هي من عالم آخر، من حضروا حفلاتها قالوا إنهم منوا النفس لو أن الحور العين فيهن منها، شيء من جمالها إخلاصها تفانيها يسمن ويغني من جوع، هي بغير تخطيط، كانت تحض على التدبر على الغوص في درر المعاني والأفكار، تتمايل برشاقة فتضرب الكفوف الكفوف، وتتسابق الآهات في الصياح، تقف بقدميها فيسكن الحال، ويحل الطير على الرؤوس، كبرت فكبرت معاها رسالتها، لم ينظر إليها يوما على أنها مجرد راقصة، بل أيقونة مصرية جابت العالم العربي، والغربي.
عواطف محمد عجمي، أو كما يقال "نجوى فؤاد" ، ولدت في 6 يناير 1943، لتسطر تاريخاً ثميناً لفن الرقص الشرقي في مصر، كان موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب رفيق رحلتها الطويلة، فكتب ألحان خصصت لها، استطاعت أن توحد القطبين عبد الحليم حافظ وفريد الأطرش، وتزوجت من جان السينما المصرية أحمد رمزي، عاشت صاحبة القدم الموسيقية كما كانوا يلقبونها بحياة حافلة بالأحداث.
ولدت نجوى فؤاد لأب مصري وأم فلسطينية، توفيت والدتها وهي لا تزال في عامها الأول وتربت مع زوجة أبيها التي لم تكن لديها أولاد واعتبرتها بمثابة ابنتها، بينما انتقل والدها الذي كان يعمل مهندساً كهربائياً للعيش مع زوجته الثالثة وأنجب منها ولدين هما «محمد – يحيي».
بدأت نجوى فؤاد مشوارها الفني من خلال العمل كراقصة في الأفراح والصالات، وذلك بعد أن هربت مع زوجة أبيها إلى القاهرة بعد قرار زواجها وهى في سن 12 من عمرها بأحد أقاربه الذي يبلغ من العمر 43 عاماً، وعندها بدأت رحلتها في البحث عن عمل حتى وجدت إعلان لمكتب فنانين يريد عاملة «تليفونيست»، وهناك التقت بصاحب المكتب «عرابي» وادعت أنها تجيد الغناء إلا أنه نصحها بالاتجاه إلى الرقص بعدما استمع إلي غنائها ووجده سيء للغاية.
ومن خلال مزاولة الرقص، اتجهت إلى السينما وشاركت في بطولة العديد من الأفلام، منها " شادية الجبل، المغامرون الثلاثة، غدًا يعود الحب، السكرية، الدكتورة منال ترقص، فرسان آخر الزمن، كشف المستور، هيستريا"، بالإضافة إلى التمثيل، كان لنجوي فؤاد عدة تجارب في اﻹنتاج السينمائي، من أشهرها فيلمي"ألف بوسة وبوسة، حد السيف".
تزوجت نجوى فؤاد عدة مرات منها من المخرج الاستعراضي كمال نعيم هو الزوج الثالث لها ، تزوجته بعد انفصال قاس عن الموسيقار أحمد فؤاد حسن، وتجربة زواج سريعة مع الفنان أحمد رمزي، وكان العريس يريد إقامة فرحا كبيرا حيث دعا إلى الحفل 982 شخصا، ولكن رفضت نجوى أن تقيم حفل زفاف بهذا الحجم، وأقامت حفل زفاف بسيط في منزلها حضره العديد من النجوم منهم نبيلة عبيد وليلى طاهر ولبلبة، وزيزي مصطفى التي رقصت في الحفل للعروسة وصديقتها المقربة.
اكدت نجوى فؤاد مرات عدة أن طليقها رجل الأعمال اللبناني سامي الزغبي بأنه "عقدة حياتها"، لأنها مازالت تحبه حتى الآن قائلة: "أحببت الزغبي بإخلاص شديد، ووقع الطلاق بيننا بعدما اكتشفت خيانته لي مع صديقة عمري وطليقة عمر خورشيد والتي تدعى أمينة السبكي".
جمعتها علاقة صداقة قوية بالراحل فريد الأطرش و لقربهما الشديد منه، رقصت على ألحانه في الحفلات المسرحية، وكانت عضوا أساسيا بحفلاته الساهرة في منازله.
ويذكر إنه من المواقف الشهيرة التي جمعت نجوى فؤاد بفريد الأطرش هو عندما قطعت نجوى تصويرها لفيلمين في مصر لتسافر إلى لبنان لمدة يوما واحدا حتى ترقص مع فريد الأطرش على أغنيته الجديدة “نورا” التي كانت سيتم تسجيلها لعرضها على الجاليات العربية بفرنسا، فقد قالت وقتها، “بمجرد أن سمعت صوت فريد الأطرش في التليفون قلت له سأسافر غدا إلى لبنان للمشاركة في الأغنية لأنني أحبك وأحب لبنان».
كما حظت الفنانة نجوى فؤاد بعلاقة مميزة مع الفنان بعبد الحليم حافظ، فوصفته بالأخ والصديق الذي لا ينسى قائلة: «حليم شخص هاديء الطباع ومن الصعب أن يفقد أعصابه، كما أنه انسان صادق وحسّاس ويحترم أي شخص يهتم بعمله، وهو خفيف الظل وكان يدلّعني ويقول لي يا "مانجو"، لأنه كان مؤمن بي كفنانة موهوبة"، بالرغم من تنافس الفنان عبد الحليم حافظ والفنان فريد الأطرش المستمر، إلا أن الفنانة نجوى فؤاد نجحت في جمعهما معا والرقص على غناءهما، فهي حظيت بصداقتهما وحب جمهورهما معا.
وذكرت نجوى فؤاد في أكثر من حوار صحفي لها أنها لا تفهم في السياسة، ولكنها دخلت بيت الرئيس جمال عبد الناصر ورقصت في فرح ابنتاه مني وهدي، وتذكرت موقفا طريفا عندما أرادت مجاملة الرئيس في فرح ابنته «مني»، فابتكرت حيلة لإبهار المعازيم، وكانت ترقص علي أغنية «زغروتة حلوة رنت في بيتنا»، حيث كان الفرح يقام في منزل بمنطقة منشية البكري، وخلال الرقصة أطلقت نجوى حماماً أبيض فظن الحرس أنها ترمي قنبلة علي المعازيم، وفي غمضة عين نزلت الستارة وضربها رجال عبد الناصر، وعندما علم الرئيس بما حدث منحها 500 جنيه بقشيش وقال لها «معلش»، وقد علقت على هذا الموقف قائلة صراحة كان رجل طيب.
.jpg "nagwa fouad (1)")
