مجدى أبو زيد يكتب: مَناحة الذات وتعذيبها

السبت، 20 يناير 2018 12:35 م
مجدى أبو زيد يكتب: مَناحة الذات وتعذيبها
مجدى أبو زيد يكتب:

أسهل طريقة للهروب من معاناة البحث والتقصي عن حقائق الأمور وطبيعتها، هو أن تعيش دور "الضحية".. ثم تلوم نفسك لاكتشافك أن من خانوا معتقدتك هم "أساتذة" العقل من مثقفين ومفكرين.. لذلك يبدو أن الإنسان العربي لديه نزعة "تعذيب الذات" حين يكون الكلام عن كوارث تحل بأوطاننا من حين لآخر، فتصبح "اللاعقلانية" حكراً علينا. فكل الأقوام ناضجة إلا نحن العرب.. هكذا يعيش أغلبنا هذا الوهم من النشيد الجنائزي، الذي نستمرئ "وجعه" كلما وضعنا ساقاً على ساق.
 
كي نثبت ما ندّعيه، فلنستهل قولنا بالماضي: كم مرة نُدين سلوكنا، بوصفنا عرباً، بسبب حرب "البسوس" التي نشبت بين قبيلتي تغلب وبكر نتيجة قتل ناقة، أو حرب داحس والغبراء التي اشتعلت بين قبيلتي عبس وذيبان بسبب سباق خيل، والحربان امتدت نيرانهما لأربعين عاماً. ومن العصر الحديث نسأل: كم مرة عقدت ندوات ومحافل فكرية تثرثر عن "هزيمة 67 " التي مُني بها العرب في غفلة من الزمن؟ لقد مرّ على هذا اليوم أكثر من 50 عاماً، وما زلنا نستدعيه كأنه حدث بالأمس. مقابل ذلك نلاحظ أن حرب "أكتوبر 73 " لم تنل منها لُقمة مُشبعة من "ولائم" الكلام عن انتصار العرب، ذلك النصر الذي جعلنا القوة السادسة في العالم.
شاء القدر أن أطالع إحدى مقالات الكاتبة السعودية هيا الجوهر، وهو مدعوم بتواريخ تسرد حروباً نشبت في عالم "غير عربي" لأسباب يقف العقل أمامها خجلاناً لو قارناها بتاريخنا العربي "قديمه وحديثه". فلنقرأ بعضا منها.
 
"حرب الدلو" التي بدأت في عام 1325 بإيطاليا بين مدينتي "مودينا وبولونيا"، حيث سرق جنود "مودينا" دلواً خشبياً كبيراً من "بولونيا"، ومع إصرار السكان على استرجاع دلوهم لشعورهم بالإهانة قامت حرب دامت 12 عاماً. وهناك "حرب الحطب" عام 1838 بين أمريكا وبريطانيا، و"حرب الفطائر" عام 1886 بين المكسيك وفرنسا.. لا داعي للتفاصيل لضيق المساحة.
 
الخلاصة: نحن العرب لنا أخطاؤنا التاريخية، ولسنا "أعجوبة" فيما حدث ويحدث وسيحدث.. فقط علينا أن نتخلى عن التلذذ بتعذيب ذواتنا، فالتاريخ صناعة بشرية لا تنجو من عثرات.. افتخر وقل مع شاعرنا الراحل محمود درويش" سجّل أنا عربي". 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق