احترم نفسك

الجمعة، 05 يناير 2018 04:33 م
احترم نفسك
أحمد نجيب كشك يكتب:

نتعامل يوميًا مع أصناف وأشكال مختلفة من الناس، ونرى فيهم الصالح والطالح، والصغير والكبير والمسلم وغير المسلم، وكل هؤلاء لهم علينا حق الإسلام وحق الإنسانية، ومنهم قسم خاص هم أخص الناس بنا وهم الوالدان والأخ والأخت والزوج والزوجة والأولاد، وكل هؤلاء يحتاجون لأدب في التعامل معهم من خلال احترامهم وتقديرهم وإنزال كل منهم منزلته التي تليق به، كما علمنا النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (أنزلوا الناس منازلهم).

لقد علمنا الإسلام أن نتعامل مع الكبير باحترام وتقدير، ومع الصغير بالرحمة والرقة واللين، والصاحب نعامله بما يحب أن يعامل به، وللأم حق خاص بها، وللزوجة حق آخر وللأخت والبنت حق ثالث ورابع، وعلمنا أيضا نتكلم مع الملوك وأرباب الرئاسة باللين والأدب وبالكلام المناسب لمرتبتهم ومكانتهم وهذا نستدل عليه من تكليف الله عز وجل لموسى وأخيه بحسن الخطاب واللين مع فرعون الذي طغى في قوله تعالى: (فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) وكذلك علمنا أدب التعامل مع العلماء بتوقيرهم وإجلالهم والتواضع بين أيديهم.

لكن الملاحظ في مجتمعاتنا الآن خلاف ذلك، فما نراه الآن ونسمعه من سوء احترام الآخرين عبارة عن  ظاهرة سيئة قد انتشرت في الآونة الأخيرة وبشكل كبير بين أفراد المجتمع، وهي عدم احترام الآخرين الأمر الذي يحول هذه الظاهرة إلى وحش كاسر متربص ينتهز الفرصة في كل مرة يحدث فيها نقاش أو اختلاف ولو في أبسط الأمور لتراه منقضا على المجتمع ليوقد نار العداوة بين أفراده.

لقد خلق الله الإنسان وغرز فيه حب التقدير والاحترام من الآخرين، وهذه الغريزة تلازمه منذ الصغر، فنحن نرى الطفل في المدرسة يفرح بالنجمة التي تلصقها له معلمته في دفتر واجباته، أو حينما يثني عليه معلمه ويأمر التلاميذ بالتصفيق له أمام الجميع، ونرى فرحة الموظف أو العامل المخلص في عمله حينما يتم تقديره بحافز يرضيه نظير اتقانه لعمله، وحتى المهندس والدكتور والقاضي والضابط وغيرهم ترضي غريزتهم شهادة تقدير نظير جهدهم وتميزهم، ومهما بلغ الإنسان من العمر أوعلت مكانته العلمية أو تقلد أعلى المناصب أو أصبح أغنى الأغنياء فإنه لا يستغني أبدًا عن حاجته لتقدير الآخرين له.

ومن هنا نستطيع الجزم بأننا نحتاج لأن يحترم كلا منا الآخر، وهذا ما علمنا الله عز وجل إياه في كتابه الكريم حيث قال: (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا) وهو ما أرشد إليه أيضا الحديث النبوي الشريف: (ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا)، فالتقدير والاحترام أساس نجاح أي علاقة في أي مجتمع من المجتمعات على جميع مستوياته وطبقاته، بل نجاح المجتمع نفسه وتقدمه ورقيه مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بذلك، ولهذا أرشد الإسلام إلى احترام الآخرين والحرص على انتقاء الأقوال والأفعال الطيبة والبعد عن البذيء منها، ووضح أن المسلم ليس بالشتام ولا اللعان بل هو حسن الخلق حليما مجاملًا لكل الناس من حوله كل حسب مكانته، صبورًا على الأذى الذي يناله من مخالطة الناس.

والحقيقة العجيبة التي لا مفر منها أن احترام الآخرين في حقيقته يمثل احترامًا لأنفسنا فنحن حينما يجهل علينا إنسان ويخطئ في حقنا نسارع بالرد عليه قائلين: (احترم نفسك) وهي جملة نقولها بألسنتنا لكننا لا نتدبرها بعقولنا وقلوبنا، وحقيقتها أن الإنسان حينما يحترم الآخرين، فالطبيعي والبديهي أن يبادلوه نفس الاحترام، فإذا أراد أن ينال الاحترام والتقدير بين أهله وفي مجتمعه لا بد من احترام نفسه باحترام الاخرين أولا، وكما قيل: (أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم - فطالما استعبد الإنسانَ إحسانُ ** أحسن إذا ما كان إمكان ومقدرة - فلن يدوم على الإنسان إمكانُ)، هذا هو سر السعادة والتقدم والرقي داخل أي مجتمع نسأل الله أن يؤدبنا بهذا الأدب العظيم وأن نرى ذلك في حياتنا في جميع تصرفاتنا وسلوكنا اليومي في المدارس والجامعات والشوارع والحارات والمقاهي والأسواق والنوادي والملاعب وفي كل مكان.

 

تعليقات (1)
موضوع مهم جدا
بواسطة: Wesam
بتاريخ: الجمعة، 05 يناير 2018 09:04 م

مقالة في منتهي الروعة سلمت يداك ??

اضف تعليق