عراق ما بعد داعش.. أولويات وطموحات ومخاوف من حروب مذهبية

الإثنين، 20 نوفمبر 2017 09:00 ص
عراق ما بعد داعش.. أولويات وطموحات ومخاوف من حروب مذهبية
الجيش العراقي
محمد الشرقاوي

"عسكريًا انتهى التنظيم، لكننا سنستمر في ملاحقة ما تبقى من الفلول، وننهي وجودهم".. كلمات للمتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة العراقية، العميد يحيى رسول، تعليقًا على نجاح الجيش العراقي في دحر تنظيم داعش بآخر مناطق تواجده "رواة".

وأعلنت القوات العراقية، الجمعة، فرض كامل سيطرتها على "راوة"، الواقعة في محافظة الأنبار الغربية بمحاذاة الحدود السورية، وكانت تعد آخر منطقة يوجد فيها هيكلية حاكمة وعسكرية وإدارية لتنظيم داعش.

يوم 17 نوفمبر 2017، سجل التاريخ انتصارًا كبيرًا للجيش العراقي مدعومًا بقوات دولية، فقد بدأ عملياته ضد داعش في 2014، لأكثر من 3 أعوام وعدة أشهر. التنظيم الإرهابي كان يسيطر على أكثر من 40 بالمائة من مساحة العراق.

تبقى مرحلة ما بعد داعش، أكثر المراحل الأكثر دقة للحكومة العراقية ورئيسها حيدر جواد العبادي، حيث ستواجه عدة مشاكل من الممكن أن تطيح بها، إن لم تكن لها أولويات محددة.

العبادي تولى رئاسة الحكومة العراقية خلفًا لنوري المالكي، في 11 أغسطس 2014، بعدما كلفه التحالف الوطني ورئيس الجمهورية فؤاد معصوم.

خلايا داعش النائمة

 

قادة عسكريون قالوا إن داعش لم ينتهي، فهناك خلايا نائمة من الممكن أن تعود بتفجيرات بين الحين والآخر، الباحث في شؤون الشرق الأوسط غسان حمدان، أكد ذلك في حوار خاص لـ"صوت الأمة".

 

 
23805567_1515838325199156_1123805925_n
 
الكاتب العراقي يقول إن خلايا داعش موجودة منذ فترة وتنفذ تفجيرات في مناطق متفرقة، وأن  المرحلة الراهنة وما بعد انهيار التنظيم، سيظل البعض من أعضاء داعش أوفياء، وسيحاولون تطوير أنفسهم وتجنيد المتشددين عن طريق الخلايا النائمة وما يسمى بالذئاب المنفردة، مضيفًا أن البعض سينضم إلى تنظيم القاعدة.
 
مرحلة ما بعد داعش قد تشهد ولادة تنظيم إرهابي جديد، يتابع حمدان: أننا سنرى ميلاد تنظيم إرهابي جديد منبثق من داعش وهذا ليس بغريب؛ ولكن يقع الأمر على عاتق أجهزة الاستخبارات لتحبط نشاطهم.
 
 
داعش
 

 

عودة تنظيم القاعدة

 

في أروقة الحكومة العراقية هناك تخوفات من انتشار تنظيم القاعدة على حساب داعش، كما حدث في الفترة التي تلت الغزو الأمريكي للعراق في 2003، يوضح الباحث أن تنظيم القاعدة لم يرحل كي يعود، بعبارة أخرى أن التنظيم لم يرحل من العراق بل هو موجود ويتحين الوقت ليظهر من جديد وخاصة بعد ما فقد سيادته على الأرض لصالح تنظيم داعش الأكثر بطشًا، وكما نعلم فإن تنظيم داعش ولد من رحم القاعدة وانفصل عنه، وبعد هزيمة داعش سيعود الفلول إلى القاعدة أو على الأغلب لقد عادوا إليه.

تنظيم القاعدة
 

يقول إن تنظيم القاعدة هو أكثر تنظيمًا من داعش وأكثر خبرة منه أيضًا، وقد قلص نشاطه في الآونة الأخيرة ليحارب الجميع تنظيم داعش، أي أن قادة القاعدة لعبوا ورقتهم الرابحة وكانوا في طور إعادة التنظيم والتجنيد والعمل بسرية ودفع المنافس الرئيسي، أي تنظيم داعش إلى المواجهة العلنية مع الجميع.

تنظيم القاعدة شهد عدة تطورات في العراق وسوريا، فالتنظيم الذي يتزعمه أيمن الظواهري شارك الجميع بمن فيها أمريكا وروسيا وحتى فرنسا وبعض الدول الغربية باستهداف قواعد داعش ليضعفوا هذا التنظيم وتباد قواته أمام الجنود العراقيين والسوريين، وفق غسان حمدان: "تنظيم القاعدة غير جلده في سوريا وظهر باسم جبهة النصرة، وهذا ما سيفعله في العراق أيضًا".

صراعات مذهبية

التخوفات الإقليمية من مرحلة ما بعد داعش في العراق، تشمل "وجود صراعات طائفية"، وهو الأمر الذي تمنى الباحث عدم رؤيته مجددًا، يضيف أن الشعب العراقي دفع ثمنًا باهظًا جراء الفتنة والفرقة الطائفية، وأن هناك انتهازيون يتصيدون الوقت لبث سمومهم من أجل الحصول على بعض المنافع وهؤلاء خطيرون ولا يهمهم ما يحصل لأبناء شعبهم، ومن ضمنهم بقايا حزب البعث المنحل الذين يبثون الكراهية والفتنة، وقد تحالفوا مع القاعدة وداعش قبل ذلك.

الساحة العراقية تم تقسيمها بعد الاحتلال الأمريكي في 2003 وسقوط بغداد إلى مناطق مذهبية "سنة وشيعة"، يتابع الباحث أن التقسيمات شملت المناطق السنية أيضًا، وكانت قوات "الصحوة السنية" هي من تدير المنطقة وخاصة في محافظة الأنبار.

جيوش مذهبية
 

وفق المتخصص في الشأن الإيراني فإن عناصر "الصحوة" كانوا أعضاء في القاعدة أومتحالفين معها سابقًا، ولكنهم حاربوا هذا التنظيم الإرهابي وانضموا للقوات الأمنية العراقية؛ كما أنهم كانوا مستهدفين من قبل الإرهابيين.

لعدم وقوع صراعات مذهبية اقترح غسان حمدان، توعية أبناء الشعب العراقي جميعًا وتقبل الآخر بخطورة تلك المرحلة، مضيفًا: "كي لا نقع فريسة سهلة للإرهابيين مجددًا، ولأن هناك بسطاء يقعون فريسة للخداع ويصدقون الأكاذيب، ولا يمكننا أن نقول بعدم وجود مشكلة طائفية لكن لحسن الحظ حتى الآن لم نعد نسمع خبرًا عن مشاكل طائفية في تلك المنطقة وهذا يدل على أن الأغلبية تفكر في الاتحاد وبناء المستقبل".

مرحلة المفاوضات

كانت أكثر التخوفات العراقية من انفصال إقليم كردستان، وهو الأمر الذي كان يهدد المنطقة بأكملها، لكن يبقى الوضع مع الأكراد حذرًا، فهناك احتمالات ضعيفة لعودة تدويل الاستفتاء، غير أن غسان حمدان يرى عدم وجود دعم دولي لانفصال الإقليم، مشيرًا: "لو كان هناك دعم دولي للأكراد، كنا سنراه عندما أجروا الاستفتاء في الخامس والعشرين من شهر سبتمبر الماضي. لذلك فإن موضوع إعادة تدويل الاستفتاء ليس واردًا بتاتًا؛ كما أن حكومة إقليم كردستان أعلنت عن قبولها بقرار المحكمة الاتحادية العراقية العليا بعدم جواز الانفصال، وكما جاء في بيانها فإنها تؤكد على البدء بحوار وطني شامل لحل الخلافات عن طريق تطبيق جميع المواد الدستورية بأكملها". يضيف الباحث أنه ستكون هناك مرحلة جديدة في العراق وهي مرحلة المفاوضات العسيرة والشد والجذب من أجل الحصول على حصة أكبر من ميزانية العراق".

كردستان
 

الباحث العراقي يرى أن حكومة العبادي نجحت في إدارة ملفات هامة على رأسها استعادة التراب العراقي من داعش والصمود أمام خطر التقسيم، رافضًا مدح الحكومة، فهي مبنية على المحاصصة السياسية والأسوأ من ذلك تضم قيادات فاسدة متهمة بالرشاوى وإهدار أموال الشعب، كما أن هناك وزراء غير أكفاء، من وجهة نظره.  

أوضح حمدان أن الحكومة الحالية تسلمت العراق مفرغة، فحكومة نوري المالكي رحلت بعدما أفرغت الخزانة وسلمت الجزء الأكبر من العراق لجماعة داعش الإرهابية، وأن حيدر العبادي استطاع حل أزمات كبيرة بعد ما طرد الحلقة المقربة من نوري المالكي وكذلك تغييره المستشارين.

حيدر العبادي

 

الحشد الشعبي والدعم الإيراني 

يظل الدعم والتدخل الإيراني في العراق وأبرزه الدعم العسكري للحشد الشعبي، هاجسًا يطارد الحكومة العراقية الحالية، غير أن غسان أوضح: "صحيح أن إيران ساعدت العراق، ولكن علينا أن ندرك أن الحشد الشعبي عراقي مائة بالمائة وليس هناك جنود إيرانيين في العراق خلافًا لسوريا. نعم، هناك بعض المستشارين لكن مهمتهم محصورة في التدريب وتقديم النصائح والاستشارات، كما أن هناك مساعدات عسكرية ولوجيستية واستشارات من دول مثل مصر، أما من يحارب فهم أبناء الشعب العراقي و قد أثبتوا فاعليتهم وأهميتهم في محاربة الإرهاب".

الحشد الشعبي
 

النجاحات العراقية أجبرت العالم على احترام بغداد، يتابع الباحث: "ما يحسب لهذه الحكومة أنها فكرت بمصالح الشعب وتركت الخلافات مع دول الجوار من ضمنها السعودية، خلافًا لحكومة المالكي".

حاليًا استعاد العراق جزءًا من مكانته الإقليمية والدولية ويتطلع إلى تعزيز علاقاته مع دول فاعلة ومهمة أخرى على الساحة العربية من ضمنها مصر، وعلى كل حال، فإن الحكومة العراقية تواجه ملفات مهمة أخرى من ضمنها الفساد والمحسوبية، كما أن عمر هذه الحكومة قصير وستكون هناك انتخابات برلمانية بعد عدة أشهر، ونتمنى أن ينتخب الشعب أشخاص تكنوقراط نزيهين بعيداً عن الطائفية، وفق غسان حمدان الباحث المتخصص في شئون الشرق الأوسط. 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق