شريط الكاسيت..

الخميس، 04 يناير 2018 11:41 ص
شريط الكاسيت..
هبة العدوي تكتب:

هذا المربع البلاستيكي ذو البكرتين الدائرتين، كُتب أعلاهما إسم المطرب.. يشدو عبر وجهه الأول قرابة الخمس
.. اغنيات وكذلك في وجهه الثاني 
لم يكن أبدا هذا الشريط هو مجرد جسم بلاستيكي، بل كان ينبض بالروح التي إرتبطت بسنون براءتنا وشقاوتها..
هو عمر حفرت أيامه وإرتبطت إرتباطا وثيقا بأغنيه لمطربنا المفضل، تلك التي ما أن لمست وتر قلبنا في لحظات تصاعد أحاسيسنا شوقا وبهجة وعشقا ورغبة، حتي كانت كالنقش داخل أرواحنا..
أو ربما تكون لمست إنهمار دموعنا حزنا وشجنا، فصارت كأنها صوتاً لنا يشفي آلامنا.. 
 
(2)
حدثني بالله عليك أيها التسعيناتي هل أنت مثلك مثلي ؟ 
عندما يصل لمسامعك (عمرو دياب ) وهو يغني (من كام سنة وأنا ميال ).. فتميل معه بقلبك إلي الآن..وتري عمرك في مراهقتك يمر أمامك في (يا عمرنا ).. ولا تنسي أبدا تلك الجميلة ذات العينين الواسعتين والتي كانت تمسك وقتها مقشة في (ويلوموني ).. أو ربما كانت أول جملة علي شفتيك وقتما يحدثك احدهم عن الماضي قائلا : (ما بلاش نتكلم في الماضي الماضي ده كان كله جراح ) 
أو قد يكون (لمراسيل )إيهاب توفيق نصيب من ذكرياتك، و(عدي الليل ) عليك وانت تتنهد حباً في ذكري أول حب بريء.. 
قد تكوني رأيتِ فارس أحلامك في إحدي أغاني (فارس )، و(سوسنته ).. ماذا عن (حميد الشاعري ) وألحانه التي تنساب بنعومة داخل أعماق روحك مع صوته الدافيء في (لو كنتِ ليل أنا فجرك ) أو ربما وضع لك أحدهم في شريط كوكتيل (كل شيء حبيبي بيفكرني بيك ).. أو ربما رأيت في حبيبتك وطن فظللت لأسابيع وشهور تسمع (لأنك مش وطن محدود بحبك فوق كل حدود ).. 
ومنير و( أول لمساته ).. ومن قبلها بسنوات طوال حديثه عن حبيبته ذات ( المريلة الكحلي ) وإبراهيم عبد القادر في إحدي كوكتيلات شركة (هاي كواليتي ) وعلي حميدة وحنان وأميرة (يا شمس غيبي ).
تلك النغمات التي ما أن سمعتها، لم تتمالك ذاتك وإرتسمت علي وجهك إبتسامة حنينك الجارف لتلك اللحظات المتقدة بأحاسيسك..
(3)
الحنين (النوستالجيا ) هذا المفهوم الذي يحمل الكثير من المعاني الدافئة لمناطق الذاكرة الجميلة التي إمتزجت فيها الأحلام بالآمال بالإندفاع بالجنون بالهدوء بالشجن.. 
قد تثار مناطقها تخزينها في ذاكرتنا، إذا ذهبت لمكان جميل لك معه ذكريات لا تُنسي، رائحة تحبها، أشخاص كانوا شركائك في أيامك الجميلة أو قد يكون سماعك (لأغنية )..وقتها لا تكون مجرد نغمات، بل هي أحاسيسك في وقت أجمل ذكريات حياتك تلك التي سجلتها موسيقى أداها مطربك المفضل وقتئذ.. 
 
والحقيقة ان للنوستالجيا فوائد علمية سواءا نفسية أو فسيولوجية، فعندما تتذكر :
1-روحك تصبح حية بذكرياتك الجميلة.
2-تؤهلك لتحمل مشاق الحياة في الوقت الحاضر..فالذكري الجميلة تكون بمثابة بلسم وترياق يعمل كبؤرة طاقة إيجابية تعطيك الطاقة لتحمل مصاعب حياتك.
3-تعود عقلك علي التركيز الإيجابي والتفاؤل.
4-تزيد من مناعة الجسم ضد الأمراض بتقليل مستوي (السيتوكينات الطرفية "بروإنفلامتوري " )
5-تجعلك أكثر إستعداداً للإبتكار وللخيرية.. فعندما تكون روحك حية، يصير عقلك منفتحاُ مقبلاً علي الحياة بصفة عامة. 
 
(4)
كان لكثير من هؤلاء قريبا حفل كبير في الإستاد، وكنت أتوق شوقاً لحضوره وللأسف لم يسعني الوقت..
كنت أتوق لقميص (كاروه أحمر ) أربطه علي خصري مع جينز كتبت عليه بنفسي من أوله لآخره لأنه وقتها كان (الموضة )..
واضعة قدماي في حذاء رياضي وخلف ظهري أحمل حقيبة صغيرة لا تثقل كاهلي بحملها وكيف وهي لا تحتوي إلا علي (وكمان ) وسماعات وشرائط كاسيت إمتلأت عن آخرها بذكريات عمري فامتزجت به فصارت وكأنها قطار أستقله كلما سمعت إحداها، يقذف بي بسرعة الضوء إلي ذكريات عمري الجميل.. 
 
(5)
ماذا عنك عزيزي القاريء ؟
هل ما زلت تتذكر تلك النغمات التي رقصت عليها ( سلو ) في فرحك وأنت تحتضن شريك حياتك بين يديك مقبلاً علي عمر جديد تسطره ببداية تكونيك لأسرتك الصغيرة ؟!
هل كان لك نصيب من حفلات الإستاد في تسعيناتنا الجميلة والتي نحضرها وقوفاً ؟!
أم تراك وقفت لساعات طوال في حفلات عمرو دياب في ( الفردوس ) و(البارادايس)، تلك التي كانت علي رمال شاطيء الإسكندرية بجماله وروعته ؟!
ام مازلت تتذكر إحدي حفلات جامعتك ؟!
أم تنهيداتك وأنت تضع بجانبك (الكاسيت أبو روحين ) كما كانوا يطلقون عليه، ذلك الذي كان يعتبر إعجاز تلك الفترة..لأنك ببساطة ستستطيع تسجيل أغنياتك بجودة عالية بدلاً من وضع كاسيتين بجانب بعضهم البعض..
أم تراك سهرت ليلاً بجانب (الراديو ) مستمعاً لأغاني نجاة الصغيرة وأم كلثوم وعبد الحليم حافظ ومحمد فوزي ومحمد عبد الوهاب وشادية، تتذكر حبيبك الذي لا تطاله أو تتمني ان يخفق قلبك بحب لا مثيل له في قصص العاشقين ؟!
 
(6)
هي ليست نغمات أغنيات في (شريط كاسيت )، بل أعمارنا سنة من وراء سنة وذكريات صنعت شخوصنا..
فيا أيها الذكري الجميلة بهجةً وشجناً، ألا تذكرتينا دوماُ فلونتي حاضرنا بأجمل أحاسيس كانت يوماً فيما مضي! 
لا تصيري ماضي أبدا بل ابقي حية.. فمعك روحنا وإنسانيتنا ؟!
أرجوك،
لا أبداً تفارقيني.. ولا تفارقينا !!

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق