شركة للأفكار العابرة للعقول

نحن فى حاجة ماسة للأفكار السارحة فى ملكوت الخيال والسابحة فى فضاء الابتكار والتخليق

الأحد، 21 يناير 2018 01:47 م
نحن فى حاجة ماسة للأفكار السارحة فى ملكوت الخيال والسابحة فى فضاء الابتكار والتخليق
عبدالفتاح على يكتب:

لا يمكن تجاوز الواقع المرير بالتفكير عبر نفس المسارات المؤدية للمستنقع الذى نغرق فيه، لا يمكن السير فى الطريق ذاته مائة مرة، وفى كل مرة نعتقد أننا قد نصل لنتيجة مختلفة، الأفكار النمطية التى من شأنها علاج المشكلات المزمنة، لا يمكن أن تجعل الوصول للمستحيل ممكنا، فسيبقى مستحيلا، وسندور فى الحلقات المفرغة ذاتها دون جدوى.
 
نحن بالفعل نحتاج آلاف المشاريع الجديدة والوظائف الجديدة، والمساكن الجديدة والطرق الجديدة والمصانع الجديدة، لكن بأى طريقة؟ وبأى أسلوب؟ وبأى نمط؟
نحن فى حاجة ماسة ليس فقط بالخروج عن المألوف، والتفكير خارج الصندوق، بل بالأفكار العابرة للعقول، السارحة فى ملكوت الخيال، السابحة فى فضاء الابتكار والتخليق.
ماذا سيفعل الموبايل المصرى الجديد وسط عشرات الأنواع العالمية المتجددة والمنتشرة؟! نحن نبدأ دائما من النقطة التى بدأ بها الآخرون، ومن هنا سنتوقع الفشل فى نهاية الطريق، لأن من «سبق أكل النبق».
ماذا لو كان الموبايل المصرى يعمل وفقا لفكرة الشاشة الهوائية، قد نكون متخلفين جدا فيها، لكن العالم نفسه متخلف فيها معنا، فإذا أحرزنا أقل تقدم فيه، سنكون فى أقل درجة فى سلم التقدم، بدلا من أول درجة فى سلم التخلف.
نحن نحتاج فرز وتجنيب الأفكار المهملة فى أدراج سجل الاختراعات، نحتاج لشركة يرأس مجلس إدارتها شاب (عشرينى) عبقرى «مجنون» لا يؤمن بالواقع، ولا يعتقد بجدوى البيئة التصنيعية التى نحن فى وسطها.
هذه الشركة هدفها واحد فقط، احتواء الأفكار المجنونة، والتعمق فى خيالها، والإبحار فى شططها، ومحاولة إيجاد ثغرة بين جنونها والواقع المتجمد، يعيد ترجمة المستحيل للغة تجعلنا نستعيد المجد الذى نستحقه.
لا تتم محاسبة هذه الشركة بقوانين الحكومة، ولا بلوائح القطاع العام، ولا بربحية القطاع الخاص، بل بالانقلاب الذى سيحدثه، بالتغيير الذى سيفجره، بالثورة التى سيحدثها، وفقا لكل مشروع تعمل عليه.
باختصار، نحن ننفق مليارات، من أجل أشياء لن تعود علينا بأية فائدة فى طريق القفزة الحضارية، وندفع فائدة بالمليارات على قروض لن تجعلنا دولة عظمى، فلماذا لا يتم رصد 10 مليارات جنيه لشركة مهمتها الابتكار، وتجاوز الحدود النمطية للتجديد.
نحن لا نحتاج سيارة مصرية نمطية، فقد فات الآوان، نحن نحتاج لأفكار تجعل هناك سيارة مصرية طائرة، وقودها غير تقليدى وتصميمها ثورى، وإنتاجها اقتصادى.
العالم كله يتحدث الآن عن ارتفاع نسب السيارات الهجينة بالمقارنة بالسيارات ذات الوقود التقليدى، ولا أتحدث هنا عن الكهربائية فقط، لكنى أتخيل نوعًا مختلفًا من المركبات التى لا يعرفها العقل العادى، تكون هى الهدف.
إذا كان المحمول تطورًا طبيعيًا للتليفون الذى اخترعه أنطونيو ميوتشى أو جراهام بيل قبل عشرات السنين، فإن المصباح لم يكن أبدًا تطورًا طبيعيًا للشمعة، بل كان قفزة عبقرية نحو آفاق لم يكن أحد يدركها بعقله العادى.
البيوت الحديثة التى نعيش فيها هى تطور طبيعى لكهوف الجبال، لكن السيارة لم تكن تطورًا طبيعيًا لركوب الجمال والخيل والحمير، هى اقتناص لفكرة غير نمطية وغير تقليدية واستغلال رهيب لاختراع المحرك البخارى.
كانت هناك نظرية تقول: «اعرف القديم كى تصل للحديث»، لكن اتضح أن نهاية السلسلة؛ حلقة تشبه بدايتها، الآن ووفقًا للعصر الذى نحن مقبلون عليه، يجب ألا نعرف القديم، لأنه سيطبع بتخلفه على الجديد.
فقط علينا أن نعرف ما سيجعل العالم ينبهر به فنقدم عليه، ما يجعل الحياة لا تشبه الماضى ولا تقترب حتى من خيال الأغلبية، فنقدم عليه، ما يجعل الجنون قمة العقل والحكمة، فنقبل عليه.
المقياس الوحيد، هو الفارق بين الحياة قبل اكتشاف الفكرة؛ وتخيل العالم بعدها، تمامًا مثل الإنترنت، الكهرباء، الطابعة، المسمار، العجلة.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق