" لبنان علي فوهة بركان " .. بلد الأرز تتحول إلى ساحة للحرب بالوكالة ورهينة للقوي الإقليمية

الأحد، 12 نوفمبر 2017 02:00 ص
" لبنان علي فوهة بركان " ..  بلد الأرز تتحول إلى ساحة للحرب بالوكالة ورهينة للقوي الإقليمية
برلمان لبنان
هناء قنديل

يتمتع لبنان بوضعية تاريخية مهمة، في منطقة الشرق الأوسط؛  بسبب موقعه الجغرافي المتميز، ومساحته الضئيلة التي لا تتجاوز 10.000كيلومترات مربعة، واحتضانه لـ6 ملايين نسمة، يمثلون 18 طائفة مختلفة الثقافة والديانة أيضا.

ورغم أن هذه الصفات كفيلة بأن تجعل من هذا البلد، الذي يتسم بأجواء ساحرة، وطبيعة خلابة، لا مثيل لها بالمنطقة؛ أيقونة التاج العربي، وواجهته الرائعة، التي يطل بها على العالم، فإنها على عكس، تحولت إلى نقمة، ووضعت لبنان على فوهة بركان التغيرات الحادة، بالشرق الأوسط!!

استقل لبنان عن الاحتلال الفرنسي، قبل نحو 74 عاما، وتحديدا في العام 1946؛ ليعلن على ضفاف البحر المتوسط إقامة الجمهورية اللبنانية، ذات الحكم البرلماني.

ولم يكد يلتقط  هذا البلد أنفاسه، ويلملم شتات طوائفه، حتى بدأت أولى الانفجارات حوله، وفوجئ بنشأة كيان سرطاني على حدوده الجنوبية هو إسرائيل، ليدفع ثمنا غاليا؛ حوله إلى مسرح للصراع بين العرب ، وذلك الكيان الصهيوني المدعوم عالميا.

 وخلق هذا الظرف التاريخي،  من المساحة الضئيلة للبنان، أرضا للصراع بين القوى المناوئة لوجود الكيان الإسرائيلي، من جهة، وتلك الداعمة له من جهة ثانية، وعرف اللبنانيون في تلك الفترة طعم التحول إلى مسرح لخلاف لا علاقة لهم به.

صراعات بالوكالة

هذه الوضعية المثيرة، يشرحها الكاتب الصحفي فتحي محمود، مدير تحرير صحيفة الأهرام، والمتخصص في الشأن اللبناني، قائلا: "من المعروف أن لبنان كان جزءا من سوريا، قبل أن ينفصل على أثر الاحتلال الفرنسي؛ ليجتمع بعد الاستقلال على مساحة لا تتجاوز10.000 كليومترات، 18 طائفة، من المسيحيين المارونيين، والكاثوليك، والمسلمين السنة والشيعة، والدروز، وغيرهم".

وأضاف "محمود"، لـ"صوت الأمة"، أن الانتداب الفرنسي على لبنان، صنع منه دولة فقيرة بلا موارد، تعتمد على الآخرين لتوفير احتياجاتها، والحفاظ على أمنها، وهو ما جعلها ضحية لسلسلة طويلة من التبعية، التي بدأت بمصر خلال فترة حكم الرئيس جمال عبد الناصر، الذي تمدد إلى خارج حدود الوطن المصري؛ من أجل بسط مظلة القومية العربية على المنطقة.

وأشار "محمود" إلى أن الدور المصري في لبنان، اصطدم بوجود بالغ القوة للنفوذ الفرنسي، الذي لم تكن الطوائف اللبنانية تخلصت منه بعد، ولم تكن الدولة قد تشكلت معالمها بالقدرالذي يجعل لبنان متمتعا بالاستقلالية.

ومع تراجع الدور المصري، إثر انشغال القاهرة، بنتائج نكسة يونيو 1976، وتمحور دور القيادة التي تلت عبد الناصر، وهو الرئيس أنورالسادات، في إزالة آثار العدوان، واسترداد سيناء، حدث فراغ كبير في لبنان،  ولم يجد اللبنانيون، من يستطيع تعويضه داخليا، فكان البديل المناسب هو سوريا.

نفوذ عسكري

ويوضح فتحي محمود أن النظام السوري، لم يكتف بتأثيره السياسي، وإنما مد نفوذه العسكري، إلى داخل لبنان، وبات له وجوداظاهرا، وتأثيرا واضحا على الحياة في بيروت، وتزامن ذلك مع نشأة حزب الله، بزعم الجهاد ضد إسرائيل، إلا أنه ما لبثت الحقيقة أن ظهرت، وأفصح الحزب عن ولائه إلى القيادة  الشيعية الرابضة في إيران.

فراغ داخلي

أشارإلى أن اتفاق الطائف، الذي رعته السعودية عام 1989؛ من أجل إنهاء الصراع الداخلي اللبناني، الذي وصل إلى حرب أهلية طاحنة، لم ينجح في إيجاد آلية تصنع قوة قادرة على السيطرة، وحكم الطوائف التي ما زالت ذكريات الحرب فيما بينها متأججة.

وعلى مدار نحو 3 عقود، عاش لبنان على فوهة جميع الصراعات التي دارت في المنطقة، سواء العربية العربية، أو العربية الإسرائيلية، أو العربية الفارسية ، وظل الوضع في لبنان مرهونا بسوريا، إلى أن تم اغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري، في فبراير 2005، حيث أدت الضغوط التي  تم ممارستها على النظام السوري، في أعقاب تلك الجريمة، إلى انسحابه من لبنان.

رهينة إقليمية

الدكتور أحمد النادي، أستاذ الدراسات الإيرانية بجامعة الزقازيق، يري أن الأوضاع في لبنان، تشير إلى أن هذا البلد متكوب عليه أن يبقى رهينة القوى الإقليمية الأخرى، في ظل تحوله على مدى عقود مضت إلى مسرح للحرب بالوكالة على أرض الغير، مشيرا إلى أن وجود حزب الله على الأراضي اللبنانية، يمثل أخطر العقبات، أمام امتلاك هذا البلد لاستقلاله الفعلي.

وأضاف لـ"صوت الأمة": "إيران تمول حزب الله بالمليارات سنويا، كما تدعمه بالسلاح، والعناصر المدربة؛ الأمر الذي يفاقم مشكلة لبنان، باعتباره دولة بلا جيش قادر على المواجهة".

الرأي ذاته أيده  الدكتور ناجي هدهود، أستاذ الحضارات  الآسيوية، بجامعة الزقازيق، لافتا إلى أن القوى المؤثرة في الداخل اللبناني، لا تعمل على التخلص من الولاءات الخارجية، ولا تسعى إلى تقليص الصراعات الإقليمية على الأرض اللبنانية،  بل إنها ترحب بذلك معتبرة أنه الوسيلة الوحية لنصرة قوة ما على منافسيها؛ وهو ما يصعب من الأزمات التي يتعرض لها لبنان.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق