حقيقة مجزرة الروضة

الأربعاء، 29 نوفمبر 2017 12:49 م
حقيقة مجزرة الروضة
صبرى الديب

أؤكد أن من يطلع على فكر وعقيدة تنظيم "داعش" سيكتشف أن ما أقدموا عليه من قتل للمصلين داخل بيت من بيوت الله بقرية الروضة منذ أيام، ما هو إلا سلوكًا عاديًا لم يُحرك لهم ساكن، ولم يؤلم لهم ضمير، وأنه ـ طبقًا لعقيدتهم ـ قد تمكنوا من قتل مجموعة من "الكفرة" داخل "معبد" من معابد "الجاهلية"، وأن خطورة الواقع على الأرض تتطلب منا ضرورة التكاتف ـ وليس التشكيك ـ وإلا سيكون مصيرنا جميعًا ذات مصير شهداء الروضة.
 
وحتى يعي الجميع مدى خطورة هذا التنظيم، وما تتعرض له البلاد من خطر فادح، نتيجة لدخول تلك العناصر إلى البلاد، ويكُف المتاجرون والمشككون عن ترديد مقوليات لن تأتى سوى بـ "الخراب".. فقد استمعت منذ أيام إلى تسجيل لقيادي "داعشى" كان قد أدلى به قبل أقل من عام، إلى إذاعة خاصة بهم، كانوا قد أطلقوها من "الموصل" يؤكد فيه (أن هدفهم القادمة هو ـ مصر ـ وأنهم قد نجحوا في تكوين خلايا ذات جذور قوية لتنظيمهم في أنحاء متفرقة من البلاد، وأن نتائج ذلك سوف تظهر على الأرض، بعد أن ينتهوا من مهمتهم في العراق) وهو تصريح يحمل في مضمونه كارثة.
 
وحتى يعي الجميع حقيقة مجزرة الروضة، وحجم الخطر القادم، أؤكد أن ما يحمله هذا التنظيم من عقائد وأفكار دموية، يعد أخطر بمراحل من فكر "تنظيم القاعدة" الذي كان يضع ضرب "المصالح الأمريكية والغربية" هدفا رئيسيًا له، على اعتبار أن أمريكا والعرب يشكلون الدعم والحماية لأنظمة عربية وإسلامية "فاسدة" وأن ضرب مصالحهم سوف يجبرها على سحب تلك الحماية، وبالتالي انهيار الأنظمة العربية والإسلامية الحاكمة.
 
إلا أن "داعش" ترى غير ذلك، وتعتبر أن الأولى استهداف العدو "الداخلي"  قبل "الخارجي" والقضاء على "الأنظمة الكافرة" وتطهير المجتمع الإسلامي بالقضاء على كل من يخالف التنظيم فكريًا ومذهبيًا ودينيًا، بما في ذلك كل "التيارات السنية"، و"الشيعة" بكامل طوائفهم، وكل "الأقليات الدينية غير المسلمة" ومعهم كل "الجماعات الجهادية" الخارجة عن فكر التنظيم.
 
وعلى الرغم من أن الأزهر الشريف بكامل علمائه، يلم يجرؤ حتى الآن على تكفير أى من تلك التنظيمات، فإن عقيدة "داعش" تكفر "عامة المسلمين" بما فيهم غيرهم من التنظيمات الجهادية، استنادًا إلى فكرة "عدم العذر بالجهل" أى انه لا عذر للمسلمين بـ "جهلهم بالقضايا العقائدية التي تتماشى وعقيدتهم" ويستندون في ذلك إلى قاعدة تقول أن "من لم يكفر الكافر فهو كافر" ولذلك لا غرابه فى اقدامهم على قتل الأبرياء فى الروضة.
 
كما يؤمن تنظيم "داعش" بذات فكر"سيد قطب" الذي ذكره في كتابة "في ظلال القرآن" والذي يعتبر مساجد المسلمين "معابد جاهلية" يجب اعتزالها، ووجوب اتخاذ بيوت العصبة المسلمة منهم "مساجد" لمزاولة العبادات على نهج صحيح، بعيدًا عن المجتمع الجاهلي، وهو ما يجعل قتلهم للمصلين فى المسجد لا غرابة فيه.
 
ولعل أخطر ما في الأمر، أن إستراتيجية "داعش" تنطوي على "قتل الجميع" من أجل بسط سيطرتهم على الأرض، والتوسيع من بهدف إقامة "دولة خلافة" لا حدود لها، تتبعها "ولايات" يُعلن عنها حيثما تمكن مقاتليهم من فرض سيطرتهم على أراضيها، تحت سلطة حكومة يعيش فيها "مسلمون سنة" فقط دون غيرهم من أصحاب الديانات الأخرى، ويخضعون لمفهوم خاص للشريعة الإسلامية اختاره التنظيم.
للأسف هذا فكر التنظيم الذي قتل عناصره المصلون داخل بيت من بيوت الله، والتي تؤكد أنهم لن يترددوا في استهداف أى منا على اعتبار أننا "كفار" وأنهم يطبقون شرع الله، وانه لا عذر لنا، إلا إذا اتبعنا عقيدتهم، وأن الأمر يفرض علينا ضرورة مساندة الدولة دون تشكيك، وإلا فمصيرنا جميعًا سيكون ذات مصير شهداء الروضة.

 

تعليقات (1)
مقال رائع
بواسطة: قليط افندى
بتاريخ: الأربعاء، 29 نوفمبر 2017 03:54 م

مقال رائع يا استاذ صبرى تسلم ايديك

اضف تعليق