بمناسبة دعوة الوحش للاغتصاب العام لمن تكشف لحمها.. من المجرم؟!

الأحد، 05 نوفمبر 2017 01:30 م
بمناسبة دعوة الوحش للاغتصاب العام لمن تكشف لحمها.. من المجرم؟!
محمد حسن الألفى يكتب:

لم أصدق المكتوب، ولا حتى الذى رأيته على اليوتيوب، إلا بعد أن أعدت تشغيل المقطع من برنامج على قناة خاصة مرة بعد أخرى، كان المحامى الوحش يقول فى حنق «التحرش واجب وطنى والاغتصاب واجب قومى لأى بنت تمشى كاشفة عن جزء من فخذها أو مؤخرتها». رحت أستعيد المشهد للمرة الثالثة، والحوار عاصف، عن مكافحة الفجور بالقانون، فانفعل المحامى نبيه الوحش، وحرض على الخروج على القانون، ومن المفهوم، بطبيعة الحال، أن الغيرة على الأخلاق العامة هى مصدر الغضب الذى دفع الوحش إلى الدعوة للتحرش فالاغتصاب، وعلى مرحلتين، مرحلة الواجب الوطنى، ثم مرحلة الواجب القومى. وصحيح أن من الغيرة ما قتل، إلا أن تبريرها على المستوى الوطنى والعام والعلنى لم يقع له سوابق فى تاريج الجنايات!
والحق أنه يجب أن أتجاوز عن الرد على غرابة وحماقة مثل هذه الدعوة، فشعوب الفيسبوك وتويتر ويوتيوب مزقوه تمزيقا، وأظن أن الوحش نفسه لا بد أنه راجع نفسه، لأن ما طالب به هو انتهاك سافر للقانون وخروج عليه، واستدعاء لافتتين شريفتين هما الواجب الوطنى ثم الواجب القومى لتبرير جريمتين متكاملتين هما التحرش، وهو فعل يقوم بذاته، أو يمهد لفعل أشنع لاحق عليه، هو الاغتصاب، وعقوبته الإعدام.
الحق أيضا أن الدعوة إلى التحرش فالاغتصاب على المستوى الوطنى تعنى، الساحة المصرية، وعلى المستوى القومى، تعنى الساحة من المحيط إلى الخليج، يعنى على كل مصرى وعربى يرى أى أنثى ممزقة البنطلون من فوق الفخذين أو فى الخلف، أن يستنهض واجبه الوطنى والقومى، وأن يطرحها أرضا، وأن يجردها، من ملابسها، وأن يعاشرها عنوة!
بطبيعة الحال، لا بد للمشهد من مكان! فأين يتم الاغتصاب؟ طبعا فى الطريق، عام أو خاص، أمام البيت، أو فى بير السلم، أمام مصعد، أو داخله، فى أى طابق.
ولن يتدخل أحد بالمنع، لأن الجميع قائم بالفعل، منهمك فيه تحرشا وتحسسا والتهاما فاغتصابا.
العبثية فى طرح القضية، ليس النقطة الأساسية، بل الهزل يكمن فى اختيار نوع الضيوف، والتركيز على الشخصيات المتفجرة بطبيعتها، جلبا للدراما، ولا أقصد بطبيعة الحال أى إساءة للأستاذ نبيه الوحش، وليس الوحش وحده هو صاحب حمية فى عرض آرائه أو نوع هذه الآراء، فالمجتمع يتسلى كل ليلة بشخصيات أخرى عديدة تحتل النصيب الأوفر من المتابعة، لما تتمتع به من خاصية تفجيرية عالية، تتجاوز المقبول والمتفق عليه اجتماعيا أو تخرق الحواجز الشخصية أو السياسية أو الرياضية أو الأخلاقية.
تلك فى حقيقة الأمر هى القضية. الإعلام يختار من؟ هل تختار ضيوفا للإثارة؟ أم تختار ضيوفا للاستنارة؟ 
لا ينبغى أن يفرح الشخص المذيع قط، فقد خلق سويقة، وليس حلقة نقاش. 
على أن الفكرة ليست أن عدم احترام الناس لنفسها بارتداء ملابس مثيرة إو كاشفة، وبالذات النساء، هو مبرر قوى جدا لاغتصابهن وهتك أعراضهن، لأن هناك أناسا كثيرين محترمين فى ملابسهم وفى وطنيتهم وفى أفكارهم، يتم الآن وبصورة ممنهجة التحرش بهم واغتصاب كيانهم وشرفهم وأرزاقهم. نعم، وبلا انفعال متفجر، نلاحظ أن المجتمع المصرى لم يعد هو المجتمع المصرى، الناس الذين كانوا فوق هذه الأرض اختفوا وظهر ناس غيرهم. يتحدثون عن الشرف وهم خارجون لتوهم من بيوت البغاء السياسى والأخلاقى والصحفى. يملأون المساجد، ويكبرون ويهللون، ويزرعون القنابل. يسجدون لله ويمنعون غيرهم من الصلاة له فى كنائسهم، والرب واحد، ثم يدعون إلى احترام كرامة الإنسان، وهم يتلذذون بإهانته، وبمشهد تخبطه فى الجدران سعيا للرزق. ذلك يا أخى الوحش هو ما يجب مقاومته ورفضه ونبذه والتعريض به. حفظ كرامات الناس، والتسامح، والكلمة الطيبة، ورقة الفؤاد، والإصرار على عرض الصور الطيبة، وإشاعة روح التراضى، سوف تؤدى جميعها إلى خجل عارم لمن تعرت أو تعمدت كشف اللحم من تحت مزقة أو ثقوب أو رقع فى الجينز. 
ويجب أن نلاحظ جيدا أن هذه بالضبط، وبالضرورة ثقافة ما بعد الفوضى، فتلك توابع زلزال التخريب والنهب والسرقة وإسقاط الدولة وسقوط قيمة العيب من صدور مصريين كثيرين. ألم نر كيف ارتد مسلمون وأعلنوا الإلحاد، فى عز حكم الإخوان؟! كان ذلك لأن الذبح والقتل والإقصاء كان يجرى باسم الله وباسم الإسلام، ولا شك أن هؤلاء تراجع منهم بعضهم أو كثيرون الله أعلم، لأن الظروف تتغير.
المطلوب من النخبة أن تتعقل وأن تدرك أن التربة المصرية لا تزال مهترئة، والجروح تنزف، وعلينا تضميد النفوس، وليس تحريض الوحوش.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة