رحلة البحث عن حياة

الأربعاء، 17 يناير 2018 04:04 م
رحلة البحث عن حياة
محمود علي يكتب:

لم أكن أتصور أن رحلة البحث عنها شاقة ومتعبة وطويلة بهذه الطريقة، كنت أسمع دائمًا أنها هكذا، إلا أنني لم أرى بعيني حتى تأكد بنفسي يوم خض فيه التجربة بكل مراحلها منذ البحث عن المستشفى حتى التنقيب عن حياة.
 
حياة التي زرعت فيه كافة معاني الصبر، منذ دخولي أبواب مستشفى المنيرة بالسيدة زينب حتى التقطتها عيني بعد وصولي إليها عقب عناء طويل وبحث مرير وانتظار على أحر من الجمر، اكتشفت في النهاية إنها لم تكن هي التي ابحث عنها، لكي أبدأ رحلة أخرى حكى لي الأصدقاء إنها ستكون أشد معاناة.
 
الرحلة بدأت عندما شعر الزميل هشام السروجي ببعض الآلام في أحد جنبيه، ليقصدني لأصاحبه في رحلته التي ظننا أنها لن تزيد عن ساعة أو أكثر قليلًا للوقوف على حالته الصحية، ولكن لم يكن يتوقع أحدًا منا أنها ستستغرق كل هذا الوقت، أكثر من أربع ساعات دون الوصول إلى مبتغانا.
 
حين وصلنا إلى مدخل المستشفي قال لي "السروجي" : "بكل صدق الاستقبال في هذه المستشفى عالمي فقد رأيت حالات خطرة في الماضي تخطت فيها مثالية المعاملة مستشفيات كبيرة"، حينها أطمأن قلبي فأنا حتمًا لم أرى ما قُص علي سابقًا من شدائد مر بها الكثير من أصدقائي في رحلات علاجهم.
 
لكن يبدو أن حديث السروجي عن المستشفي كان شيئًا من الماضي، لما لا فهو بحسب ما قص لي لم يزورها منذ سنوات طوال، فبوجودنا في بهو "المنيرة العام" وبسؤالنا عن طريقة الحجز لإجراء الفحوصات الطبية اتضح لنا أننا سنبدأ المعاناة، وسنمر بدوامة كبيرة.. كابتن أين مكتب الحجز؟... دكتور كيف نصل إلي شباك التذاكر؟.. سيادة السكرتارية أي الطرق التي قد تنقلنا إلى مرحلة الطبيب؟.
 
ورغم كثرة السؤال عن شباك التذاكر، وصل إلى حد دخولنا لمكتب المدير لعله يعلم الطريق الصحيح لإرشادنا إلى هدفنا صعب المنال، وبعد إلحاح منا جاءت الإجابة " يا أستاذ أنت عايز تقطع تذكرة كشف هتلاقي حياة اللي موجود في المكتب".... بسؤالنا عن حياة وبحسب الوصف وصلنا إليها لكنها أكدت إنها: "بتاعت أشعة فقط".. نظر إلي السروجي وبضحكة رجت أصواتها زجاج "المنيرة العام" قال لي "تصدق أنا كدا خفيت".
 
حياة هنا كانت موظفة نبحت عنها أنا وصديقي لتنقلنا إلى الطبيب الأخصائي لعلاج بعض الآم الظهر التي ربما شعر بها السروجي لإرهاقه في العمل، ولكن ماذا إذا جاء مريضًا يعالج من أعراض خطيرة إلى المستشفي باحثا عن حياة تنقذه من السقوط في براثن المرض؟.
 
 نعلم أن مستشفياتنا وخاصة العامة منها، تحتاج إلى الكثير لكي ترتقي وتكون "مستشفى" بمعناها اللغوي وكما يعرف عنها تعالج وتقدم كافة طرق الوقاية والحماية لمرضانا، ونعلم أيضًا جهود الدولة من تطوير وإحلال للارتقاء بتلك المستشفيات لتصل إلى مستوى آخر، ولكن رحله كهذه مر بها صحفيين تؤكد أننا أمامنا زمنًا طويلًا لكي نصل فيها إلى وقت نجد فيه مستشفياتنا تحافظ على حياة مواطنينا.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق