لست المسيح ولستي مريم

الثلاثاء، 30 يناير 2018 05:07 م
لست المسيح ولستي مريم
محمد الشرقاوي يكتب:

أنت لست مخلصا كي تصبح مسيحًا.. الله أرسل المسيح لبني إسرائيل مخلصا من الآثام والآلام، لكنه لم يرسل البشر ليخلصوا آلام بعضهم، فأقصى ما يفعلوه "جبر الخواطر"، وجبرها على الله.

في ظلام الليل تطارد الذكريات كل هائم، ومشتاق، وكل مريض ظن أن خلاصه بيد من يحب، كذلك تطارد الآلام كل حبيب أثقلته مشاكل من يحب، حتى أن كواهلنا نحن المتابعون، أثقلت من كثرة فشلهم وتفكيرهم الخاطئ.

تظن تلك الفتاة العشرينية أن حل مشاكلها التي رفضت مواجهتها وهي صغيرة حلها في يد إنسان تعلقت برقبته، وجاءت إليه لترمي بكل أعبائها بين قدميه، حتى أن جلبابه الجديد تهالك ولم يكمل عامه الأول.

خرجت مسرعة إلى الفيسبوك لتقص مشاكلها وتسبه بين الحين والآخر، لأنه لم يحل مشاكلها التي تراها مزمنة، ولأنه كان قاسيا ولأن جميع الرجال "حانقون" لا يستحقون العيش، لمجرد أسباب واهية.

بين الحين والآخر كنت متابعًا لما تقول، حتى كتبت: "لما تخرج من ظروف أسرية مسببه ليك اضطرابات، أوعى تحط نفسك في أسرة تانية تحولك اضطراباتك دي لاضطرابات مزمنة، أوعى تخرج من أسرة أساس لإصابتك باضطرابات وتروح تتحاوط بناس تانيين، المفروض إنهم هيساعدوك تتخلص من اضطراباتك، وتتفاجيء إنهم بيحولوها لاضطرابات مزمنة وتكمل معاهم، ابعد ودور علي ناس تساعدك تقف علي رجلك بجد!".

لم يكن لي حق التعليق، لكني عايشت ظروفًا مشابهة لما تقص، واستوقفتني مقولتها " ابعد ودور علي ناس تساعدك تقف علي رجلك بجد"، تلك المقولة المخالفة لسنن الله في كونه، الله خلق الناس ليتخذ بعضهم بعضا سخريا، أي مكملين بعضهم البعض، وليس الحل في أيديهم.

هم فقط يساعدون، وأنت من تختار بين طريقين "الفشل – النجاح"، تختار أن تقف في وجه هبات الغضب، وبين أن تحني رأسك كالنعام، وتقول ها هم ظلموني ونسيت متكأي ولم أعد بلا هدف.

مقولتك تلك تضمن لك الفشل، الظروف التي عايشتها، كانت كفيلة أن تضعني في طي النسيان، لكني آثرت النجاح وحاربت لأجله، وها أنا أحارب لأبني أسرة، أباهي بها الكون، ونسيت الاضطرابات بدون طبيب نفسي، حاربت تلك الأوهام، حاربت ما آملته عليّ الأيام من اضطراب.

الاضطراب ليس فيك، الاضطراب في الأيام التي لا تدوم على حال، الخطأ ليس خطأك بل خطأ من تخيل أنه "المسيح"، تخيل أنه المخلص، وأن سيفعل ما لم يفعله أحد، ليدافع عن حبه –إن كان حبًا- وليبقى بجوارك.

الرجال يحبون ممارسة دور "المخلص"، يرون أنهم بذلك يحبون وسيكون فيهم الخلاص، يرون أنهم سيغيرون عقولا "خربة" أصرت أن تبقى في غياهب البؤس، يرفضن الحل يرفضن التفكير.

لستي وحدك يا صديقتي، بل هناك 9 من كل 10 نسوة يرفضن الخروج من قاع البؤس، يرون أن الدنيا جائرة عليهن، يرفضن المواجهة، مكتفين بالنواح على الفيسبوك.

الحل بسيط، الحل يكمن في المسامحة والسلام الداخلي والتعلق بالله.. ها أنا سامحت كل من تركني في وجه الرياح بلا غطاء، ومن تركني على الأرض دون أن يمد يد العون، ومن ظلمني، ومن استكثر لي النجاح وراهن على فشلي، كل إنسان طرق القلب ومضى بعد أن فتح، كل من دخل وتفاعلت معه أوعية الجسد وقطع شريان الأمل، سامحت أناسا لا يرون جمال القلب ظنا منه أنه خرب.

جميعنا مارس دور الضحية، وجميعنا جسد دور "المسيح" إلى أن "صُلب"، لكن لا مسيح يدوم ولا ضحية تصبح "حرة"، إلا إذا كسرت قيود السجان، قيود البؤس قيود الدنيا التي يرونها جائرة، ناسين أن الأيام دول.

لا تبحث عن من يعينك ولكن ابحث عن نفسك، فالله لم يخلقك سدى.. واجه وقاوم وتأكد أنك لست المسيح!

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة