انسف شعور الصدمة

الثلاثاء، 09 يناير 2018 03:04 م
انسف شعور الصدمة
رشا الشايب تكتب:

الصدمة أسوأ شعور نفسي سلبى قد يمر بنا، تأثيرها عنيف جدا، ليس فقط على مستوى النفس أو الشعور، ولكن أحياناً تمتد لتعبث بالجسد، فتختل وظائفه وتعتل صحته.

فعلى مستوى النفس والشعور، فإن مررت بصدمة نفسية تجد السعادة تُقتلع من الجذور، ويحضر الوجع وينتشر في الجسد كالبذور، وتبكى النفس قهراً وألماً كالبكاء عند القبور، وتضيق الأنفاس فجأة ويمتلئ القلب بالثُغور، أما الجسد فيُشاهد كالجمهور، عاجز عن تقديم أي مساعدة لتهدئة هذا الشعور، والعقل يبدأ في إنعاش القلب المكسور، فيُنسج بينه وبين القلب الجُسور، لتقديم الإمدادات له قبل أن ينفجر ويثور.

لذلك فمواجهة الصدمة أو على الأقل الاستعداد لاستقبالها أمر غاية في الأهمية، وإليكم بعض الخطوات التي من الممكن أن تقلل الشعور بالصدمة.

أولها، أنهى نظرية التوقعات المُثلى، فلا تتوقع في معاملاتك مع البشر أن يُعاملوك كما تعاملهم، أو أن يُحسنوا إليك كما تحسن إليهم، وأخرج من قاموس حياتك هذه الجملة (ماذا فعلت له كي يأذيني؟)، فلا تتعامل مع البشر وكأنهم ملائكة، وتذكر دوماً أنهم بشر، تَتَمَلكهم صفة النقصان في الصفات والقدرة.  

فلا تتوقع ألاّ يكذب عليك أحد مثلاً لمجرد أنك صادق ورصين، ولا تتخيل ألاّ يطعنك أحد في ظهرك بسكين، لأنك فقط مخلص أو لا تؤذى أحداً من الآخرين، وتأكد أنك ستُقابل الغشاش وأنت الأمين، وستجد من يكرهك أو يتمنى زوال نعمتك دون سبب مُبين، وَسَتَلقى المنافقين ومن لديهم من الوجوه الكثير وأنت الرزين الذى لا يقبل بالتلوين.

توقع الأسوأ دوماً وكن فطين، واستعد لمواجهة الصفات السلبية في النفس البشرية ولا تتصرف كالمصدوم أبداً أو الحزين، ولا تكن في صندوق صدماتك سجين، فإن قلّلت توقعاتك في معاملاتك مع الآخرين، ستقبل الصدمات بلا مبالغة أو تهويل أو صراخ لعين، وأعد برمجة عقلك ليقبل المواقف الصادمة، بالهدوء والحكمة مستعين.

نعم برمج عقلك إلى أن يصل لمرحلة النضج الفكري والتي بالفعل تنتج عن تجارب مؤلمة كثيرة مررت بها، زَرَعت بداخلك الألم والمرارة، نعم، ولكنها سَتُمكنك من مواجهة صدماتك المستقبلة بنفسٍ أهدأ وعقل أكثر رشداً واتزاناً وبمشاعر سلبية أقل حده.

ولا تفقد الثقة في الجميع، لمجرد أن صُدمت في أحدهم، أو صَدّقت كذبهم، أو آمنتَ بخداعهم، أو طُعِنت بغدرهم، ولا تجعل الشك يستوطن نفسك بأن الكل مثلهم، ولا تظلم أحداً بسوء ظنك لمجرد أنك قابلت من الناس أسوأهم، ومن الصفات أنكرهم.

 ثانيها، اقضى على شعور التعلق المرضى بالأفراد، وهو يعنى ببساطة شديدة عدم قدرتك على اتخاذ قرار بإنهاء علاقة غير سوية، تُسبب لك ضغوطاً نفسية شديدة بسبب سيطرة مشاعر التعلق المرضى عليك، وبالمناسبة مشاعر التعلق المرضى لا تُصنف على أنها مشاعر حب على الإطلاق.

فمفهوم الحب يختلف تماماً عن مفهوم التعلق المرضى، الحب علاقة سوية بين طرفين، كل منهما يبذل جهداً لإنجاحها، كل منهما يُقدم ويُضحى، كل منهما يُعطى ويَأخذ، كل منهما يفرح لفرح الآخر ويحزن لحزنه، كل منهما يتغاضى ويسامح، كل منهما لا يجرح أو يؤذى أو يُهين أو يخون الآخر، كل منهما يسعى لتحقيق أحلام الآخر، كل منهما يُرضى ويهتم بالآخر، علاقة مشتركة تنتفى فيها صفة الأنانية وتختفى منها الإيجو ولغة الأفضلية، علاقة مُكملة، فكل طرف يُكمل نقص الطرف الآخر.

وإذا أردت معرفة ما إذا كنت متعلقاً بشخص تعلقاً مرضياً أم لا؟ فإليك الأعراض، وهى: أن تتلخص الحياة كلها أمامك وتتمحور حول شخص واحد فقط، ترى بعينه، وتسمع بأذنه، وتتنفس بدقات قلبه، تنسى وجودك بوجوده، تهتم بكل تفاصيله، حتى ولو على حساب اهتمامك بنفسك وعملك وكل من حولك، تترك أحلامك وأهدافك وفى المقابل تسعى لتنفيذ أحلامه، تُضحى بكل وقتك ومالك وتستهلك كل مشاعرك في سبيل إرضاءه، تقبل منه أي مشاعر سلبية أو معاملة غير مُرضية، ترضى معه بأقل القليل من مشاعر الحب الطبيعية، تكره الدنيا في غيابه، تنهار إن أهملك، تمرض إن ابتعد عنك، تموت إن تركك، ولا تستطيع أن تتخذ قرارك بالانسحاب أو التخلي، إن كان يُسئ معاملتك، وكأنك خُلقت من أجله هو فقط. وكأن الله أوجدك في الدنيا من أجل إرضاءه فقط.            

 ثالثها، ابتعد عن هذا النوع من الشخصيات كي لا تنصدم مرات ومرات، وهم، من تركك وحيداً وهو يعلم أنك تواجه أزمة حقيقة شقّت صمت حياتك، من غدر بك وطعنك في ظهرك مستغلاً حسن نيتك ودون أن تُسبب له أي أذى، من ظلمك وافترى عليك زوراً وبهتاناً ولفق إليك التهم كذبًا وضلالاً وقال فيك ما ليس فيك، من طلبته للشهادة ليُنصفك من ظلم وقع عليك ورفض إنصافك مع علمه ببراءتك، من شهد الزور في حقك وأجحفك، من إذا خاصم فجر في خصومته لك وفضح أسرارك وشهّر بك، من كنت تعتقد أنه سندك ومصدر قوتك ولجأت له وقت حزنك أو ضعفك أو حاجتك وطلبت منه وقتها سنده واهتمامه، ولم تجده كما اعتقدت، الشخصيات السادية في العموم ( المؤذية، المتحكمة، الأنانية، متحجرة القلب، عديمة المبادئ)، من ملأ قلبه بالحقد والغيرة والغل منك، فلا يفرح لفرحك ولا يتمناه لك من الأساس، بل بالعكس يتمنى لك الأذى طول الوقت، وينشر كراهيته لك بين الناس، ويتعمّد تشويه صورتك.

وفى النهاية تذكر أن كل صدمة تمر عليك بحياتك تترك لك رصيدا من الخبرات المتراكمة تجعلك  تستطيع أن تواجه غيرها في المستقبل.  

  

 

تعليقات (1)
جميل
بواسطة: Ashraf diab
بتاريخ: الثلاثاء، 09 يناير 2018 07:17 م

ربنايسعدك يا فندم

اضف تعليق