حال "المعارضة" فى مصر

الأربعاء، 06 ديسمبر 2017 01:00 م
حال "المعارضة" فى مصر
صبرى الديب

أؤكد أن النظرة العبقرية لـ "المعارضة والمعارضين" في مصر قد تعدت كل الحدود، بعد أن  وصلت بالبعض إلى حد الإصرار على التشويه والطعن في وطنية العشرات من الكتاب والمثقفين والسياسيين، لمجرد أنه كان لأى منهم رأى أو وجهة نظر مخالف لرأى الدولة، ظنًا منهم أنهم بتلك النظرة المتخلفة يساندون ويدعمون الدولة، فى الوقت لا يعلمون فيه أنهم يرتكبون "حماقة" ويشكلون خطرًا بالغًا على الدولة، بملاحقاتهم لـ "الرأى الأخر".
 
فعلى الرغم من تقديري للظروف شديدة الحساسية التي تمر بها البلاد، إلا أن بديهيات الحكم في العالم تقول إنه "لا توجد دولة متحضرة تحيا دون معارضة، أو بوجهة نظر أحادية" وأن النظرة الصحيحة للمعارضة والمعارضين في كل دول العالم المتحضر، أنهم "يمثلون جزء من النظام"بل" عين النظام" التي لا يرى بها، والتي تكشف العيوب والسلبيات، ليس من أجل الهجوم والهدم وكشف العورات، ولكن من أجل الإصلاح والبناء والرقى، من منطلق "أن الجميع شركاء وطن واحد" ويسعون "حكومة ومعارضة" إلى الوصول به إلى ما هو أفضل. 
 
وحتى لا تختلط الأوراق، أؤكد أنني هنا، بصدد الدفاع عن "المعارضة الوطنية الشريفة" وليس "الإرهابيون" أو من يتبنون أفكار التطرف والعنف، أو من يعملون لصالح جماعات أو منظمات لا هدف لها سوى السيطرة والهيمنة على البلاد، أو إسقاطها لصالح قوى خارجية، لأن الفرق شاسع للغاية بين "المعارضة والإرهاب" ولا اتفاق بينهما حتى فى سطر واحد من التعريف.
 
 
فرغم مرور ما يقرب من 65 عامًا على حصول مصر على استقلالها، ومرور البلاد بثورتين من المفترض أنهما أحدثتا تغيرًا جذريًا فى كل المفاهيم الباليه والجامدة التى استخدمها ممن كانوا فى السلطة، كأدوات للحد من الارتقاء بالفكر والحريات فى هذا البلد، إلا أن التخلف والصدأ مازال يقبع على عقول البعض، في إصرار جاهل، ونظرة قاصرة، ترسخت وجعلت من كل من يعارض أو يختلف في الرأي مع النظام "خائن، وعميل، ومتأمر" في امتداد متخلف لـ "نظرية المؤامرة" التي زرعتها الأنظمة التي تعاقبت على حكم مصر على مدار السنوات الماضية، ضد "كل المعارضين" ورسخها نظامي السادات ومبارك، ولازالت عالقة بأذهان البعض، إلى أن حولنا "المعارضة الوطنية" إلى حالة البؤس التى هى عليه الأن.
 
وما يحزن فى هذا الأمر، أن من نتهمهم بالعاملة والخيانة، قد يكونون أكثر منا وطنية، وحملا لهموم وشجون الوطن، وقد تثبت الأيام أنهم أصحاب نظرة ثاقبة، ورأى سديد، وتصدق صحة رؤيتهم فيما اختلفوا فيه، حتى في القضايا شديدة الحساسية. 
 
أعتقد انه قد آن الأوان ونحن في القرن الحادي والعشرين، أن ننظر إلى المعارضة والمعارضين على أنهم "وطنيون" يعتزون بـ "مصريتهم" وليسوا "شواذًا ولا عملاء" لابد أن نهوى بهم إلى أسفل السافلين، وأن المرحلة شديدة الحساسية التي تمر بها البلاد لا تعنى ضرورة إقصاء كل من يختلف أو يعارض، لأن الجميع فى خندق واحد، وهدفهم جميعًا هو الرقى بالبلاد، حتى وإن اختلفت الرؤى.
 
لقد آن الآوان لإلغاء "نظرية المؤامرة"، التي زرعتها الأنظمة السابقة، والتعامل مع المعارضة بمنطق أنها "جزء من كيان الدولة، وقوى وطنية شريفة، تعارض وتختلف من أجل صالح هذا البلد، والعين التي تكشف العيوب والانحرافات لمعالجتها، والوصول بالبلاد إلى ما نحب أن نراها، كما هو الحال في المجتمعات الديمقراطية الراقية.
 
فليس هناك نظام في العالم عمل دون معارضه، إلاّ وفسد قطاع عريض من مسئولية، واختصوا لانفسهم وعائلتهم ما لا حق لهم فيه، فلا ديمقراطية بلا معارضة، ولا تقدم لدولة تتآمر على المعارضين.
 
 

 

تعليقات (1)
مقال معبر ومنصف للغاية
بواسطة: قليط افندى
بتاريخ: الأربعاء، 06 ديسمبر 2017 01:53 م

المقال بالفعل يعبر بصدق وينصف المعارضة الوطنية الشريفة، وهذا عهدنا بك استاذ صبرى، دائما منصف للحق

اضف تعليق


الأكثر قراءة