"تحت القبة شيخ" و"إحنا دفنينه سوا" حكاية فى كل بيت

الخميس، 04 يناير 2018 05:00 ص
"تحت القبة شيخ" و"إحنا دفنينه سوا" حكاية فى كل بيت
فاكر تحت القبة شيخ
إسراء سرحان

مازالت "الأمثال الشعبية" حتي وقتنا هذا، تستخدم وسط اى حديث بين الأصحاب أو الأقارب أوالجيران، ومازال لها بريق لا ينطفئ في إقناع الطرف الاخر بوجهة نظر معينة، ولكن الكثير مننا لا يعلم ما القصة وراء كل مثل شعبي يتداوله الجميع دون الإستثناء لفئة معينة في المجتمع.

وترصد "صوت الأمة" جميع القصص وراء هذه الأمثال الشعبية، وفي السطور التالية نتناول قصة إحداهما الذى حاز على شهرة واسعة، وهما"تحت القبة شيخ"، و"احنا دفنينه سوا".

تعود قصة هذه الأمثال إلى أشهر النصابين والحرامية في العصور القديمة، أحدهما اسمه نائل اللئيم، والثانى اسمه عطية أبو المفاهيم، وكانت لهم أفعال لئيمة وخصال ذميمة عانى منها كل من عايش معهم هذا العصر، واشتد مصائبهم خلال فترة قصيرة وهو ماجعل الجميع يسخط غضبه عليهم، ولما ذاع أمرهما واشتهر، وجدا أنه لا مفر من الرحيل، فسرقا حماراً وحفنة من الذهب، ولاذا بالفرار من المدينة ليلًا.

توجه"نائل" و"عطية"، إلى قرية بعيدة تدعي "البرسيم"، وكان اهلها يمتازون بالطيبة والتدين، وأثناء رحلتهم هلك الحمار من السير دون طعام أو شراب و"مات"، وهو ما جعلهما يحزنان بشدة لتركه، وتكملة الطريق دونه، ولكن نائل اللئيم راودته فكرة اخرى، فقال لصاحبه عطية: "لقد صبر معنا هذا الحمار أميالًا كثيرة، وحملنا دون شكوى أو اعتراض، ومن حقه علينا أن ندفنه هنا"، فقال عطية: "ولم نكلف أنفسنا المشقة؟"، رد نائل: "هذا حقه، لقد كان هذا الحمار صابرًا معنا، فهو أبوالصبر، وعندما سندفنه هنا، سندبر أمراً يجعلنا فى ثراء وغنى، وقد نحكم هذه القرية فى الحال".

بدأ الرفيقان في تنفيذ الخطة المتفق عليها، بحفر الأرض ودفن الحمار فى الحفرة العميقة، وأقاما على الحفرة سورا من طوب الطين، وعقب انتهائهم من الدفن، وعندما سمعا من بعيد أصواتاً آتية، فجلسا يبكيان ويقولان"لا إله إلا الله، أبو الصبر حبيب الله"، استغرب الجميع ما هذا، وذهبا ليسألوهم ماذا حدث ، وقالوا:"ما هذا، ومن أنتما؟ وماذا تفعلان؟" قال اللص نائل اللئيم وهو يبكى، "نحن من أتباع الشيخ أبوالصبر، وهو من أولياء الله، وقد كانت له كرامات يحكي عنها الجميع، يشفى المريض، ويزوج العانس، وقد مات هذا الصباح، وكان قد أوصانا أن ندفنه فى هذا البلد، وقال لنا إنها قرية الخير والمدد، وأهلها من أهل الجنة".

طيبة أهل القرية هي ما جعلتهم يصدقون هذه"الهرتلة" التى قالها اللصان، ووعدوا بمساعدتهما في بناء مقام يليق بـ "الشيخ أبوالصبر"، وبالفعل تم بناء المقام، ثم اتسع البناء وأصبح مسجدًا والمقام فى أوسطه، وعندما كان أهل القرى المجاورة يأتون لهذه القرية فيسألونهم عن هذا المقام وسر بناء هذه القبة العالية، فكان أهل القرية يقولون لهم: "تحت القبة شيخ"، وأصبحت مثلًا يقول على السنة الجميع، وصارت العطايا والهبات والنذور تنزل على الصاحبين، وبين ليلة وضحاها أصبحت بركة القرية فى هذا القبر، وزاد مال اللصين، وأصبحت لهما هيمنة على شؤون القرية، وعلى العمدة والأعيان والخفراء والأغنياء والفقراء.

وفى صباح يوم من ذات الأيام قرر "نائل اللئيم" أنه سيتركك البلدة لبضعة أسابيع، ويسافر إلى أهاليهم وذوايهم في بلدتهم القديمة، ليعطيهم ما يكفي من المال، ويودع عندهم صكوك الأراضى التى قاموا بشرائها من القرى الأخرى"، وأبلغ ذلك لصديقه "عطية ابو المفاهيم"، وغاب المسافر أكثر من شهر.

وعندما عاد "نائل"من مهمته وقد ظهرت النعمة عليه من تورد وجهه، وزيادة وزنه، فسأل "عطيه": "كم أتى لنا من المال فى غيابى؟" قال له: "لم يدخل لنا دانق ولا خردلة"، فنظر فيه صاحبه وهو مندهش، وهم أن يبطش به، فصاح عطية وهو يقول: "أقسم لك على صحة كلامى بحياة "سيدى الولى أبوالصبر"، فرد عليه نائل اللئيم، وقد نفد منه الصبر:"سيدى أبوالصبر! إحنا دافنينه سوا"، فأصبحت العبارة مثلًا للدلالة على فهم شخص لحيلة آخر.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق