خيارات بوتين قبل السقوط على قمة العالم

الأربعاء، 20 ديسمبر 2017 11:36 ص
خيارات بوتين قبل السقوط على قمة العالم
عبدالفتاح على يكتب:

فلا الحليف سيظل حليفا، ولا  المنسق سيرفع سماعة الهاتف «الساخن» ليبلغ الطرف الآخر بالمعلومات «الضرورية» مانعة الصدام. أراد بوتين أن يعلن من «حميميم» أنه المنتصر والمنسحب فى الوقت نفسه، دون أن يرسل بإشارة ولو صغيرة للحليف الإيرانى (رفيق المعركة) بفحوى الإعلان، الذى على ما يبدو لن يخرج عن كونه بضع كلمات يناور بها الرئيس الروسى فى معركة أخرى.
 
وقع الخبراء فى حيرة، أيهما ستكون المحطة التالية للقاذفات الروسية، غربا حيث الموقع والكنز الليبى، وقطعة البازل المتوسطى الناقصة؟ أم جنوبا حيث خاصرة العالم، وناصية الشرور، وكهف الحليف السابق الذى رابض فيه سنوات قبل أن يحين موعد سلب حكم اليمن؟
لكن الروس، رغم كونهم سريعى التفكير بطيئى الحركة، إلا أن القيصر، أحس بتقدم العمر، فكان لا بد من الإسراع قليلا، لتذوق حكم نصف العالم، لكن هذه المرة؛ نصف مختلف عن ذلك الذى سقط من على موائد جورباتشوف، ونهشه النسر الجارح.
 
يبدو أن موسكو ستقفز نحو «المعلوم بالضرورة»، وتستغل التراجع والانحدار الأمريكيين، وستلتحم مباشرة، وفى وقت واحد- مع الخيارين، طالما أن الطريق لم يعد بالمستحيل، ولم تعد العوائق الجغرافية كما كانت، ولا السياسية تصد الطامحين لوراثة نفوذ آخذ فى التآكل.
 
فى اليمن، لن يكون بالضرورة «التمترس» فى خندق الحليف فى معركة سوريا، لأن هدف الدب الروسى ليس حقن دماء اليمنيين، ولا إنهاء المعركة العبثية الدائرة هناك، فالهدف هو التأثير بالإيجاب على النظام السعودى، وجذب طرف العباءة المسدلة، لتشكل على الأقل جناحا ثانيا، يدفع الرياض لمزيد من التوازن فى علاقاتها الدولية، والتوقف عن «الخدمة» فى بيت واحد فقط.
 
بدون سابق معرفة بكيفية تفكير عقل الدب، وبدون معلومات قادمة من موسكو، فإن المكاسب التى قد يجنيها بوتين من معركته القادمة فى اليمن، ستتضاعف لو أن الرياض، قبلت بالعرض الروسى، الذى هو بالتأكيد سيقيها (أى المملكة) شر صواريخ طهران، وسيمنحها خروجا مشرفا، ويجعل حديقتها الخلفية أقل خلقا للأذى الذى «مرمغ» الأنف السعودى فى وحل الهضبة اليمنية. 
 
فى ليبيا، ستكون مدة التفكير فى الخيارات المتاحة أقصر زمنا، فالمسرح بات مجهزا، والجمهور اشترى التذاكر، والأبطال المساعدون قد حفظوا أدوارهم بإتقان، والكومبارس أنهوا واجباتهم المنزلية.. حتى الأعداء؛ باتوا مستسلمين للمصير المحتوم، بعد أن لفظهم الممول والداعم، وولى وجهه شطر نجاته من مأزق المقاطعة؛ التى يكابر فى عدم تصديق تأثيراتها العميقة على جبهته الداخلية.
 
لن يكون زمن المباراة الليبية فى نفس قدر السورية، فالأخيرة كانت خيوطها شديدة التعقيد، وانسياب الإبرة احتاج فترة نقاهة كبيرة، بينما الأولى تفاصيلها أقل، وكثافتها السكنية أقل، ومخاطر المعارك أقل، ومفاجآت العدو محصورة فى أحد فصول كتيب الخبرة المكتسبة من معارك البادية السورية.
 
على هامش معركتى ليبيا واليمن، ستنخفض معدلات الضربات الإرهابية فى سيناء، وستتم السيطرة على قطار إعادة التسكين (والتشغيل) المخابراتى الغربى للدواعش، بحيث تكتمل الصورة، ويقتنع الرأى العام بمعركة كتب مسبقا سيناريوهاتها، وبدلا من فصل واحد، ستكون للمسرحية ثلاثة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة