الضغوط الدولية وأزمة سعد الحريري وراء ارتباك حزب الله اللبناني

الجمعة، 01 ديسمبر 2017 03:00 م
الضغوط الدولية وأزمة سعد الحريري وراء ارتباك حزب الله اللبناني
حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله اللبناني
محمد الشرقاوي

يعيش حزب الله اللبناني، المصنف دوليًا جماعة إرهابية، حالة من التخبط المستمر، خاصة بعد الأزمة السياسية الأخيرة في لبنان، بعد إعلان رئيس وزرائها سعد الحريري استقالته في 4 نوفمبر الماضي.

مركز المستقبل للدراسات المتقدمة، نشر عرض بحثي، للباحث محمد عباس ناجي، رئيس تحرير مجلة "مختارات إيرانية" بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، بعنوان: "ارتباك مستمر.. كيف يتعامل "حزب الله" مع الضغوط الإقليمية والدولية؟"، أكد فيها أن الأزمة الأزمة الللبنانية الأخيرة أربكت حسابات "حزب الله"، خاصة أنها جاءت على نحو مفاجئ، توازيًا مع تصاعد انخراط الحزب في الصراع السوري إلى جانب القوات النظامية السورية.

الباحث في الشئون الإيرانية، قال إن هذا الارتباك بدا جليًّا في الرسائل المتناقضة التي وجهها الحزب، وانعكست في خطابات أمينه العام حسن نصر الله الأخيرة، وآخرها في 20 نوفمبر الجاري، وأن هذا الارتباك فرضته ضغوط قوية تعرض لها الحزب.

للضغوط القوية التي يتعرض بها الحزب أسباب أهمها محاولاته مصادرة القرار السياسي اللبناني لصالح مشاركته في الصراع السوري لخدمة أهداف إيران، وثانيها بسبب انخراطه في دعم الميليشيات الإرهابية والمسلحة التي تفاقم من الأزمات الإقليمية القائمة، على غرار الأزمة اليمنية.

سعد الحريري وميشال عون
 

وزادت حدة الضغوط بسبب متغيرين أساسين وضعهما الباحث، يتمثل أولهما في تصاعد الاهتمام الدولي بالأدوار السلبية التي يقوم بها الحزب على الساحتين اللبنانية والإقليمية، وهو ما بدا جليًّا في العقوبات الأخيرة التي أصدرها الكونجرس الأمريكي ضد الحزب في 25 أكتوبر 2017، واستهدفت دوره السياسي وموارده الاقتصادية، والتي تلت إعلان الاستراتيجية الأمريكية، في 13 من الشهر ذاته، لمواجهة التهديدات الإيرانية في المنطقة، لا سيما فيما يتعلق بأدوار الميليشيات الموالية لها وفي مقدمتها "حزب الله"، وإن تطلب الأمر اتخاذ خطوات إجرائية ضد الحزب داخل وخارج لبنان، قد تصل إلى حد عدم استبعاد استخدام الخيار العسكري.

الاهتمام الدولي بالتصعيد ضد الحزب جاء متزامنًا، حيث أكدت الخارجية الفرنسية على ضرورة تمتع السياسيين في لبنان بالمجال الكافي ليمارسوا مسئولياتهم، في إشارة إلى الضغوط التي يمارسها "حزب الله" على الحكومة من أجل اتخاذ خطوات سياسية تتوافق مع السياسة التي تتبناها إيران خاصة في سوريا، وفق الباحث.

وأشار الباحث إلى المعطيات الجديدة التي فرضها قرار مجلس وزراء الخارجية العرب الأخير في القاهرة، بتاريخ 19 نوفمبر، لبحث سبل مواجهة التهديدات الإيرانية، والذي عكس اتجاهًا عربيًّا جديدًا نحو "تدويل" ملف التهديدات الإيرانية، من خلال مطالبة المجموعة العربية في الأمم المتحدة بإجراء اتصالات لعقد جلسة لمجلس الأمن بهدف مناقشة هذه التهديدات.

اجتماع وزراء الخارجية العرب
 
بحسب العرض البحثي، فإن الضغوط المزدوجة أفقدت الحزب زمام المبادرة، ودفعته إلى تبني موقفٍ دفاعي، ساهم في ارتباك موقفه، وهو ما بدا جليًّا في الخطاب الذي ألقاه حسن نصر الله بعد يوم واحد من الاجتماع الوزاري العربي، والذي وجه فيه رسائل سياسية.

ثلاث رسائل لبنانية قدمها نصر الله، أولها إعطاء انطباع بعدم مسئوليته عن الأزمة السياسية التي ما زالت مستمرة حتى الآن داخل بيروت، بتأكيده أن الحزب لا يعتبر الحكومة مستقيلة، وهو ما تبنته القوى السياسية اللبنانية.

وثاني تلك الرسائل، الإيحاء بأن الحزب يتجه إلى اتباع سياسة انسحابية من بعض مناطق الأزمات، وذلك بهدف تقليص حدة الضغوط الدولية والإقليمية المفروضة عليه بسبب تدخله في الصراعات الإقليمية المختلفة، وثالثًا الترويج للادعاءات الإيرانية الخاصة بالدور الذي قامت به إيران في الحرب ضد "داعش"، حيث كان "نصر الله" حريصًا على توجيه الشكر للحرس الثوري وقائد فيلق القدس "قاسم سليماني" للدور الذي قاموا به في طرد "داعش" من مدينة البوكمال السورية، بحسب عباس ناجي.

كتائب حزب الله في العراق
 

وتابع الباحث أن تصريحات نصر الله تزامنت مع حرص إيران على الترويج للمزاعم نفسها، وهو ما برز في تصريحات الرئيس الإيراني حسن روحاني، في 21 نوفمبر الماضي، التي هاجم فيها الجامعة العربية، مشيرًا إلى الجهود التي بذلتها إيران في محاربة "داعش"، متجاهلًا أن السياسة الطائفية التي تبنتها طهران كانت إحدى الأسباب التي أدت إلى انتشار التنظيم في العراق وسوريا خلال الأعوام الأخيرة.

وانتهى الباحث إلى أن الحزب يسعى إلى إبعاد نفسه عن الأزمة السياسية الحالية في لبنان، رغم أنه المسئول عنها بشكل رئيسي، وتوجيه رسائل مباشرة بانفتاحه على الجهود التي تبذلها قوى دولية وإقليمية عديدة من أجل الوصول إلى تسوية لها في الفترة المقبلة، دون أن يكون لديه استعداد حقيقي لدعم تلك الجهود، باعتبار أن القرار في النهاية لا يُتخذ في الضاحية وإنما في طهران.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق