمل رأيناها تهبط بنا الي حركات النسانيس.

ولأن الفن يدخل إلينا خلسة عبر "جوجل" ويتسلل إلينا في غرف النوم فقد تحول إلى وسيلة جهنمية في تشكيل الأجيال وتربيتها أو غسيل مخها وإتلافه وبهذا أصبح الفنان قادرًا على أن يضيع أمة أو يميتها أو يقتلها وقادرًا علي أن يحييها ويبعثها , والفن السالب يدخل عند الله في باب الذنب وإن كان في قاموس الدنيا يدخل في باب الحسنات ويدخل أصحابه من باب العظماء , ومقايس الدنيا تخطئ أحيانا و تتغير دائمًا في جميع الأحوال.

فكم من ملايين المشيعين ساروا يبكون خلف جنازة ستالين وكم كتاب مجده وكم مقالة عظمته وكم تمثال ارتفع له وكم عملة ذهبية صكت باسمه ثم تغيرت المقاييس فأصبح المًجد ملعونًا والعظيم مطرودًا ولا ندري ماذا سيجري غدًا في العالم الذي يتغير فيه كل شيء ولآن الفن سلاح قاتل فلا يصح أن يكون حرًا حرية مطلقة وحرية الفن دعوى غير صحيحة فالفنان حر مسئول محاسب وكحامل سلاح يمكن أن تسحب منه رخصة استعماله إذا أسيئ هذا الاستعمال وإذا كان الفنان في حاجة إلى إن نحميه فالجمهور والقارئ والمشاهد وهم بالملايين لهم هم حق الحماية من الإسفاف وان هناك مقياس لا يخطئ ولا يخيب لكل أعمال الإنسان فنية كانت أم فكرية أو فلسفية أو سياسية أو اجتماعية تتلخص في قوله تعالي "فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض.

 ويصادف في نفسي هوى عبارة صديقي المستشار مصطفي لطفي بقوله "إن رائعة فيلم أسد الصحراء الذي أُطلق عليه في نسخته العربية اسم "عمر المختار " للكاتب هاري كريج وبطولة الفنان الأمريكي أنتوني كوين الذي قام بأداء دور المجاهد عمر المختار يُعد تجسيد حقيقي لشخصية مجاهد عربي من ممثل أمريكي وعمل عظيم يضاف إلى السينما العالمية حيث نشعر في كل مرة نشاهده أننا أمام عمر المختار الحقيقي بمقولته الرائعة  "نحن لا نستسلم.. ننتصر أو نموت " آنذاك دارت برأسي ذكرى من ذكريات الطفولة حينما رأيت دموع أمي الغالية وهي تسيل إزاء مشهد شنق عمر المختار ونطقه الشهادتين ومكثت فترة من الزمن أعتقد أن أنتوني كوين هو عمر المختار لصدق المشاعر ونبل الحوار واحترام عقلية المشاهد وآمنت أن كل ما يخدم الحقيقة والفضيلة هو عالمي وانساني حتي وإن اختلفنا معه في الهدف وأن حياة الفن الراقي أطول من حياة شانقيه.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة