الدراجة والمرأة

الخميس، 23 نوفمبر 2017 03:02 م
الدراجة والمرأة
هبه العدوي

لا أفهم حتى الآن العلاقة بين ركوب الدراجة و حرية المرأة .. وأن الأمم المتحررة تسمح لفتياتها بركوبها والعكس بالعكس .. لا أفهم ذلك لسببين أما الأول فلأني أطير فوق دراجتي منذ نعومة أظافري وحتي الآن وذلك في بلدتي المحلة الكبري وحتي إنتقالي للعاصمة القاهرة ..

 وأما الثاني فلأنني أري أن حرية المرأة لا تخرج عن حرية عقلها من كل ما يسيطر عليه من خرافات ورجوعه لشغفه للعلم ..

وحرية قلبها من كل يمكن ان يمرضه, من حسد وغيرة ومقارنة وغل وحقد ..

 وحرية روحها من كل ما يجذبها للأرض, بصدقها مع نفسها وشجاعتها في السعيّ دوماً أخذاً بالأسباب سائلة المولي صدق توحيدها وإخلاصه له الرحمن الرحيم ..

***

منظومة متكاملة لتحرير المرأة هي إذاً تحتاج لكتب ومراجع وتدريبات مستمرة.. كيف يمكن إختذال كل ذلك في ركوب عجلة .. او خلع ملابس أو أي من تلك الأشياء الظاهرية كما يدّعي (الفيمينست ) الذين أتفق معهم في بعض معتقداتهم ..وأختلف مع الكثير الآخر ..فالأمر إضافة لما ذكرته سابقا, لا يتعلق أبدا بثقافة المساواة مع الرجل بل بالتكامل معه ..

نفس المعضلة عند تجار الدين ..الدراجة والمرأة لا يتفقان سوياً بالنسبة لهم .. ذلك أنها تكون دون حياءها, إن همّت بركوبها ..

 ويحكم يا كلا التطرفين وأنتم تنظرون لبعضكم البعض, وتتخذون من تطرفكم ذريعة بها تجعلون منّا نحن النسوة سلعة تباع وتشتري !!

ليس التطرف إذاً فقط من منعوا الدراجة للفتاة .. ولكن التطرف أيضا من سجنوا حرية المرأة في ركوب دراجة ..

***

وأتسائل كيف تتعارض قيادة الدراجة مع كوني إمرأة وأنثي ؟!..من قال أن الأنوثة هي توقف عن الحياة والجري سعيا فيها ؟!

من قال أن الأنوثة تخلو من الشقاوة والمرح الطفولي والإنطلاق ؟!

هكذا إعتدنا .. في الجزء الخاطيء من موروثاتنا الثقافية  ..أن نُلبِس أشياء جميلة,  زي الخطيئة ..

***

الحقيقة أني أود أن أعترف بعشقي لأمرين  في طفولتي فأما الأول فلقد أشرت له سابقا ألا وهو لعب كرة القدم .. وأما الثاني فهو عشق ركوب الدراجة .. تلك التي كلما اكْسبتها توازنها فحركتها, كلما اكتسبت منها سعادتي..وأرخت عضلات أرجلي وأرتاحت قدماي أخيراً من عناء البذل والمشقة ..

فإذا بها تفاجئني بعد ثوان معدودة أنها فقدت سرعتها وتحتاج لبذلِ المزيد من القوة حتي لا أسقط أرضا .. وهكذا في حركة مستمرة لا تنتهي أبدا إلا بنهاية رحلة ركوب الدراجة ..

إذا لم تنتبه لقانون الدراجة, فحتماً ستسقط فجأة أرضاً.. فشلاً منك في إيجاد توازنك عليها بصفة مستمرة.. غالبا ركبتيك  وعظامك ستتفتت وستمتليء بالجروح والندبات..تلك ضريبة تدفعها طالما إستمتعت بمتعة الرحلة سائقا بكامل حريتك تجربة قيادة  دراجتك  ..

***

مازلت أتذكر هذا اليوم الذي استطعت فيه أن اشتري الدراجة البي أم إكس ..أتذكر وقوفي علي بدالها في حركات بهلوانية ..

أتذكر صعودي الشوارع ذات المطالع العالية ..صعوبتها ..مشقة ما تبذله من جهد  حتي تصعد.. اكاد اسمع الآن وأنا أكتب أصوات أنفاسي وهي تتهدج من فرط ما بذلته من مجهود خلال سنوات عمري السابقة ..

أتذكر شعوري وأنا أنزل هذا المنحدر الذي صعدته.. أترك يدي وأتوقف عن بذل المزيد ..

المنحدر يأخذني بسهولة شديدة نحو بداية الطريق ..

أرفع يديّ بجانبي ..أشعر  هكذا وكأنني أطير ..

***

الدراجة هي الحياة .. تارة تبذل وتبذل دون أن تصل وغالبا قد يصاحبك في رحلة صعودك ..كثيرا من الفشل  ..

وتارة تترك كل شيء.. فقط  لتستمتع بحلاوة النجاح ..

 هي إذاً حياتك وحياتي ..كل منّا يمتلك دراجته الخاصة ..وكل منّا له كامل الحرية في قيادتها أو تركها بنفس الإرادة الحرة, أسفل منازل أعمارنا..

فنظل في دوائر أماننا.. نائمين في حيرة قلوبٍ خلقها الله لتعيش مغامرة تخرج فيها خارج دوائرأَلِفَتْهَا, باذلة للعطاء, ساعية علي رزقها ..وعدها الله عزوجل إذا ما توكلت علي الله حق توكله بصدق تمام السعي, أن تغدو خماصاً بعد أن كانت تعدو بطاناً بنفوس خاوية متعطشة لمعني النجاح في كل محاولة تدخل فيها.. متقبلة الفشل والسقوط أرضاً علي أنه تجربة منها تتعلم كيف تكون القيادة الصحيحة ..

ألا ترى معي عزيزي القاريء أن في قيادتها متعة؟

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق