شفيق يا راجل.. النرجسية تضيع أحلام "الفريق النائم"

الأحد، 05 نوفمبر 2017 09:30 ص
شفيق يا راجل.. النرجسية تضيع أحلام "الفريق النائم"
أحمد شفيق
أمل غريب

لم يُعرف عن الفريق أحمد شفيق فى يوما ما أنه شخص انتهازي، بل عرف عنه وطنيته وتحمله المسؤولية، والتى وضحت بعد قرار الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك بإقالة حكومة أحمد نظيف، وتعينه رئيسا للوزراء فى 29 يناير 2011، وهى المسؤولية التى تهرب منها قامات كبيرة فى الدولة، خشية المحاسبة فى ظل اشتعال ثورة 25 يناير.

فى 29 يناير 2011، تولى الفريق أحمد شفيق، منصب رئيس الوزراء، واستمرت حكومته 33 يوما، وقبل قبول استقالته في 3 مارس 2011، أجرى الفريق شفيق لقاء تليفزيونيا مع قناة BBC الدولية تحدث خلاله عن "جمعة الرحيل" التى طالب فيها المتظاهرين فى ميدان التحرير برحيل مبارك عن الحكم، ووصف الوضع فى هذا اليوم بأنه كان يوما عاديا، وأن حكومته كانت تعرف كل ما يجرى داخل ميدان التحرير بل وأن اتصالته الداخلية بالفصائل السياسية المختلفة داخل الميدان، كانت تعطيه المؤشرات لتحسس ما سيحدث وتتوقعه.

ظهر الفريق شفيق خلال لقاءه مع BBC واثقا من نفسه وممسكا بزمام الأمور، وتحدث بثقة كبيرة عن قدرته على "فتح" ميدان التحرير أمام حركة المرور بنسبة 100%، وإعادة فتح المحال التجارية المحيطة بالميدان ولن يعترض المتظاهرين، لكن نرجسية الفريق أحمد شفيق التى تحدث بها، أوقعت بينه وبين المتظاهرين، بعد تصريحه أنه سيترك المتظاهرين فى الميدان وقال "هوزع عليهم فطار وبونبونى وحاجات حلوة، وهعتبرهم فى الهايد بارك"، كما تجاهل الفريق شفيق تقديرات وسائل الإعلام لأعداد للمتظاهرين فى ميدان التحرير، والتى حددها محاور القناة بمئات الآلاف، إلا أن شفيق أعتبرها أعداد بسيطة بالنسبة لعدد المصريين الذى كان 85 مليون نسمة.

فى صبيحة لقاء الفريق أحمد شفيق مع قناة BBC، هجم العشرات من البلطجية التابعين لمؤيدى مبارك على ميدان التحرير، واعتدوا على المتظاهرين بالعصى والحجارة وقنابل الملوتوف، واقتحموا الميدان بعشرات الخيول والجمال، فسقط عشرات من القتلى والجرحى والمصابين، وتجددت الاشتباكات مرة أخرى في اليوم التالي 3 فبراير بين البلطجية والمتظاهرين، وكانت بالطبع أصابع الإتهام تشير إلى تورط الفريق أحمد شفيق فيما عرف إعلاميا بأسم "موقعة الجمل"، وأمتلأت الميادين مرة أخرى للمطالبة بإقالة شفيق وحكومته، وخرجت المسيرات المطالبة برحيله، وقبِلها المجلس العسكرى فى 3 مارس 2011.

بعد أحداث موقعة الجمل، تصاعدت الأحداث السياسية، ووقعت أحداث محمد محمود ومجلس الوزراء، ومجزرة استاد بورسعيد، فبدأت الأصوات المنادية بضرورة إجراء تعديلات دستورية وإجراء انتخابات مجلس الشعب، وانتخاب رئيس للجمهورية، لوقف نزيف الفوضى التى ضربت كل مؤسسات الدولة، وسطى الإخوان المسلمين على مقاعد مجلس الشعب وبدأوا تجهيز مرشحيهم للانتخابات الرئاسية.

ظل الفريق أحمد شفيق، قِبلة لوسائل الإعلام لفترة ليست قصيرة، وتسابقت القنوات الفضائية لإجراء أحاديث مع الرجل الذى كان قريبا من الأحداث، وأجرى لقاء مع الإعلامى حافظ المرازى أذاعته قناة العربية الإخبارية فى 28 مايو 2012، وكان حوارا دسما، وكان من بين الأسئلة التى طرحها الميرازى على الفريق شفيق، حول الأصوات الداعية له للترشح للانتخابات الرئاسية وهل سيقبل بالترشح أم لا ؟.

تفاجأ الفريق أحمد شفيق بسؤال الميرازى، ولأول مرة يخرج الرجل عن نرجسيته، وكان رده على سؤال الميرازى حاسما من مسألة ترشحه للانتخابات الرئاسية وأن حالته الصحية وكبر سنه لا يسمحا له بخوض الانتخابات وتحمل مسؤلية منصب كبير بهذا الحكم وهذا القدر من المسؤليات، وقال "أتخيل أنى لم أعد فى سن أرى أنه مناسب لى الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، وعندما أستعرض الساحة أجد أن هناك ناس أفضل منى لخوضها "، فقاطعه الميرازى قائلا " تقصد السيد عمر سليمان والسيد عمرو موسى، وأن كلهم فى السبعينات، ما يعنى أنهم أكبر منك سنا.. إذا أنت تقول لهم أنه من الأفضل الا تسعوا كذلك للانتخابات الرئاسية؟"، فقاطعه شفيق وقال " أنا مقولش لحد أنا بذكر نفسى أولهم، لأن مسألة السن والكبر والصغر دى بتبقى رؤية شخصية من شخص للتانى، لكن عن نفسى سنى لا يسمح ولا صحتى".

بعد حديث الفريق أحمد شفيق مع قناة العربية بأيام قليلة، دشن البعض حملة لمطالبة الفريق أحمد شفيق لخوض الانتخابات الرئاسية، وجلس القائمين على الحملة مع شفيق وأستطاعوا إقناعه بالعدول عن رأيه السابق بعدم تفكيره فى خوض الانتخابات لظروفه الصحية والسنية، وأشتعلت الفكرة فى رأسه، وسريعا ما أقتنع الرجل، وقرر خوض الانتخابات وكان واحدا من 13 مرشح رئاسى، وتقدم بأوراق ترشحه.

خلال الفترة التى سبقت الانتخابات الرئاسية، تسابقت القنوات الفضائية مرة أخرى لإجراء لقاءات مع المرشحين الرئاسيين، وأجرت قناة المحور الفريق أحمد شفيق لقاء تليفزيونيا مع الإعلامى معتز الدمرداش، للحديث عن برنامجه الانتخابى.

هذه المرة تخلى الفريق شفيق عن نرجسيته، وظهر فى الحلقة غير متزن ولسانه ثقيل يجاهد للإجابة على أسئلة الحوار، ولم تخرج إجاباته مفهومة وكأنه نائم، وفى سقطة من مخرج البرنامج، أخطأت الكاميرا فى تصوير الفريق شفيق، وظهر فى إحدى اللقطات يقاوم النوم، فلم تكن صحة الرجل بالقدر الكافى الذى يمكنه لبذل كل هذا المجهود الخرافى، فى الظهور فى البرامج الحوارية والسفر للمحافظات وحضور المؤتمرات الشعبية، وهو بلغ من العمر أرذله.

وجه معتز الدمرداش سؤالا للفريق شفيق، حول توجيهه ملاحظات على ضرورة عودة الجماهير للمدرجات مرة أخرى، على الرغم من أن فرق الأولتراس لا تؤيده فى الانتخابات الرئاسية وتتظاهر ضده فى ميدان التحرير، وأجابه قائلا " أه قولت كدا وأيه الملاحظات يعنى..ميهمنيش أنهم يؤيدونى هيجى اليوم اللى يفهمونى فيه، وبعدين أنت لو حاولت تحرك كل الفصائل علشان يحبوك هتتحول لكراهية!!، فكانت إجابته غير متزنة وغير مفهومة وكان يحاول بشتى الطرق التركيز، ووجه له الدمرداش، سؤالا حول ماذا يقول للمصرين قبل أيام قليلة من إنطلاق موعد الانتخابات الرئاسية، أجابه : "عايز أقول للناس علينا أن نعمل على قلب رجل واحد، لأن دى طبيعة شعوب الوديان، وأحنا ربنا حبانا بجو جميل وقناة السويس، والطيارات بتاخد البراندات توديها اندونسيا اللى جوها اسوء مننا وبعدين الصين وماليزيا، إحنا عندنا نقص مصداقية فى نظام الحكم المصرى"، وكانت إجاباته الغير مفهومة سببا فى إنهاء الدمرداش الحلقة سريعا.

انتهت الانتخابات الرئاسية، وخسر الفريق شفيق جولته الثانية أمام المرشح الإخوانى محمد مرسى، وانتشرت شائعات حول هروبه إلى الإمارات، وأختفى عن أعين الإعلام، إلا أنه خص الإعلامى معتز الدمرداش بحوار تليفزيونى أذاعته قناة الحياة، ودار اللقاء حول تجربته الانتخابية والمشكلات التى واجهها، وسأله الدمرداش "مفكرتش تنزل مصر لتخرس الألسنة؟".

لم يستطع الفريق أحمد شفيق الإجابة على السؤال، وأجابه " أنا هنزل مصر فى وقت اللى أنا... بص مفيش كلام إن أنا أحد البدائل أنى أنزل مصر.. هناك قاطرة تسير وفى حاجة كدا موقفاها ولما الحاجة دى تعمل كدا الطبيعى إن القاطرة تتحرك".

كبر الرجل وبلغ من العمر أرذله، ولم يعد قادرا على تحمل المسؤولية الثقيلة التى وضعت على أكتاف مصر على مدار سبع سنوات، إلا أنه لا يزال مصرا أنه لديه ما يقدمه لدولة قوامها 60% شباب، وتحارب الإرهاب والفقر والجهل والمرض، وهناك من يحاولوا إقناعه أن مصر فى انتظاره.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق