تذاكر عبور ضحايا الإهمال الطبي في مصر إلى الآخرة

فتح الحكم القضائي الصادر، اليوم الاثنين، بمعاقبة طبيبة تخدير وطبيب جراح بالسجن لمدة عامين لطبيب، وسنة لممرضة بمستشفى أبو كبير العام، لتسببهم في وفاة طفل أثناء عملية استئصال لوز نتيجة للإهمال الطبي بعد أن نسوا "فوطة" في حلقه، الملف الكارثي للإهمال الطبي في مصر.

 

"ليس أي خطأ يمكن التصالح معه".. الأمر شبه متكرر في الدولة المصرية خاصة في ملف الإهمال الطبي، فقد تسببت أخطاء كارثية في وفاة عشرات المواطنيين.

 

تقول القاعدة القانونية أن عقوبة الإهمال الطبي لا تتجاوز الثلاث سنوات علي أقصي تقدير للمحكمة وقد يتم تخفيضها للحبس سنة، مع دفع الغرامة في المقابل يؤدي الخطأ إلى تدمير حياة إنسان ووفاته في كثير من الأحيان.

 

وتستعرض صوت الأمة أبرز وقائع الإهمال الطبي، التي صنفها البعض "كوميديا سوداء":

 

 

مسمار الكاتب الصحفي مؤمن المحمدي

 

تعرض الكاتب مؤمن المحمدي، لواقعة إهمال طبي بعد نسيان طبيب لـ"مسمار في فكة" عرض حياته للخطر. 

 

البداية كانت بتقديمه بلاغًا لنيابة مدينة نصر، اتهم فيه أطباء بمستشفى خاص بالإهمال ونسيان "مسمار في فكه"، وذلك أثناء خضوعه لعملية "زرع أسنان فاشلة"، بمستشفى خاص، ونسي الأطباء "مسمار وسمبلة حفر" داخل جيوبه الأنفية، فتوجه لطبيب أنف وأذن وحنجرة، لعلاجه بعد تعرضه لمشكلات كثيرة، منها نزيف باللثة.

 

وأضاف: "خضعت لعملية استغرقت 6 ساعات لنزع الأدوات من الداخل التي تسبب فيها أطباء الأسنان بينما كان أملى هو زرع أسنان".

 

وقررت نيابة مدينة نصر صرف طبيبين من فريق العلاج بعد الاستماع لأقوالهما في البلاغ المقدم ضدهما، ونفت طبيبة اشتراكها في العملية، فيما اعترف الطبيب المعالج بأنه أجرى العملية للمريض ونسي "مسمار" في فكه دون قصد، وعندما اكتشف الأمر طلب من المريض عمل أشعة لتحديد مكانه، وإعادة العملية، وأمرت النيابة بعرض المجني عليه على الطب الشرعي، وإعداد تقرير واف بحالته وما به من إصابات.

 

 

نسيت وربطت الشريان

 

"نسيت وربط الشريان"، هذا ما قاله الطبيب المتسبب في وفاة إمرأة بعد إجراء عملية ولادة قيصرية لها في إحدي المستشفيات الخاصة.

 

بعد انتهاء الولادة، تذكر الطبيب أنه قام بربط كل الشرايين المغذية للرحم وقطع الجزء العلوي من المثانة أثناء الولادة، ما تسبب في نزيف حاد انتهى بفشل كلوي وموت الرحم وتعفنه داخل الجسد وانتشار البكتيريا الناتجة عن تعفن الرحم في الرئتين.

 

وكشفت نيرمين إحدى قريبات المتوفية، في التحقيقات، أن الضحية نزفت لمدة 6 ساعات ولم نجد دم لنقله إليها، وناشدنا الأهالي التبرع على مواقع التواصل الاجتماعي، ثم نقلناها إلي مستشفي أخرى، وبعد 12 يومًا تدهورت الحالة وتم نقلها لمستشفى ثالث، ولم يكن هنا أمل في شفائها، وتم نقلها لسويسرا لكن الطبيب المعالج أمر برجوعها مصر. 

 

وانتهت القضية بعقوبة السجن سنة للطبيب المعالج.


الراقصة غزل 

 

الراقصة الاستعراضية "غزل" كانت هي الأخرى على موعد مع الموت بسبب الإهمال الطبي، أثناء عملية لها بالرحم، داخل مستشفى خاص بمنطقة حدائق الأهرام، بعدما انتقلت في وقت مبكر إلى المستشفى عقب ظهور أعراض الهبوط والعرق المستمر، وتبين الكشف عن وفاة جنينها داخل الرحم.

 

الراقصة المتوفاة دخلت إلى غرفة العمليات لإجراء جراحة عاجلة "كحت بالرحم"،  وتنظيفه عقب وفاة الجنين بداخله، وكان برفقتها زوجها ووالدها حتى قبل دخولها، ورافقها إلى العمليات طبيب تخدير وطبيب جراحة و3 ممرضات، وانتهى كل ذلك بوفاتها. 

 

وأغلقت قوات الشرطة المستشفى الخاص بحدائق الأهرام، وتم تشميعه، بعد القبض على كل العاملين فيه.

 

 

 هبة العيوطي.. الموت بالفورمالين
 

"هنجيب حقك ياهبة " هاشتاج انتشر علي كافة مواقع التواصل الاجتماعي للتنديد بالإهمال الطبي داخل إحدى المستشفيات الخاصة، بعدما تسبب طبيب أشعة في وفاة هبة العيوطي، بسبب حقنها بمادة كاوية "الفورمالين" بدلًا من الصبغة، ما أدى لاحتراق أعضائها الداخلية بالكامل، وإصابتها بإعياء شديد وتدهور حاد في

حالتها الصحية. 

 

وقال شقيقها عمرو العيوطي ، "إن هبة خريجة كلية تجارة إنجليزي، وكانت الأولى على دفعتها، وتعمل في شركة بترول مشهورة بالمعادي"، مشيرًا إلى أن هبة دخلت المستشفى لعمل أشعة بالصبغة، وهي متزوجة منذ عام، وذهبت لطبيب أمراض النساء لأنها تريد الإنجاب، وذهبت لعمل الأشعة بمستشفى النيل بدراوي برفقة والدتها وأختها التوأم. 

 

وعندما سألت عائلتها الطبيب عن سبب الآلام التي تعاني منها، أكد أنها حالة عصبية وحينها توتر الطبيب وأنكر حقنها بأي مادة ورفض استكمال الأشعة وطلب منهم مغادرة المستشفى وعمل الأشعة في مستشفى أخرى.

 

 وأحال الدكتور عادل عدوي، وزير الصحة والسكان، ملف هبة العيوطي إلى النائب العام لاتخاذ الإجراءات القانونية الواجبة، وأصدر قرارا بالغلق الإداري للمركز الذي أجرى فيه فحص الأشعة حتى انتهاء التحقيقات. 

 

وقضت محكمة جنح دار السلام بمعاقبة محمد صلاح، طبيب بمستشفى النيل بدراوي، بالسجن حضوريًا لمدة 5 سنوات مع الشغل والنفاذ على الطبيب وعلى الممرضتين دعاء نبيل عبدا لمجيد، وناهد حسن، بالسجن 3 سنوات لكل منهما مع الشغل والنفاذ وإلزامهما بالدعوى المدنية لتورطهما في التسبب في قتل المجني عليها.

 

 

الموبيل أهم من الجنين
 

ملائكة الرحمة تحولوا إلي شياطين في الأرض، فقد تسبب إهمال الممرضات بمستشفي أكتوبر المركزي في وفاة طفل رضيع بالحضانة نتيجة احتراقه بعد قيامهم بفصل التيار الكهربائي عنه لشحن "الهاتف المحمول". 

 

واستمعت نيابة ثانٍ أكتوبر، بإشراف المستشار أحمد الأبرق، المحامي العام الأول، لأقوال طبيبة بمستشفى أكتوبر المركزي، حول اتهام أسرة طفل رضيع لها، بالتسبب في وفاته إثر إهمال طبي.

 

وقالت الطبية وتُدعى "ج.ع"، أمام النيابة، إن والدة الطفل "ياسين"، عمره 35 يومًا، جاءت به إلى المستشفى بعد اكتشافها إصابته بميكروب بالدم، وإثر مضاعفات المرض لفظ أنفاسه داخل غرفة الحضانة.

 

وأفادت الطبيبة، خلال التحقيقات، أن أقوال والدة الطفل بشأن وفاة الطفل لفصل التيار الكهربائي عن الحضانة "لأن الممرضات كن يستخدمن "فيشات" الكهرباء لشحن هواتفهن المحمول غير صحيحة، مؤكدة أن بطاريات غرفة الحضانة يستمر عملها 6 ساعات حال انقطاع التيار الكهربائي لأي سبب.

 

 

وكانت والدة "ياسين"، قالت للنيابة، إنه نتيجة الحر الشديد أصيب طفلها بالتهابات حادة في "السرة"، عقب ولادته، وأسرعنا للطبيب، ووقتها أمر بحجزه داخل حضانة رعاية أطفال، وتم تحويله إلى مستشفى 6 أكتوبر العام، ولكن الفحوصات والتحاليل أثبتت أن طفلها يعاني من ميكروب بالدم وصلت نسبته إلى 176، وعقب احتجازه بيومين توفي نتيجة إهمال طبي، وحقنه بـ"الألبومين"، وأخبرتهم الطبيبة المعالجة لحالته أن الحقنة "بروتين للقلب"، وطلبت الطبيبة أيضًا منهم تحاليل للابن عقب إخبارهم بأنه مصاب بتضخم بالقلب والكلى، ويعاني من انسداد في المسالك البولية.

 

 

العقوبة القانونية
 

يقول علي أيوب محامي، إن الحالات كثيرة وقاعات المحاكم تكتظ بقضايا من هذا النوع تنتهي غالبا بتغريم الطبيب، بسبب أن القوانين غير رادعة والرقابة في الغالب غائبة وعلي المشرع أن يكون واضحًا في هذا الصدد بحيث يتم تغليظ العقوبة في حال ثبوت رعونة الطبيب أو عدم اتخاذه الإجراءات اللازمة.

 

وأضاف أنه علي مستوي قانون العقوبات لم نجد مواد تتحدث صراحة عن خطأ الطبيب وإنما اكتفي بالقواعد العامة للمادتين 238 و244 وتنص المادة (238) من قانون العقوبات "من تسبب خطأ في موت شخص آخر بأن كان ناشئا عن إهمال أو رعونة أو عدم احترازه أو عدم مراعاته للقوانين والقرارات واللوائح والأنظمة يعاقب عليها بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تجاوز مائتي جنيه أو بأحدي هاتين العقوبتين".

 

وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد علي خمس سنوات وغرامة لا تقل عن مائة جنيه ولا تزيد علي خمسمائة جنيه أو بأحدي العقوبتين إذا وقعت الجريمة نتيجة إخلال الجاني إخلالًا جسيمًا بما تفرضه عليه أصول وظيفته أومهنته أوحرفته أو كان متعاطيًا مسكرًا أو مخدرًا عند ارتكابه الخطأ الذي نجم عنه الحادث أو كسل عن مساعدة من وقعت عليه الجريمة أوعن طلب المساعدة له مع تمكنه من ذلك وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد علي سبع سنوات إذا نشأ عن الفعل وفاة أكثر من ثلاثة أشخاص فاذا توافر ظرف أخر من الظروف الواردة في الفقرة السابقة كانت العقوبة بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد علي عشر سنوات.

 

وأضاف أيوب، أما المادة 244 من قانون العقوبات فتنص علي من تسبب خطأ في جرح شخص أو إيذائه بأن كان ناشئا عن إهمال أو رعونته أو عدم مراعاة القانون، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد علي سنة وبغرامة لا تتجاوز مائتي جنيه أو بأحدي العقوبتين وتكون العقوبة بالحبس مدة لا تزيد علي سنتين وغرامة لا تجاوز ثلاثمائة جنيه أو أحدي العقوبتين إذا نشأت عن الإصابة "عاهة مستديمة" 

 

وأوضح المحامي، أن الفقه والقضاء قد استقر علي أن التزام الطبيب في الأصل هو التزام ببذل عناية وفي حالات معينة يكون الالتزام بتحقيق نتيجة مثل الحال في العمليات الجراحية ، فقياس خطأ الطبيب يأتي من خلال القياس علي الطبيب العادي في الظروف العادية ويؤخذ في الاعتبار الظروف المحيطة بالطبيب كالحالات الاستثنائية أو توافر الأدوات من عدمه ويراعي أيضا تخصصه ، ويجب أن تعدل الصياغة بحيث لا تتضمن جملة " أو بأحدي هاتين العقوبتين" حيث أن التطبيق العملي يجعل العقوبة تنتهي عند حد الغرامة في معظم البلاغات.

 

وكشف التقرير السنوي للنيابة الإدارية إن عدد قضايا الفساد المتعلقة بقطاع الصحة بلغت 15 ألفا و81 قضية، واحتلت محافظة القاهرة المركز الأول في المخالفات يليها الدقهلية والشرقية، من ضمنهم وقائع إهمال طبي تسببت في وفاة مواطنين بلغ عددهم 493 قضية.