شتاء باهظ جدًا

الأحد، 21 يناير 2018 02:03 م
شتاء باهظ جدًا
نهلة عبدالسلام تكتب :

نحن النساء بالأخص يعضلنا الشتاء، خاصة بعدما تفتق ذهن مصممى الأزياء ومبتدعى الموضة عن ما لا حصر له من مسميات وتصنيفات وحظى كل منها بتشريع، فما يحل نهارا يحرم ليلا، والمستحب للعمل مكروه للنادى، والجائز مع الأهل مهين مع الأصهار، وما بين صباحى وسهرة و«كاجوال وفورمال» و«بوت وأجص وسبدرين وكوتشى» و«بالطو» فوق الركبة وثان تحتها وثالث يستقر تماما عندها، وسترة جلدية وصوفية وأخرى «وتربروف» وبكامل أكمام أو نصفها أو بدونها، وبطانة تحيط بالعنق أو ترتفع معه قليلا أو تمتد حتى تصطدم بالذقن، و«شال» قطيفة و«تريكو» وفراء.. مثلث ومستطيل ونصف دائرى، وثنائى «الكاب والكوفية» وثلاثى «الجلباب والروب والطاقية» ورباعى الشلل الذى يصيب الميزانية، وخماسى الأصابع الموجه لكل عين وقعت على «الدولاب» وشهدت امتلاء الأرفف واكتظاظ «الشماعات» ولم تذكر الله أو تصلى على النبى المختار.
 
ولأن حمى الشراء إذا ما أصابتنا لا يفلح معنا لا كبسول ولا أقراص ولا فوار، خرجوا علينا بمحفزات ومغريات لضم المزيد إلى المزيد، فكانت الجمعة البيضاء والسوداء، وبينهما كل تدرجات الألوان.. تصفيات.. بواقى تصدير.. عرض خاص.. وهكذا حتى يقع أولو أمرنا من طولهم، غير مستوعبين حاجتنا لكل شىء وأى شىء، فهم كائنات تكتفى غالباً بقطعة واحدة تفصل ما بين طوبة وبؤونة.. قطعة واحدة فقط يلتحفونها مع البرد وينتزعونها مع الحر وانتهى الحوار.
 
أما فريق مهووسات «البرندات» فحدث ولا حرج، هذا حذاء تلف به الكرة الأرضية وما عداه تلف به على «الدكاترة» حيث «الكالو» الذى ظهر على أثر سوء التصميم ورداءة الخامات.. فترتدى الأول بكل اعتزاز بينما يصيبها الآخر بحكة وغثيان.
 
وتشعب الوباء ونبتت له ذيول وأطراف، فامتد لمساحيق التجميل بألوان دافئة تناسب الفصل الزمهرير، والوصفات ذات السعرات الحرارية العالية لصهر الثليج، و«الفيتامينات» اللازمة لمجابهة «الإنفلونزا» والأمصال واللقاحات المجففة لمنبعها، والمفروشات ومراعاة فروق ارتفاعات الوبر وسماكة النسيج وإحكام غرزاته لتلائم طقس القطبين.
نحن النساء ومصممى الأزياء ومبتدعى الموضة أبرمنا اتفاقا على أن نجعله شتاءً باهظًا جدًا، اقترضنا وقسطنا ووقعنا «شيكات وكمبيالات» وظللنا أوفياء حتى تخلت عنا النقدية وأعلمتنا الـ «ATM» فى استياء بعدم وجود رصيد كاف، وكادت أن تبتلع البطاقة لإلحاحنا بتكرار المحاولة بلا نقطة حياء أو قطرة خجل.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة