مع اقتراب ذكراه: (ما الذى جمع بين القرضاوى – عزمى بشارة - برنار ليفى فى الربيع العربى )؟!

الأحد، 05 نوفمبر 2017 01:00 م
مع اقتراب ذكراه:  (ما الذى جمع بين القرضاوى – عزمى بشارة - برنار ليفى فى الربيع العربى )؟!
د. رفعت سيد أحمد يكتب:

مع اقتراب شهر ديسمبر من كل عام نتذكر بداية ما يسمى بثورات الربيع العربى؛ حين اندلعت فى تونس، ثورة الياسمين (17/12/2010)، تلتها ثورة يناير فى مصر (25/1/2011)، وهما بالفعل مما يدخلها كاتب هذا المقال فى نطاق الثورات، أما ما تلاهما (وتحديدا فى سوريا وليبيا) فى عرفنا، هى مؤامرات كاملة الأركان، ركبها الغرب، وبعض الحلفاء له من التيارات الإسلامية كما بات معلوما الآن للجميع، فالدم، والوثائق، والحقائق على الأرض تشهد.
 
مع إطلالة الذكرى السادسة لهذا «الربيع»، نتذكر العديد من الوقائع التى تشابهت علينا؛ فى حينها إلى أن كشفت الأيام عن حقيقتها، وباتت واضحة فى دلالتها، ومغازيها.
***
من بين تلك «الوقائع»، بروز أسماء لشخصيات من المثقفين والدعاة، لعبت دورا وقتها فى مساندة هذا «الربيع»، وصاغته أمام الجمهور المضلل، على أنه ثورة لا يأتيها الباطل من بين يديها أو من خلفها، وازداد دورهم تأثيرا، حين استخدم وسائل إعلام مؤثرة (منها على سبيل المثال عربيا قناة الجزيرة !!) وساند هؤلاء أيضا روافع مهمة من (المال النفطى) إلى (التنظيم الدولى للإخوان) بأدواته السياسية، الاقتصادية، والإعلامية، إلى استخدام (مكة) والأماكن المقدسة والشيوخ المتواجدين بها ورمزيتهم لترويج الفتاوى وإكسابها شرعية مفقودة.
* الآن نتذكر مع إطلالة ذكرى هذا الربيع، الذى يصفه البعض الآن بـ(الربيع العبرى) بديلا عن (الربيع العربى) خاصة فى سوريا وليبيا؛ نتذكر شخصيات مهمة لعبت أدوارا فى هذا «الربيع»، والآن تكاد تختفى من على شاشة المشهد السياسى العربى والإسلامى العام، ربما لأنها قد كشفت وسقطت عنها ورقة التوت، التى كانت تغطى هذا الربيع الزائف، وربما لأنها قد أدت الدور المنوط بها والآن احترقت ولم يعد لها فائدة !!.
* مع إطلالة الذكرى السادسة نتذكر ثلاثة أسماء، لعبت دورا كل فى مجاله فى قيادة هذا «الربيع» ورغم ما قد يبدو من عدم وجود رابط بينهم إلا أننا، نرى غير ذلك، وهو ما سيتولى مقالنا هذا إثباته.. أما الثلاثة فهم [ المصرى (المسلم) الشيخ يوسف القرضاوى – الفلسطينى (المسيحى) د.عزمى بشارة – الفرنسى (اليهودى) برنار ليفى]. هؤلاء الثلاثة، ولن نتوقف كثيرا أمام دلالة ديانتهم (!!) وكما يعلم أغلب المتابعين، «للربيع» وثوراته؛ كانوا نجوما فى سمائه خلال السنوات الثلاث الأولى على الأقل، وكانت (الجزيرة) أحد أبرز الأبواق فى نقل أفكارهم، إلى الجماهير، والتنظيمات ولعب «المال» القطرى، والمساندة الشخصية من (حمد بن جاسم) وزير خارجية تلك الإمارة الصغيرة التى قادت هذا الربيع، عبر وسائل عدة، كان هؤلاء.. من بين أبرز أدواتها !!.
* ولكن.. السؤال الآن وبعد ست سنوات من اندلاع الأحداث واختفاء (حمد بن جاسم) ومن شابهه من (الممثلين السياسيين) من على مسرح الأحداث نسأل: ما الذى يجمع بين (القرضاوى وبشارة وليفى) لكى نضعهم فى مقام واحد ؟ وهو هنا مقام اتهام، بدور تخريبى للبلاد التى شهدت ذلك الربيع.. أما القاسم المشترك بين هؤلاء الثلاثة الذين اخترنا اليوم الحديث عنهم ؟ إننا نريد من خلال الإجابة أن نعيد تركيب مشهد الثورات المزعومة، تلك، وربيعها المُدعى، من جديد، لنفهم ما الذى حدث، ولماذا ؟ ونضئ ولو ضوءا بسيطا على إحدى الزوايا المعتمة فى صورة هذا «الربيع» وفى سبيلنا للإجابة دعونا نمحور الحديث حول النقاط التالية: 
***
أولاً: نظن – وليس كل الظن إثم – أن الذى جمع بين القرضاوى، وبشارة وليفى، لم يكن «الحب» فى الثورات، ولكن الدور، والوظيفة فى خدمة، قوى إقليمية ودولية للمساهمة عبر (الفتوى – يوسف القرضاوى) والتحليل الفلسفى القومى المغشوش (عزمى بشارة)، والتحريض الدموى الكاره لشعوب هذه المنطقة (برنار ليفى).. لقد كان الثلاثة بمثابة (جماعة وظيفية) تعمل فى خدمة من يدفع، ويدير ويحرك؛ وكان الذى يحرك هو ذلك الثالوث الجغرافى الممتد من واشنطن إلى الدوحة مرورا بتل أبيب!!.
***
ثانياً: ولكن.. من هم هؤلاء.. الأعضاء فى تلك الجماعة الوظيفية لتفكيك البلاد العربية المركزية.. والذين ربما فى غمرة القصف الإعلامى، لم نعد نعرف جذورهم، أو قُصد لنا ألا نعرف، أو ننسى تاريخهم وعملية إعدادهم وصناعتهم للدفع بهم فى «لحظة الربيع العربى»، من هم وهل ثمة أى بيانات عنهم، تسمح بأن ترشحهم للعب «الدور الوظيفى» التفكيكى فى المنطقة باسم الربيع العربى ؟! وخاصة أن هذا الدور كان يتطلب هكذا نشأة، وحياة، وفكر وتجربة عريضة، كل فى مجاله، ولا يلم ذلك كله إلا اللاعب الرئيسى، اللاعب بخيوطهم فهو الوحيد القادر على أن يحركهم لتحقيق الوظيفة.. وظيفة التفكيك والتخريب باسم الثورة والتركيع !!.
* من هم.. ؟!.
***
ثالثاً: تقول الحقائق ويحدثنا التاريخ إن أول أركان المثلث هو الشيخ يوسف عبدالله القرضاى ولد فى 9/9/1926 فى قرية صفط تراب مركز (المحلة الكبرى) محافظة الغربية بمصر، وأنه تخرج من كلية أصول الدين بجامعة الأزهر وحصل على شهادة (العالمية) مع إجازة التدريس بكلية اللغة العربية عام 1954 فى علوم القرآن والدكتوراه من كلية أصول الدين فى موضوع (الزكاة وأثرها فى حل المشاكل الاجتماعية) عام 1973 من نفس الكلية، وللقرضاوى قرابة الـ170 كتابا، والأهم فى قصة حياة الرجل أنه انضوى تحت لواء جماعة الإخوان مبكرا، وكان من أبرز مفكريها ودعاتها وألف واحد من أهم الكتب عنها وهو كتاب (الإخوان المسلمون سبعون عاما فى الدعوة والتربية والجهاد) ومع ثورة يناير 2011 فى مصر وركوب الإخوان لموجتها واندفاعاتها، دُفع بالقرضاوى للركوب معهم وليكون هو «المنظر» والشيخ المنتظر، فما كان منه إلا أن قام بدوره المطلوب، وأعلن أن الإخوان هم (الجماعة الإسلامية الوسطية المنشودة) وأنهم (أفضل مجموعات الشعب المصرى لسلوكهم وأخلاقياتهم وفكرهم وأكثرهم استقامة ونقاء) و(أن مشروعهم الذى هو مشروع حسن البنا هو المشروع السنى الذى يحتاج إلى تفعيل وإلى أن يقود الأمة)، ثم توالت فتاواه، وسلوكياته، إلى أن أحضره الإخوان إلى ميدان التحرير فى قلب القاهرة، ليقود الجماهير ويصلى بهم (الجمعة) فى إحدى المليونيات الشهيرة بعد تنحى حسنى مبارك عن الحكم فى 11/2/2011؛ وهنا بدأ الدور الذى من أجله خلقت (ظاهرة القرضاوى) الدينية / الإخوانية، واتضح أكثر فى الأزمة السورية ثم الليبية، والآن نتذكر، فتاواه الدامية التى أهدر فيها بكل بساطة وبدون شعور بالذنب أو بالخوف من الله؛ (دم القذافى وبشار) وضباط وجنود الجيش والشرطة المصرية خاصة بعد 30/6/2013.. هذا هو الدور بالضبط الذى خلقت من أجله (ظاهرة القرضاوى)، ودعمته فيه قناة «الجزيرة» وشبكات «التنظيم الدولى للإخوان».. دور التحريض، والتفكيك للدول وللجيوش المركزية باسم الثورة، باسم «الدين» و«الفتوى»، دور التبشير لحكم الإخوان المرضى عنه أمريكيا، دور الشرق الأوسط الأمريكى الجديد.. ذو اللحية، هنا تحديدا التقى الأضداد، أو ما قد يبدو على السطح أنهم أضداد، التقى يوسف القرضاوى مع رفيقيه (عزمى بشارة وبرنار ليفى) !!.
***
رابعاً: أما الثانى فى ثالوث التغيير والفوضى فاسمه عزمى انطون بشارة؛ ولد فى الناصرة فى 22/7/1956 قدم نفسه باعتباره مفكرا، وقبلها مناضلا، وأثناءها (عضو كنيست إسرائيلى)، ولا تناقض لديه أو لدى المعجبين به عربيا وعبريا، رغم أن التناقض شديد الوضوح إذ كيف تكون إسرائيليا عضو كنيست ومناضلا قوميا فى ذات الوقت ؟!
على أية حال.. تقول سطور سيرته، قبل الربيع، إن الرجل تم إعداده جيدا من قبل المحركين، أما كيف تمت (صناعته) وإعداده فإن الحقائق تقول إن الرجل تم تدشينه كمناضل وهو فى المدرسة الثانوية حين تولى رئاسة اتحاد الطلاب الثانويين العرب الذى أسسه عام 1974 ثم التحق دارسا بجامعة حيفا ثم الجامعة العبرية ثم غادر إلى ألمانيا عام 1980 ليدرس الفلسفة من جامعة هومبوليت فى برلين، ويحصل لاحقا على درجة الدكتوراه، ثم عاد لفلسطين ليقود حزب التجمع الوطنى الديمقراطى، ويدخل الكنيست الإسرائيلى عضوا معترفا بالكيان الصهيونى، عدة دورات ابتداء من عام 1996 ثم تفتعل الأجهزة الصهيونية معه عدة معارك وهمية منها ادعاء دعمه لحزب الله، ولسوريا، ليتم (ادعاء) طرده خارج الكيان الصهيونى ليذهب إلى سوريا، وإلى حزب الله ليستقبله الجميع، خاصة الرئيس بشار الأسد بترحاب، ودعم كاملين، فاق كل وصف وتدريجيا يتغلغل (الفتى) ابن الكنيست فى أوساط النخبة العربية البيروتية، والسورية وأحيانا (العربية) ولأنه يتمتع بدهاء وذكاء فطرى فلقد أمكن له أن ينسج علاقات، ويخترق مراكز أبحاث وصحف ومؤسسات وجمعيات لبنانية عريقة عديدة، ولما لا ؟ فالرجل قُدم للجميع باعتباره مناضلا قوميا، تطارده إسرائيل، فى أرجاء الدنيا، ولقد التقاه (كاتب هذه السطور) عدة مرات فى عدة فعاليات قومية مهمة؛ وأزعم أنه خدعنى ولم اكتشف مثل غيرى حقيقته، إلى أن جاء الربيع العربى، ليساعدنا – مشكورا – فى إظهار حقيقة عزمى بشارة الإسرائيلية بامتياز، حقيقة الدور الفكرى والفلسفى والإعلامى الداعم بل والصانع -أحيانا- لمشروع تفكيك سوريا وليبيا (ومصر) لولا أن الله قد وقف بجانب الأخيرة – مصر- حين قامت ثورة 30 يونيو 2013، فأحُبط مشروع عزمى ومشاريع آخرين مثله، المهم فى الأمر أن عزمى بشارة الذى التقطته (قطر) و(واشنطن) لاحقا مع إطلالة ثورة الياسمين فى تونس (ديسمبر 2010) ليساهم فى خلط الأوراق وليُنظّر لكل الفوضى فى المنطقة، باعتبارها ثورة؛ وأسس له (حمد بن جاسم) مركزا للدراسات وصحيفة يومية، وإطلالات ثابتة عبر قناة الجزيرة، وليشترك مع القرضاوى فى فتاوى - هذه المرة علمانية وفلسفية وترتدى مسوح الناصرية للأسف – ضد سوريا وليبيا.. بعد أن فشل مع الحالة المصرية، وتدريجيا -أيضا- تتحول الثورات إلى دمار ودماء، وتدريجيا -وإن كان متأخرا- تكتشف الجماعة الثقافية والسياسية والعربية دور عزمى بشارة الوظيفى، وتدريجيا - أيضا - لا يبقى حوله ولا يصدقه سوى الباهتين، فكرا، الباحثين عن عمل أو أجر، يسد رمق الحياة.
***
خامسا: أما برنار ليفى فهو اليهودى الفرنسى الذى ولد بالجزائر فى 5/11/1948 ويعتبر نفسه من تيار الفلاسفة الجدد، الكارهين لليسار والذى يعتبر الاشتراكية (فاسدة أخلاقيا) وأن الأمركة والأسرلة (أى الانتساب الفلسفى والسياسى لإسرائيل) هى الأعظم أخلاقيا !! واشتهر ليفى باعتباره صحفيا وناشطا سياسيا، ومراسلا حربيا منذ حرب انفصال بنجلاديش عن باكستان عام 1971 ومن أشهر كتبه (يسار فى أزمنة مظلمة – نشر عام 2008) وبه هجوم شديد على اليسار وتأييد كامل لواشنطن وإسرائيل، وتدريجيا بدأ دور الرجل يتضح حين هاجم الانتخابات فى إيران عام 2005 ودافع عن انفصال جنوب السودان وهاجم (المسلمين البرابرة الموجودين فى شمال السودان) على حد وصفه، وترشح لرئاسة إسرائيل بعد حصوله على جنسيتها، وفى العام 2010 (شهر مايو/أيار)، وأثناء افتتاح مؤتمر «الديمقراطية وتحدياتها» فى تل أبيب، مدح برنار هنرى ليفى وأطرى على «جيش الدفاع الإسرائيلى» معتبرا إياه أكثر جيش ديمقراطى فى العالم، وقال: « لم أر فى حياتى جيشا ديمقراطيا كهذا يطرح على نفسه هذا الكم من الأسئلة الأخلاقية، فثمة شىء حيوى بشكل غير اعتيادى فى الديمقراطية الإسرائيلية».
ولقد أعلن الرجل – وهنا يبرز الدور الوظيفى له بوضوح – إن الأجهزة الإسرائيلية، والأمريكية والمال النفطى (خاصة من قطر) تقف جميعا خلفه، ولا يجد تناقضا فى قبول دعمها لدوره التحريضي؛ لذلك مع اندلاع ثورة يناير فى مصر عام 2011 تم الدفع به، والتقى بقيادات الإخوان المسلمين (وهناك صور شهيرة له مع بعضهم أثناء الثورة ومنهم القيادى الإخوانى سعد الحسينى)، وفى ليبيا أثناء مؤامرة فبراير المسماة لديه (ولدى القرضاوى وعزمى بشارة بالثورة) كان يقف ويساند هؤلاء الإرهابيين، وفى سوريا وقف إلى جوار (الجيش الحر) ومرتزقة المعارضة الموجودين فى فنادق أوروبا وتركيا.. لقد أفصح الرجل خاصة خلال السنوات الأولى من الربيع العربى المزعوم، عن دوره، تماما مثل رفيقيه (القرضاوى وبشارة) دور الدعم والمساند القوى، بالكلمة والسلوك لجماعات إسلامية، وإرهابية، وفوضوية، تستهدف تفكيك الأوطان، باسم الثورة.
***
سادساً: هؤلاء هم «ثلاثى الربيع» من المثقفين، أو (الدعاة)، أو(الفلاسفة) - سمهم ما شئت - وتلك هى أدوارهم، وهذا هو القاسم المشترك بينهم، إنه قاسم العمل الوظيفى، لخدمة مشروع تفكيك المنطقة، لإعادة تركيبها من جديد على (مقاس) الهوى والمصلحة الأمريكية، والغربية مستخدمة - (أى تلك المصلحة) - قطر، والمال النفطى، وبعض مشيخيات وممالك الخليج الأخرى، والسؤال الذى قد يسأله البعض مستهجنا: هل من المعقول أن يكون القرضاوى وعزمى بشارة فى نفس المربع مع برنار ليفى ؟ ألا يحتمل أنهما لم يكونا يعلمان طبيعة التوظيف القطرى لهما فى هكذا مشروع ؟ وأن الأمر كان أمر قناعة لديهما بأنهما كانا يساندان ثورات ؟ والإجابة بالقطع... لا، لأن رجل فى مقام القرضاوى أو دهاء عزمى بشارة ولديهم من التجارب والخبرات الكثير، لا يمكن أن يستُغفلا أو أن يغرر بهما، إنهم كانوا – ونحسب أنهم لايزالون - مجرد (جماعة وظيفية) قد تتزين، أو تتجمل، تارة بالدين (حالة القرضاوى)، وأخرى بالناصرية (حالة بشارة) وثالثة بالثورية العالمية (حالة ليفى)، لكنها فى جوهرها جماعة وظيفية، تعمل بالوكالة، فى خدمة مشروع أكبر، لتفكيك الدول المركزية بالمنطقة، أما أشواق الشعوب للتغيير والإصلاح والثورات، فهى أبعد ما تكون عن أجندة، وعقول هذا (الثلاثى) أو تلك الجماعة الوظيفية.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة