وعد بلفور.. 100 عام على زرع السرطان في قلب الوطن العربي

الخميس، 02 نوفمبر 2017 04:00 م
وعد بلفور.. 100 عام على زرع السرطان في قلب الوطن العربي
بلفور
هناء قنديل

مرت المنطقة العربية على مدار تاريخها الممتد، بالكثير من المتغيرات، والأزمات التي كان لها أثر كبير على التركيبة الجغرافية، والاجتماعية لدول المنطقة، التي كانت ذات يوم كيانا واحدا، أشرقت شمس القرن الـ20، وهو يتصدر النصف الشرقي من الكرة الأرضية، قوة واتساعا.

ورغم تراجع نفوذ السلطة الحاكمة للمنطقة العربية، خلال العقد الأول من القرن الماضي، ما أدى إلى سلسلة من الهجمات الاستعمارية، انتهت بتفكك المساحة الشاسعة إلى دول مختلفة، فإن كل ذلك لا يمثل شيئا أمام الكارثة التي حلت بالمنطقة، في صباح الثاني مثل هذا اليوم قبل قرن كامل، وتحديدا، 2 ـ نوفمبر 1917، عندما أطلق وزير الخارجية البريطاني، آرثر جيمس بلفور، وعده الخائن إلى اليهودي يونيل روتشيلد، بأن تعمل حكومة المملكة المتحدة، على إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين!!

ومنذ صدور هذا الوعد ممن لا يملك إلى من لا يستحق، تغير وجه الحياة بالمنطقة العربية، ولم يكتف الاستعمار، بتفتيت الإرث العثماني إلى دول متنازعة على حدود مختلطة، لم تكن يوما تقف بينها أي حواجز، وإنما قرر أن يزرع سرطانا في قلب الأمة العربية؛ هو دولة إسرائيل، غير عابئ بتهجير، وقتل عشرات الملايين من أبناء العرب في حروب طاحنة، تعمد فيها الغرب تقديم دعم قوي لعصابات مجرمة؛ لينتهي الأمر إلى دولة محتلة، وشعب طريد لا يجد أذنا تسمع لقضيته العادلة.

وعلى مدار الـ100 سنة الفائتة، نزف الجسد العربي، الكثير والكثير من الدماء، والأموال، في محاولات متتالية، إما لصد العدوان اليهودي على أرض فلسطين، أو لوقف الأطماع الصهيونية في نهب المزيد من الأراضي العربية، أو لإنقاذ الشعب الفلسطيني من براثن آلة القتل الهمجية لإسرائيل، والمدعمومة عالميا، في مؤامرة ما زالت تدور أحداثها إلى اليوم.

ولم تتوقف خسائر العرب، منذ إطلاق هذا الوعد التآمري المشؤوم، على خسارة جزء من الأرض العربية، وتشريد شعب عربي بأكمله، ولا على وقوع جانب مهم من المقدسات الإسلامية، والمسيحية في براثن الصهيونية اليهودية، وإنما امتد لخسائر سياسية، واقتصادية فادحة أخرى. 

وتسبب وعد بلفور في تشريد نحو 8 ملايين فلسطيني، وتحويلهم إلى لاجئين، فضلا عن مقتل واعتقال نحو مليون آخرين، في مواجهات قمعية شنتها قوات الاحتلال على مدار السنوات الماضية.

 وأدى وعد بلفور إلى اندلاع سلسلة من الحروب على الأرض العربية، كبدت دولها، وفي مقدمتها مصر، وسوريا، عشرات الآلاف من القتلى والمصابين، وكذلك أدى إلى نزيف مالي هائل، خسرت خلاله الدول العربية، وبخاصة دول المواجهة مصر، وسوريا، والأردن، ولبنان، مئات المليارات من الدولارات.

أما الخسارة الأشد وطأة، فهو الفشل السياسي الذريع في إيجاد مخرج ينهي هذه الأزمة، والسماح باستمرارها على مدار تلك المدة، دون أفق للحل، أو بادرة تنبئ بقرب انتهائها، بل ومع مزيد من النفوذ، والسيطرة اليهودية على الأراضي العربية، وسط توقعات بمزيد من الخسائر القريبة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق