قواسم مشتركة: فيما بين الكنيسة والمسجد والجامعة

الأحد، 26 نوفمبر 2017 12:57 ص
قواسم مشتركة: فيما بين الكنيسة والمسجد والجامعة
بقلم د. حاتم العبد

كانت فكرة هذا المقال تغدو وتعود في ذهني منذ أمدٍ بعيد، والذي حثني على الكتابة فيه اليوم هو القرارات الجامعية الأخيرة ولعلّ آخرها قرار رئيس جامعة الإسكندرية بمنع دخول الطلبة بالبنطلون الممزق، المخروق إن شئنا صحيح التوصيف...
 
يغيب على الكثيرين مفهوم ومضمون، ولربما لفظيّة المصطلح في بعض الأحيان، "الحرم الجامعي"، وبكلمات بسيطة، وعبارات مفهومة، فإن كلمة الحرم هي أحد القواسم المشتركة بين الجامعة والمسجد والكنيسة ؛ فكما للمسجد وللكنيسة وللمعبد، حرم ؛ فكذلك الجامعة أيضًا حرم. والمضمون المقصود من توصيف مكان الجامعة بالحرم، هو تقديس لهذا المكان وإعلاء من شأنه، وأهميته السامية. 
 
والملاحظ أن الجامعة تتطابق في الأهداف، إن لم تكن تفوق، كل من المسجد والكنيسة، ومن هنا ينسحب مفهوم الحرم الموصف به أماكن العبادة، على الجامعة. بمعنى ما لا تستطيع فعله في المسجد أو الكنيسة؛ يحرم عليك فعله في الجامعة. فإن كان ممنوعًا عليك دخول أيهما بالملابس المخروقة، فممنوع عليك الدخول بها إلى الجامعة ؛ وإذا لم يكن مسموح لك بعلو الصوت، والتدخين، والكذب... إلى غير ذلك من الآفات ؛ فممنوع عليك أن تقرب أيٍ منها في الجامعة. 
 
إن القواسم المشتركة بين المسجد والكنيسة والجامعة، من الكثرة بمكان، ما يجعلنا نتعثر في حصرها، ويكفينا في هذا المقال منها، "الحرم"، و"صلاح المجتمع"، و"سمو الهدف". وبناء عليه، نحيي جامعة الإسكندرية، رئيس الجامعة، وكذلك كافة العمداء الأجلاء الذين سبقوه باتخاذ هذا القرار في كلياتهم، على هذا القرار الشجاع العظيم، الذي يحفظ للجامعة حرمتها، ويصون هيبتها، ناهيكم عن الحفاظ على هويتنا الوطنية من التدنيس والاغتراب. 
 
نتطلع لمزيد من القرارات الجامعية الحكيمة، التي تحفظ للجامعة حرمتها، وتعيدها لمجد دورها في قيادة المجتمع نحو غدٍ أفضل، وبأن تكون قاطرة للتنمية والرخاء والمبادئ والمثل العليا. 
 
يتعاظم موضوع المقال، في تعريف من لا دين لهم ولا وطن، بحرمة أماكن العبادة، أقول ذلك بعد الحادث الإرهابي الخسيس ضد المصلين في مسجد قرية الروضة بالعريش، حري بِنَا لفت انتباه البعض ممن اعتقدوا بأن الإرهاب إنما يستهدف وفقط المسيحيين، وكتبت مرارًا وتكرارًا سابقًا، وقلت بأن المستهدف هو مصر، أمنها واستقرارها، دورها وريادتها، لحمتها وتماسكها، عاداتها وتقاليدها، مئذنتها وجرسها... ولعلّ هذا الحادث الإجرامي لخير دليل، وإخراس للألسن التي قالت وتقول باستهداف الإرهاب فقط للمسيحيين والكنائس !! وإذا ما كان المسيحيون والكنائس هم فقط المستهدفون، فما قولكم في استهداف رجال الأمن من جيش وشرطة ؟!! وما قولكم في استهداف المساجد ووقت الصلاة ؟!! إن استهداف مسجد الروضة بالعريش، لا يقل إجرامًا ولا إرهابًا عن استهداف أي كنيسة أو معبد يهودي أو حرم جامعي...
 
على أصحاب هذا الفكر مراجعة أنفسهم، والعودة إلى جادة الصواب، لأنهم بمغلوطيّة فكرهم- لا يغيب عنا المستفيدين والمتاجرين بالدماء بلا شك- إنما يساعدون الإرهابيون ويمدون لهم يد العون في تنفيذ مخططهم.
 
حفظ الله مصر والمصريين، وأعاننا على دحر الإرهاب الأسود والقضاء عليه، ولا أَجِد خيرًا من رسالة إلهية موجّهة لمن لا دين لهم ولا وطن لنختم بها المقال "وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَا ۚ أُولَٰئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ ۚ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ".

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق