الرئيس يحدد ملامح المجتمع الاشتراكي

من وثائق عبد الناصر: مصر تحتاج عدالة اجتماعية.. جيش قوى.. وديمقراطية سليمة

الإثنين، 15 يناير 2018 02:00 م
من وثائق عبد الناصر: مصر تحتاج عدالة اجتماعية.. جيش قوى.. وديمقراطية سليمة
جمال عبد الناصر

- نحتاج تنظيماً سياسياً اجتماعياً يشترك فيه أبناء الوطن جميعاً

-حتى نحقق المجتمع المتحرر من الاستغلال السياسى كان لا بد أن نقضى على كل آثار النفوذ الأجنبى

لا بد لملامح المجتمع الذى نريد أن نعيش فيه من أن تتضح يومًا بعد يوم.. وحينما قامت الثورة فى عام 1952 عبرت عن أهدافها؛ بإعلان المبادئ الستة.

هذه المبادئ لم تكن إلا للتعبير عن آمال شعبنا وأمانيه..
قضاء على الاستعمار وأعوانه.
قضاء على الإقطاع.
قضاء على الاحتكار وسيطرة رأس المال على الحكم.
إقامة عدالة اجتماعية.
إقامة جيش وطنى قوى.
إقامة حياة ديمقراطية سليمة.
ومن الواضح أن الأهداف الثلاثة الأولى تعبر عن عملية هدم آثار الماضى الذى ورثناه.
ومن الواضح أيضًا أن الأهداف الثلاثة الثانية تمثل عملية البناء، الذى يجب أن يسير مع عملية القضاء على آثار الماضى، جنبًا إلى جنب.
وقد تبلورت هذه الأهداف فى كلمات تعبر عن المجتمع الذى نريد أن نعيش فيه؛ وهو المجتمع الاشتراكى الديمقراطى التعاونى، وأصبحت هذه الكلمات تعبيرًا عن عقيدتنا، وفى نفس الوقت تعبيرًا عن أمانينا.
ففى سنة أصبحت هذه الكلمات تمثل معنى كبيرا..
مجتمع متحرر من الاستغلال السياسى.
مجتمع متحرر من الاستغلال الاقتصادى.
مجتمع متحرر من الاستغلال الاجتماعى.
وحتى يتحقق ذلك لا بد من عمل مستمر متكامل.
 
وحتى نحقق المجتمع المتحرر من الاستغلال السياسى؛ كان لا بد أن نقضى على كل آثار النفوذ الأجنبى، ثم نمنع بكل طاقاتنا أى تسلل لنفوذ أجنبى، تحت أى شكل من الأشكال.
 
وحتى نحقق المجتمع المتحرر من الاستغلال السياسى؛ كان لا بد أن يكون تنظيمنا السياسى متماشيا مع أهدافنا؛ فالتنظيم السياسى ليس إلا الوسيلة التى توصل إلى الهدف، وهو ليس غاية فى حد ذاته.
 
وكان هناك نظام الحزب الواحد، وكان هناك نظام الأحزاب المتعددة.
 
أما نظام الحزب الواحد، فلم يكن فيه أى تعبير عن آمالنا أو أى مسايرة لأهدافنا، فالحزب الواحد هو احتكار السياسة لفئة قليلة، ثم استعباد الفئة الكبيرة من أبناء الشعب؛ فئة قليلة تخطط وترسم، والشعب عليه أن يطيع وينفذ.
 
ثم كان هناك نظام الأحزاب المتعددة، وقد جربنا هذا النظام، وكان من الواضح أن الأحزاب التى قامت بعد ثورة 19 نسيت أهدافها الوطنية، وركزت كل همها فى أهدافها الخاصة؛ الحكم بأى وسيلة، حتى وصل الأمر إلى اللجوء إلى الأجنبى للوصول إلى الحكم، أو حتى للمعاونة على أن يكون الحزب قويًا.
 
وأصبح من الواضح أن تعدد الأحزاب فى الوقت الحاضر، ستكون له نتيجة واحدة؛ تسهيل السبل للنفوذ الأجنبى للتسلل، فالأحزاب الرجعية ستعمل للانحياز إلى الغرب، ولا مانع عندها من الاستعانة بكل الوسائل لتأمين مصالحها الخاصة، ولو أدى الأمر أن تصبح هذه الأحزاب أحزاب عميلة؛ تأخذ المساعدات، وتشترك فى المؤامرات للوصول إلى السلطة، ثم لا مانع بعد ذلك من أن تحمى مصالح الدول الاستعمارية، على أن تحمى هذه الدول مصالحها.
 
والأحزاب الشيوعية ستعمل للانحياز إلى الشرق، ولا مانع عندها من الاستعانة بكل الوسائل للوصول إلى السلطة؛ مستعينة بالشيوعية العالمية، بل إن هذه الأحزاب الشيوعية فى الحقيقة ليست إلا منفذة للسياسة التى تقرر لها.
 
وكان لابد لنا من أن ندخل تجربة جديدة؛ نحاول بها أن نتلافى مخاطر وعيوب نظام الحزب الواحد، والأحزاب المتعددة؛ نظام يشترك فيه كل أبناء الوطن، بدون إعطاء فرصة لتسلل النفوذ الأجنبى؛ وظهرت فكرة الاتحاد القومى.
 
تنظيم سياسى اجتماعى، يشترك فيه أبناء الوطن جميعًا.
 
كل الشعب ينتخب ممثليه.
 
وكل الشعب يحافظ على وحدته التى تحميه من تسلل النفوذ الأجنبى.
وكل الشعب يعمل فى الاتحاد القومى؛ كل فرد له صوت وله حق.
 
وكل الشعب يحمى نفسه من الاحتكار السياسى؛ سواء عن طريق الحزب الواحد، أو الانحراف السياسى؛ بقيام الأحزاب الدولية التى تستمد قوتها من الخارج.
وحتى نحقق المجتمع المتحرر من الاستغلال الاقتصادى؛ كان لابد أن نقضى على الإقطاع وعلى الاحتكار وسيطرة رأس المال، ثم نمنع بكل طاقاتنا أى تسلل للإقطاع أو الاحتكار أو سيطرة رأس المال.
 
وبما أن هذه الأمور جميعًا إنما تتعلق باقتصادنا، كان لا بد أن نغير الأوضاع التى ورثناها، ثم نستمر فى تطويرها؛ حتى تتوافر العدالة الاجتماعية.
كان لا بد أن نزيد الإنتاج.
 
وكان لا بد أن يكون التوزيع بطريقة تحقق العدالة الاجتماعية، ولا يمكن أن نبحث زيادة الإنتاج، ونهمل طريقة التوزيع.
 
وأصبح السبيل واضحًا؛ لا بد من العمل على إقامة قطاع اشتراكى فى الصناعة والتجارة، ولا بد من العمل على إقامة قطاع تعاونى فى الصناعة والتجارة، ثم العمل على توسيع القطاع الاشتراكى والقطاع التعاونى فى الصناعة والتجارة؛ بحيث لا يمكن للاحتكار أو لرأس المال السيطرة على الحكم، ثم توجيه الحكم لصالحها.
 
وبدأ القطاع الاشتراكى فى الظهور بتكوين المؤسسة الاقتصادية، وهيئة الخمس سنوات، وهيئة المصانع الحربية؛ على أن تكون الملكية إما حكومية– ملكية الشعب– أو مختلطة– حكومية فردية– بطريقة تمنع السيطرة لأى مجموعة ترغب فى الاحتكار والسيطرة على الحكم؛ لتحقيق المصالح أو استغلال النفوذ.
 
أما القطاع التعاونى؛ فقد بدأ بتشجيع الجمعيات التعاونية الصناعية، ولابد أن يتطور بحيث تنشئ الجمعيات التعاونية الصناعات التى تستخدم منتجاتها؛ فتستطيع الجمعيات التعاونية الزراعية إقامة صناعة تعاونية لمقاومة الآفات الزراعية مثلا.
 
أما فى القطاع التجارى؛ فالتحرر من الاستغلال الاقتصادى يحتم أن تكون التجارة عبارة عن توزيع لقاء عمولة عادلة، وهذا يحتاج إلى تنظيم الاتجار بالجملة.
وقد بدأ القطاع الاشتراكى عمله فى التجارة بتولى الحكومة تجارة الجملة للمواد الضرورية؛ القمح المستورد، الذرة المستوردة، اللحوم المستوردة، الشاى، ثم بتكوين شركات تجارية تستطيع أن تمنع الاستغلال والاحتكار.
 
أما التوزيع؛ فإن الجمعيات التعاونية الاستهلاكية هى السبيل لمنع الاستغلال.
 
كل هذا يسير جنبا إلى جنب مع النشاط الخاص التجارى فى الجملة، وفى القطاعى؛ على أن يكون ذلك لقاء عمولة للتوزيع، وقفل جميع سبل الاستغلال.
أما القضاء على الاستغلال الاقتصادى والاجتماعى فى الزراعة؛ فكانت الخطوة الأولى تحديد الملكية، ثم تمليك الفلاحين، وإقامة جمعيات تعاونية للملاك الجدد؛ تساعد على التسليف والتسويق، وتنظيم الزراعة بالطريقة التى تزيد الإنتاج، وتزيد دخل الفلاح؛ المالك الجديد.
 
أما القضاء على الاستغلال الاقتصادى والاجتماعى فى الإسكان، فيحتاج إلى جهد مشترك من الحكومة ومن الشعب؛ الحكومة تبنى المساكن لمحدودى الدخل، والشعب يكوِّن جمعيات تعاونية للمساكن تعطى لها الحكومة كل التسهيلات؛ من قروض بفائدة محدودة، ومن أرض بأسعار رخيصة، ومن إعفاء من الضرائب.
إقامة حياة ديمقراطية سليمة.
 
أما القضاء على الاستغلال السياسى؛ فالسبيل الوحيد إلى تحقيق ذلك هو حرية الفرد، التحرر من الإقطاع وسيطرته على حرية الفرد. العلاج، تمليك الفلاح الأرض، خدمة للفرد؛ فهو يستطيع أن يعرب عن رأيه، ويقول: «لا».. بدون أن يخاف صاحب الأرض؛ وبذلك تتحرر الطبقة العاملة فى الريف من قيود ورثتها عن الماضى، ومن نفوذ.. عن الماضى.. الإقطاع.
 
الحذر من الاحتكار وسيطرة رأس المال على الحكم، وقوانين العمل، ومنع الفصل التعسفى؛ كل ذلك هو حرية للعامل، فلا يستطيع أن يعبر عن رأيه بحرية، بدون أن يهدد فى عمله.
 
ويبقى بعد ذلك التنظيم السياسى الذى يؤمن لنا كل هذه المكاسب.
ليس صدفة أننا الآن ننهمك فى عمليتين..
الاتحاد القومى.
السد العالى.
حجر زاوية للأساس الاقتصادى.
للأساس الاجتماعى.
كانت آمال شعبنا تتجه لمثل هذا اليوم قبل الثورة.
من يتصور الثورة هى عملية هدم فقط، هذا غير حقيقى.
إعداد للبناء.
الثورة؛ شعب وجد أن مستقبله لا يتجه حيث تتجه آماله.
السد العالى، الاتحاد القومى
كل يكمل الآخر.
كل يكمل الآخر.
القوى المعنوية.
وأنا أتكلم عن التباطؤ والقيود.
الواقع نحن فى تقدم، ولكن نحن نطلب الكمال.
 
 
1
 

 

2
 

 

4
 
 

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق