صغار عمراً.. كبار فناً

الأحد، 19 نوفمبر 2017 04:30 م
صغار عمراً.. كبار فناً
منى فوزى تكتب:

وتستمر رحلة دار الأوبرا المصرية فى مواجهة إرهاب الفن القبيح.. يعملون داخل أسوارها فى صمت ودأب شديدين.. يفاجئوننا كل عام بثمار عمل وجهد عام كامل، حاملة مشاعل تضئ بها ليالينا وأيامنا التعيسة التى طغى فيها الفن الردىء على الفن الجيد الراقى الذى يسمو بالمشاعر، ويهذب الوجدان.. بفتح مسامعنا على عالم أكثر جمالاً وروعة.
 
فقد تحول الغناء فى بلادنا إلى سلعة، وأصبح سقف أحلام الشباب منخفضا للغاية، فالمطرب الذى يشتهر ويذيع صيته، هو مجرد شخص «دندن» فى الحمام، فأعجبه صوته، وأنا أعذرهم فأكثر من يطلقون على أنفسهم فنانين ومطربين هم من أصحاب الأصوات النشاز، ولكن تلعب التكنولوجيا معهم لعبة الحظ فيصعد نجمهم محققين شهرة واسعة من أغنية أبسط ما يقال عنها أنها رديئة.. والأمثلة كثيرة.
 
لذلك فإن الأوبرا تقف وحيدة فى مواجهة هذا الإرهاب الغنائى.. تفاجئنا كل عام بكتيبة من النجوم الصغار الذين رغم قهر الفن الردىء لا يزالون يحلمون بأن يقدموا شيئا جيدا، بأصواتهم الصغيرة عمراً، الكبيرة والواسعة فى الموهبة.
 
وفى كل حفل من الليالى الخمس عشر من 1 نوفمبر وحتى 15 نوفمبر قدمت هذه الدار العريقة فى وصلتها الأولى عددا كبيرا من هؤلاء أود لو أتحدث عنهم جميعاً.. إلا أن السطور والصفحات لن تكفى.. لذلك سأكتفى ببعض النماذج القليلة.
 
فى حفل الفنان الفلسطينى محمد عساف الذى قدم وصلة دسمة من الغناء.. قدمت الأوبرا ثمانية أصوات فى الذكرى الأربعين على رحيل العندليب الأسمر سأتوقف عند صوت المطرب الشاب أحمد عفت، الذى قدم أغنية «جبار»، كلمات حسين السيد، ألحان محمد الموجى.. فقد تعالت الأصوات فى جنبات المسرح الكبير قائلة «فعلاً جبار» حيث الصوت القوى الحساس الشجى ليتألق فى أغنية من أصعب أغانى العندليب، غنى كذلك دويتو «تعالى أقولك»، كلمات فتحى قورة، ألحان منير مراد، وغنت أمامه فتاة صغيرة فى عمرها كبيرة صوتاً هى مى الجبيلى، لتقول الجزء الخاص بالفنانة شادية فى رقة وعذوبة شديدين، بالإضافة إلى دلالها المميز.
 
الصوت الثانى الذى أحب أن أتوقف عنده هو محمد متولى، الذى قدم دويتو «لحن الوفاء» أمام مى حسن، كلمات محمد على أحمد، ألحان رياض السنباطى، وجاءت الأغنية بصوتيهما شديدة الرقة والعذوبة.. ثم قدم «متولى» منفردا أغنية «مغرور»، كلمات محمد حلاوة، ألحان محمد الموجى.
وهكذا فى كل حفلات ليالى الموسيقى العربية، نجد صوتا شابا فى الفقرة الأولى ثم صوت نجم، قد يبدو أن الجمهور يأتى من أجله ولكن فى حقيقة الأمر هناك أصوات شابة استطاعت أن تستقطب جمهوراً واسعاً، مثل الحفل الذى ضم المطربة الشابة مى فاروق، والنجم الكويتى عبدالله الرويشد، ليقدما حفلا من أجمل ليالى المهرجان.
 
وعلى مدار أيام هذه الاحتفالية تستطيع ببساطة أن تتسلح بذخيرة فنية غنائية تعينك بقية العام، لذلك فإن مهمة دار الأوبرا المصرية ليست بيسيرة فإنها ربما المنارة الوحيدة فى مصرنا العزيزة التى تقدم هذا النوع من الفن الشجى الذى يلمس أوتار القلب ليستقر فى وجداننا معلناً الحرب على كل من يرفع راية الاستسهال بادعاء الفن.
 
وشباب دار الأوبرا نعم مطربون ولكنهم كذلك يمتلكون أدواتهم جيداً، شربوا من ينابيع التراث واستوعبوه واليوم يقفون أمامنا ليجنوا ثمار رحلة طالت أم قصرت، إلا أنها أكيدة.. واقفة ثابتة أمام الفن الردىء الشائع هذه الأيام.
 
أحب أن أوجه تحية إلى د. إيناس عبدالدايم، رئيس المهرجان، وأفراد المركز الإعلامى الذين كانوا خير عون لجميع الصحفيين بقيادة الشاب محمد منير ابن الأوبرا الذى عمل بها منذ بداياته.
 
وليد إمام شاب من شباب المركز الإعلامى، أعتقد أننى كنت مزعجة بالنسبة له لكثرة اتصالاتى وطلباتى لدعوات حضور الليالى الزاخرة بالأصوات الجميلة.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة