في جامعة القاهرة.. وثيقة التنوير تخترق حاجز الصمت

السبت، 04 نوفمبر 2017 01:43 م
في جامعة القاهرة.. وثيقة التنوير تخترق حاجز الصمت
د. هدى درويش* تكتب

العالم الإسلامي وعلى الأقل الغالبية العظمى منه حسم خياره لجهة التعايش والتآلف والقبول في نسيج واحد ، وتعامل مع العالم الخارجي بقبول وموضوعية ..

لكن.. قبل هذا التصالح لابد وأن تأتي المصارحة مسبقاً حيث يثور جدلاً في العالم العربي الآن حول قضية التنوير وضرورة تفعيلها.

ويجدر بي في البداية أن أشير وأشيد بجامعة القاهرة ممثلة في رئيسها الحالي أ.د محمد عثمان الخشت الذي اخترق حاجز الصمت عن هذا الموضوع معلناً وثيقة رائدة حول التنوير والحداثة والعقلانية. ونحن إذ نثمن ونقدر هذا الجهد المطلوب في المرحلة الراهنة كضرورة قصوى للتطوير والتعليم والتثقيف لفئات كثر من مختلف الشخصيات والأفراد ذات الاتجاهات المتباينة.

وحتى لا نكون في حوار ذاتي مع بعضنا البعض، فإنه يجب طرح السؤال التالي: كيف يمكن تفكيك صدام الغرب الأوربي وتحدياته للعالم الإسلامي؟

واسمحوا لي أيها القراء الأعزاء أن أحيلكم إلى ثلاثة كتب رئيسية في هذا الصدد:

الأول: كتاب الغارة على العالم الإسلامي.. لـ. الفريد لو شاتلييه، والثاني هو: أبيدو الإسلام.. دمروا أهله..  لجلال العالم، والثالث: هو صدام الحضارات ونهاية العالم لصموئيل هنجنتون، ويضاف إليها تراث ضخم من كتابات المستشرقين والتي تتناول هذا الأمر.

ومع الأخذ في الاعتبار بوجود كتابات كثيرة تتناول الاستنارة والتنوير، إلا أن سياسات الغرب وما نراه على أرض الواقع ما زالت تطبق منظومة الصراع في مطالبة الدين باستلهام الحداثة وتلك معارك محكوم عليها بالفشل منذ زمن بعيد.

إن قضيتنا المركزية الآن هو أن يتجه التنوير إلى تأسيس شبكة علاقات قوية بالخارج تعني بالثقافة وحوار الأديان، واستنفار النخبة المستنيرة نحو وضع أسس وقواعد جديدة تبتعد عن مصطلحات ونظريات فكرية ثبت فشلها الأيدلوجي والأخلاقي في قيادة البشرية وتعزيز ثقافة السلام كالعلمانية والليبرالية والاشتراكية.

إنه طريق طويل وشاق، وفيه من العمل الدؤوب قدر ما فيه من تأمين عبور آمن نحو ثقافة تنويرية حقيقية، لا تتغلب فيها حضارة على أخرى، ولا لدين على آخر، ولا لقومية على أخرى.

وحتى يكون المشروع التنويري محققًا لنتائج مثمرة وإيجابية فإنه يجب أن يشتمل على:

1- تعميم مفهوم؛ أن التنوير ليس المقصود منه العرب أو المسلمين أو المصريين فقط بل يشمل الإنسانية كلها، إنسانية عابرة للحضارات.

2- إن الإسلام يحترم العقل والتفكير والتدبر وينادي بالتطوير والنهضوية، ولا يركن للقصص والتراث إلا من قبيل العظة والعبرة والبيان.

3- ليس الهدف من التنوير هزيمة الأصولية والسلفية باعتبارها مراكزللتطرف والعنف، وهو ما يقزم الغرض منه، بل هو مشروع متكامل، ومنظومة قيم اجتماعية في السياسة والاقتصاد والمجتمع والعلاقات الدولية.

4- إن التنوير ليس قضية تختص بها العلوم الإنسانية أو الدين فحسب، بل عمل متكامل يشمل جميع التخصصات.

5- ضرورة الاهتمام بالتوسع نحو شمول مشروع التنوير نخب علمية من أهل الاختصاص التطبيقي (في الطب- الهندسة- الكيمياء- الفيزياء- الزراعة- الصناعة) باعتبار أنهم عماد كل تطور وأساس كل نهضة وجوهر كل تحديث.

إننا جميعا كأفراد ودول وأمم نحتاج إلى رأب الصدع، وفض الخلاف، وإرساء قيم حقيقية من رحم المعاناة التي نعيشها، والخروج من مأزق الضيق الذي يجب أن نجتازه. والله الموفق والمستعان.

                                                                                                                  *د. هدى درويش، أستاذ الأديان بجامعة الزقازيق

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق