هل ينجح الإرهاب في فرض ثقافة الخوف.. رأى الشارع المصرى والمثقفين بعد حادث مسجد الروضة

الإثنين، 27 نوفمبر 2017 11:00 ص
هل ينجح الإرهاب في فرض ثقافة الخوف.. رأى الشارع المصرى والمثقفين بعد حادث مسجد الروضة
حادث مسجد الروضة
وكالات

الإرهاب لن ينجح في فرض الخوف علينا".. تلك إجابة الجماهير والنخب أو رجل الشارع المصري والمثقفين معا بعد الحادث الإرهابي الخسيس الذي استهدف المصلين الآمنين.. فبعد هذا الحادث يوم الجمعة الماضية في مسجد الروضة ببلدة بئر العبد شمال سيناء تجدد السؤال الذي يطرحه مثقفون كبار في هذا العالم مع حوادث الإرهاب في كل مكان، "هل ينجح الإرهاب في فرض ثقافة الخوف"؟.

والملاحظة المهمة في هذا السياق، والتي تتردد في طروحات ثقافية، تتلخص في أن "رد الفعل المذعور هو بالضبط ما يريده الإرهابيون في كل مكان، موضحين في الوقت ذاته أن تصاعد حالة الاستنفار الأمني هو استنفار طبيعي ومطلوب بعيدا عن فرض ثقافة الخوف على البشر التي تطمح لها التنظيمات الإرهابية".

وحوادث الإرهاب في الآونة الأخيرة تبرهن مجددا على مدى صواب الرؤية المصرية التي طرحها الرئيس عبدالفتاح السيسي عندما أكد على ضرورة المواجهة الشاملة والمتزامنة ضد جميع التنظيمات الإرهابية، مشيرا إلي أن هذه التنظيمات تنشط عبر شبكة سرطانية تجمعها روابط متعددة في معظم أنحاء العالم، ومن ثم فلا مجال لاختصار المواجهة في مسرح عمليات دون الآخر.

وشدد النائب البرلماني والأديب يوسف القعيد على أهمية توحد كل المصريين بقيادة الرئيس السيسي، لافتا إلى ضرورة أن يدرك العالم أن "مصر تحارب دفاعا عن عالم اليوم.. فالتهديد المتطرف الذي يأخذ من الدين ستارا له لن يبقي على ظهر الكرة الأرضية من يمكن استثناؤه من الحرب".

وقال الكاتب والشاعر الكبير فاروق جويدة "إن توجيهات الرئيس السيسي بالعودة إلى ملف التنمية في سيناء مازالت الطريق الأمثل لمواجهة الإرهاب"، مضيفا "وسوف تسقط حشود الإرهاب أمام حشود البناء والتنمية".

ومصر التي تحارب الإرهاب بقدر ما تتبنى رؤية شاملة لحرب شاملة ضد هذا الخطر الذي يستهدف الإنسانية كلها إنما تنتصر لثقافة الاستنارة والاحتفال بالحياة والسعي للتقدم وترفض ثقافة الخوف التي تسعى تنظيمات الإرهاب الظلامي لفرضها على العالم متوسلة في ذلك حتى بقتل المصلين في دور العبادة.. إنها الرغبة الظلامية في فرض زمن القتل العشوائي الذي تجاوز قبح مراحل مثل القتل على الهوية.. فالقاتل الآن يقتل بلا اي معايير سوى الرغبة في بث الذعر في النفوس وترويع البشر في كل مكان لخلق حالة إرهاب في النفوس، وذلك كما لاحظ عالم اقتصاد حاصل على جائزة نوبل ومثقف أمريكي كبير، وهو البروفيسور بول كروجمان.

وهذا المثقف الأمريكي يمثل مع ثلة من المثقفين الشرفاء في الغرب حالة مغايرة للتناول الإعلامي الغربي للأوضاع في مصر والعالم العربي الذي كثيرا ما تحكمه ميول وأهواء وعوامل بعيدة عن الموضوعية مهما إدعى البعض خلاف ذلك.. وقد يصل الأمر لحد الإفتراء والعدوان العمدي على الحقيقة مع نزعة إصرار على تحويل أي إنجازات إلى إخفاقات وتلوين المشهد ككل بالسواد بدافع الرغبة في إشاعة حالة من اليأس العام.

ومن هنا علينا ألا نسمح للخوف بأن يشل تفكيرنا ويعطل أوجه الحياة اليومية كما يقول بول كروجمان عالم الاقتصاد الأمريكي الحاصل على جائزة نوبل عام 2008، والذي أوضح في طرح بجريدة "نيويورك تايمز" أن الإرهاب مهما فعل لن ينجح في تدمير الحضارة وإنما تلك الهجمات الإرهابية "محاولة منظمة لبث الذعر في النفوس".

فما يفعله الإرهاب في نظر العالم الاقتصادي والمثقف الأمريكي البارز بول كروجمان "محاولة منظمة لبث الذعر في النفوس"، وقد يؤدي هذا الذعر لاستجابات وردود أفعال خاطئة وهذا ما يريده الإرهابيون أيضا حيث يهمهم جدا استغلال هذه الحالة لتصوير أنفسهم "كقوة لا تقهر" مع أنهم في نهاية المطاف مجموعة من اصحاب العاهات النفسية والمصابين بإيدز الكراهية ومصيرهم كفئة باغية إلى هزيمة وزوال.

وها هو بول كروجمان يؤكد أن الدول التي تتعرض لحوادث إرهابية أقوى وأكبر بكثير من أن تهزم أمام جماعة إرهابية مهما فعل الإرهابيون فيما يرى أن التحول في استراتيجيات الإرهاب وتبني أسلوب القتل العشوائي علامة ضعف ودليل على يأس الإرهابيين.

ويشدد كروجمان على أن أي "تهدئة أو استرضاء لجماعات الإرهاب" إنما يشكل خطأ تاريخيا فادحا فيما يطالب باتخاذ كل الأسباب لدحر الإرهاب لكنه يقر في الوقت ذاته بأن المسألة ليست سهلة في عالم الواقع بتعقيداته وثغراته التي لم تنجح حتى القوى العظمى في سدها تماما كما تجلى في مآساة 11 سبتمبر 2001 بالولايات المتحدة، وكما حدث في دول مثل فرنسا وبريطانيا.

وقد يكون علينا في مشهد كهذا ألا نسمح للإرهاب بتغيير فطرتنا الإنسانية السوية أو شد اهتمامنا بعيدا عن السعي المطلوب لصنع غد أفضل لا مكان فيه لإيدز الكراهية والقتل العشوائي والأعمى للبشر والأكثر أهمية ألا نسمح بتحويل العالم إلى بيئة مذعورة تعاني من الرهاب بفعل الإرهاب الذي لا يملك أي شيء سوى زرع الخوف كما يقول هذا المثقف الأمريكي الكبير.

وإذا كان أعداء مصر والمصريين راغبين عبر الإرهاب الأسود في فرض التشاؤم واليأس على أوجه الحياة المصرية، فإن أمانيهم المريضة لن تتحقق أبدا لأن اليأس لم يكن أبدا ولن يكون خيارا للمصريين.. فأي قراءة متعمقة للتاريخ الثقافي للمصريين تكشف بوضوح عن هذه الحقيقة بل وعلى النقيض، فإن المعدن الأصيل لهذا الشعب العظيم يتوهج وتتجلى ثقافة المقاومة بالتفاؤل والأمل في خضم أوقات التحديات الجسام.

وتأمل التاريخ المصري على امتداده المديد يكشف دون عناء عن أن التفاؤل سمة أصيلة للإنسان المصري مهما واجه من تحديات، وأن إرادة الحياة عند المصري أقوى بكثير من عوامل التشاؤم ومثيرات الاكتئاب وأسباب اليأس.

ومن نافلة القول أن أعداء شعب مصر لا يمكن أن يشعروا بارتياح بعد أن توالت في الآونة الأخيرة تقارير ودراسات لمؤسسات ومجموعات استشارية دولية متخصصة في قضايا الاقتصاد والطاقة.. فالقوى والأطراف المناهضة لأمال وطموحات شعب مصر حريصة عبر منابرها وأدواتها الدعائية على تغذية شعور التشاؤم بين المصريين والتشكيك في قيمة أي إنجاز والإيحاء بأنه لا حل للمشاكل، ومن ثم فلا أمل في المستقبل مع أن هذا الشعب العظيم تمكن من قبل من مواجهة مشاكل وتحديات خطيرة.

وقال الكاتب الصحفي في "جريدة الأهرام" مرسي عطا الله "إن هذا الحادث الاجرامي الرهيب والبشع واللاانساني الذي استهدف مئات المصلين وهم ركع سجود يستوجب منا بعيدا عن شدة الغضب وقسوة الوجع أن نضعه في سياقه وفي إطاره دون تهوين أو تهويل متسلحين بفهم عميق لضراوة الحرب التي نخوضها ضد الإرهاب، وهي حرب لا نملك خيارا سوى أن نكسبها".

وعبر الصحف ووسائل الإعلام تتوالى التعليقات من جانب مثقفين وفنانين اتفقوا في الرأي على أن شعب مصر قادر دوما على تجاوز المحن والمواجهة الحاسمة لكل التحديات، وأن هذا الوطن لن يخضع أبدا للإرهاب مؤكدين أن هذه الجريمة الإرهابية النكراء ضد مدنيين عزل في مسجد تكشف عن المأزق الذي تعانيه جماعات الإرهاب التي تلفظ أنفاسها الأخيرة.

وكما قال الكاتب الصحفي صلاح منتصر فإن خسة الحادث ووحشيته تعكس حالة اليأس التي عاشها الذين خوا وتولوا تنفيذ الجريمة، مشددا على أن المعركة ضد الإرهاب معركة وطن بأكمله.

ومع الإجماع على أن المصريين سينتصرون على الإرهاب، فإن معلقين أشاروا إلى أن مثل هذه العمليات التي يتوهم من يقف خلفها بأنها يمكن أن تؤدي للنيل من الإرادة المصرية لن تزيد المصريين إلا إصرارا على استكمال مسيرة الانجاز والنجاح في كل أوجه الحياة.

وأعلن أشرف زكي نقيب المهن التمثيلية في مقابلة تلفزيونية عن اجتماع حاشد للفنانين اليوم /الاثنين/ لبحث آليات مواجهة الإرهاب عبر الفن ويقول مثقف مصري كبير وعالم في الاقتصاد هو الدكتور جلال أمين "نعم التفاؤل يساعد على النهضة بل قد يكون شرطا من شروطها كما أن التشاؤم يؤخر النهضة ويعطل تقدمها، مشيرا إلى أن لديه من الأدلة التاريخية ما يرجح هذا الاستنتاج".

وقوة إرادة المصريين على حماية حريتهم ومنظومة قيمهم في مواجهة قوى الظلام والموت سبب قوي للتفاؤل رغم كل الآلام، كما أن من حق كل مصري أن يحلم بالغد الأفضل على قاعدة الإنتماء والاخلاص فيما لسياسات الأمل والإنجاز على أرض الواقع أن تعزز ثقافة المقاومة بقدر ما تهزم دعاوى اليأس والإحباط.

وكل مثقف ملتزم بقضايا الإنسانية يثق بالنصر على أعداء الحياة بقدر ما يحتفل بالحياة ويحلم بعالم أفضل!.. نعم الإرهاب لن ينجح في فرض ثقافة الخوف على مصر وللعالم أن يتبنى الرؤية المصرية المخلصة لمحاربة الإرهاب بصورة شاملة حتى تنتصر الحياة على أصحاب فتنة الدم والظلام.. كل فجر ينتظر اسمك يا مصر كي يضيء.. وكل أمل ينتظر إشارتك كي يجيء

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق