ما بعد الانسحاب الروسي من سوريا.. خيارات المواجهة والحد من التواجد الأمريكي
السبت، 16 ديسمبر 2017 04:59 م
في 25 نوفمبر الماضي، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" عن تواجد ألفي جندي أمريكي في سوريا، بزيادة 4 أضعاف عن إحصاءات سابقة، أعلن عنها مسؤولون أمريكيون، منهم جون دوريان المتحدث باسم التحالف الدولي، في فبراير الماضي، قال إن 500 جندي أمريكي من قوات العمليات الخاصة يشاركون في عمليات الرقة.
وفق مراقبون فإن التواجد الأمريكي في سوريا سيقوض عملية السلام في المنطقة، خاصة بعد بدء انسحاب القوات الروسية من سوريا، يوم 11 ديسمبر الجاري، بعد أوامر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال زيارته المفاجئة لقاعدة حميميم العسكرية.
ونقلت وكالة "آر آي إيه نوفوستي" للأنباء عن بوتين قوله: "أمرت وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش ببدء سحب القوات الروسية إلى قواعدها الدائمة"، مضيفًا: "لقد اتخذت قرارا بسحب جزء كبير من الفرقة الروسية الموجودة في سوريا وعودتها إلى موطنها في روسيا".
وقال بوتين إنه "إذا رفع الإرهابيون رؤوسهم مرة أخرى"، فإن روسيا "ستشن غارات عليهم لم يروا مثلها من قبل"، متابعًا: "لن ننسى أبدا الضحايا والخسائر التي تكبدناها في القتال ضد الإرهاب هنا في سوريا، وأيضا في روسيا".
المخاوف الروسية
الانسحاب الروسي، جاء بعد عامين من التواجد في سوريا، استطاعت خلالها قتل 50 ألف إرهابي وتغيير مجريات المواجهات العسكرية لصالح الجيش السوي وحلفاءه على الأرض، بتدمير مراكز تجمعات الإرهابيين في سوريا، بالإضافة إلى قطع خطوط إمدادهم.
غير أن التواجد الأمريكي الذي دخل داعمًا لميليشيات كردية، مازال مستمرًا، حسبما صرحت وزارة الدفاع الأمريكية أن القوات الأمريكية لن تترك مواقعها في سوريا حتى لو تم القضاء على داعش، - الآن انتهت أكثر من 90% من العمليات التي شنتها قوات سويا الديمقراطية ضد داعش في الرقة ودير الزور وتمكنت من تحرير عواصم التنظيم-، تعتبره القيادة الروسية غير قانوني، في حين أن التواجد العسكي جاء بدعوة من الرئيس السوي بشار الأسد.
التواجد الأمريكي، جاء على رأس اهتمامات القيادة السوية، وهما ما جعل من انسحابها انسحابًا جزئيًا، يقول المحلل السياسي الروسي أندريه أونتيكوف، حسبما نقلت وكالة إسبوتنيك، إن موسكو وضعت خيارات في مواجهة التواجد الأمريكي غير القانوني في سوريا.

وتابع أن أولى تلك الخطوات، توسيع قاعدة طرطوس البحرية الروسية وخطوات أخرى تتخذها روسية، هي قوة ضامنة للحفاظ على سيادة الدولة السورية، فقاعدة "حميميم" وقاعدة "طرطوس" تساهمان في الحفاظ على سيادة الدولة السورية، وروسيا أعلنت موقفها الرافض لتواجد التحالف الأمريكي، وفي نهاية المطاف ستكون الولايات المتحدة مضطرة لتهرب من سوريا، لأنه لا توجد أي آفاق لتحقيق النوايا الأمريكية، وهنا أقصد إسقاط نظام الحكم في سوريا بشكل غير شرعي.
أحد الضباط السوريون، العميد هيثم حسون، تحدث عن القلق الروسي أيضًا، وهو ما نقلته اسبوتنيك الروسية، قائلًا لدى الدولة السورية خيارات، على رأسها، الخيار السياسي والدبلوماسي الذي تنتهجه الدولة الروسية من خلال العمل مع الولايات المتحدة، إن كان بشكل مباشر عبر العلاقات الثنائية أو من خلال المنظمات الدولية، مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة لتشكيل نادي يضغط على الولايات المتحدة من أجل سحب قواتها من الأراضي السورية.
ثاني تلك الخيارات "المواجهة العسكرية غير المباشرة"، وهنا سيتجه الجيش السوري بعد القضاء على "جبهة النصرة" للتعامل مع المجموعات التي تدعمها الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة الجنوبية عبر استهداف ما يسمى بقوات العشائر وجيش سوريا الجديد أو في المنطقة الشمالية من خلال استهداف "قوات سوريا الديمقراطية" التي هي في الحقيقة الذريعة الأخيرة للوجود الأمريكي في المنطقة الشمالية.
وثالثها، "الخيار العسكري المباشر"، وذلك لأن القيادة السورية تعتبر القوات الأمريكية محتلة ودخلت بدون أوامر من القيادة السياسية، وبالتالي سيدخل الجيش السوري في مواجهة عسكرية عبر الفصائل الداعمة المدعومة إيرانيًا أوالجيش السوري وبدعم من موسكو.

المبررات الأمريكية
معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدني، قال إن القوات الأمريكية تتخذ من مبررات منع ظهور داعش في العراق وسوريا، دافعا للتواجد العسكري، كذلك الحد من أعمال إيران العدائية في المنطقة، والتي تعزز بروز المشاكل مثل تنظيم "داعش" في المقام الأول ويعني ذلك إقناع كل من الكونجرس الأمريكي والمجتمع الدولي بأن التهديد القائم كبير.
يقول المركز إن إدارة دونالد ترامب وجهت رسائل متضاربة حول سياستها تجاه إيران، ولم يكن العنصر الأكثر أهمية في بيان الرئيس الأمريكي في 13 أكتوبر حول إيران القرار المعظّم بل الرمزي بشكل كبير بحجب التصديق على الاتفاق النووي، وإنما الإعلان بأن واشنطن ستركز على احتواء "النشاط الإيراني المزعزع للاستقرار" في المنطقة
كذلك من مسببات التواجد الأمريكي، إتمام مؤتمر "جنيف" للحل السلمي في سوريا، يقول معهد واشنطن إن بينما تسعى روسيا لتقويض عملية "جنيف" وبينما تسعى روسيا إلى تقويض عملية جنيف بشكل كامل عبر تحركاتها العسكرية والدبلوماسية (مثل محادثات أستانة وسوتشي)، فإن قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 يوضح أن مستقبل سوريا السياسي هو مصدر قلق أمني للمجتمع الدولي بأسره. فإجرامية أعمال نظام الأسد في الحرب - من الاستخدام المتكرر للبراميل المتفجرة والأسلحة الكيميائية وإلى التشرد الجماعي للسكان - يعزز دور الولايات المتحدة وحلفائها.

مخاطر محتملة
وحدد المركز أن هناك عدة مخاطر محتملة للتواجد الأمريكي، في حال قررت واشنطن الحفاظ على وجودها العسكري في سوريا، أولها أن ذلك سيكون بالضرورة طويل الأمد، وفوضويًا، ومن دون وضع نهائي واضح فيما يتخطى احتواء إيران.
ومع اقتراب هزيمة تنظيم داعش، طالبت روسيا مطالبة الأسد بانسحاب الولايات المتحدة بشكل كامل، بينما شن وكلاء إيران هجمات مزعجة ضد القوات الأمريكية وتلك المتحالفة معها.
وثمة مشكلة ثانية هي مسألة السلطة القانونية. فنشر واشنطن لقواتها في سوريا ودعمها لـ"قوات سوريا الديمقراطية" يعتمد على عدة آليات وهي: "الإذن باستخدام القوة العسكرية ضد تنظيم القاعدة لعام 2001"؛ وطلب العراق للمساعدة الأمريكية بموجب "اتفاق الإطار الاستراتيجي" الثنائي لعام 2008؛ وحق العراق في الدفاع عن نفسه وفقاً لـ "المادة 51" من ميثاق الأمم المتحدة؛ والسلطات المتعددة للبنتاغون في التدريب والتسليح فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب.
جيمس جيفري، سفير الولايات المتحدة السابق لدى العراق وتركيا، قال في العرض البحثي الذي نشره معهد واشنطن، إنه يمكن للأسد أن يعزز مطالباته المتزايدة والصارمة بانسحاب القوات الأمريكية من خلال عرض المسألة للنقاش في الأمم المتحدة.
إضافة إلى احتمالية مواجهة الوحدات العسكرية الأمريكية لعدد كبير من المخاطر اللوجيستية، في حين أن الوحدات المتواجدة في الجنوب ستقابلها إشكالية في وصول الدعم من الوحدات المتمركزة في الشمال.
