عمالة القاصرات.. هنا وأد الأحلام (صور)

الخميس، 01 فبراير 2018 03:00 م
عمالة القاصرات.. هنا وأد الأحلام (صور)
خروجهن للعمل منذ الصغر حرمهن من التعليم
الشرقية - سها الباز

حلمهن الصغير أن يمسكن بدمية يتقاذفنها فيما بينهن، وأن يرتدين فستانا جديدا، ويلبسن حذاء مريحا بعد أن عبثت بأقدامهن أشواك اﻷرض، التي نفذت إلى أقدامهن الصغيرة عبر فتحات الحذاء الممزق، يحلمن بالجلوس أمام شاشة التلفاز يشاهدن برامج اﻷطفال ويسرحن بخيالهن مع «عيش سفاري».

إنهن الصغيرات العاملات في الحقول والورش والمزارع والمصانع والشركات.. فعمالة القاصرات تدق ناقوس الخطر، وتنادي بأعلى صوت هنا وأد اﻷحلام ونهاية الطفولة.

شيماء ذات الـ 10 سنوات واسعة العينين والوجه المستدير الذي يخبئ وراءه  الشقاء ملامح جميلة تقول: «لي 6 إخوة، 5 شقيقات، وولد واحد، كلهن يخرجن للعمل، سواء في الحقل لمساعدة والدي أو في الحقول المجاورة لجمع الغلة واﻷرز، وأنا مثلهن أخرج للعمل، كي أحظى آخر اليوم ببعض المال للمساعدة في مصروف البيت».

 

 
قاصرات (1)
 

وتابعت الصغيرة: «أنا مدخلتش مدارس خالص، وﻻ أي حد من إخوتي سوي شقيقي الصغير، سوف يدخل العام المقبل، فشقيقاتي إحداهن فقط دخلت رابعة ابتدائي ومكملتش»، وتبتسم الصغيرة وتقول: «كان نفسي أدخل مدرسة وأبقي زي العيال اللي بشوفهم في التليفزيون، ويبقي شكلي ولبسي نظيف». 

وأضافت أن شقيقتها الكبرى مخطوبة لشاب بالقرية، والكل يساعد في تجهيزها «كل قرش بنجيبه، أمي بتحوشه عشان تجيب حاجه نكمل بيها الجهاز».

وعن أحلامها قالت الصغيرة: «نفسي أصحي من النوم براحتي وأفطر براحتي وأشاهد برامج اﻷطفال من غير ماحد يقولي نامي بدري وراكي شغل الصبح، ونفسي أعرف أقرا، وأكتب ولكن مينفعش ﻷن الفلوس عندنا أهم».. ثم ألقت الصغيرة بكلمة وكأنها خرجت من ثلاثينية، قالت: «لو مرضت يوم ومشتغلتش، اليوم دا بيقصر معانا أسبوع».

قاصرات (2)

 

 

أمّا «م .ع .م» فيقول، إنه كصاحب عمل يفضل عمل صغيرات السن ﻷن تدريبهن أسهل وقدرتهن علي تحمل مشاق العمل أكبر من اﻷوﻻد، كما أن اﻷوﻻد يرفضون القيام ببعض اﻷعمال التي تحتاج الجلوس أو الوقوف على اﻵلات طوال الوقت، كما أن يومية الفتاة الصغيرة أقل بكثير من الشباب.

ومع فتاة أخرى هى «نادية .ع»، وهي والدة إحدي الفتيات فتقول إن الله رزقها 4 من البنات ومع قدوم أيا منهن كانت والدة زوجها تحزن وتسمعها المثل القديم: «لما قالوا دي بنية هدوا حيطة الدار عليه» كناية عن عدم الرغبة بإنجاب البنات.

 

قاصرات (3)

وأردفت: «لما شب عودهن قررت أن يخرجن إلى العمل لمساعدة والدهن حتي ﻻ يشعر بأنه خلف بنات، وبالفعل عملن في الحقول والمصانع القريبة، وبدأت كل واحدة في تجهيز نفسها حتي ﻻ يحمل اباها عبء نفقات الزواج وحده وهو غير قادر ماديا وصحيا».

وتشارك فى الحديث أحلام 14 سنه فتقول إنها تعمل منذ كان عمرها 9 سنوات، وعملت مع والدتها في جمع الطماطم والخيار، وعملت أيضا مع والدها في شتل اﻷرز، ولكن عندما كبرت  عملت في أحد المصانع،  وتنقلت بين أكثر من مصنع للعمل به، وتعودت على الخروج مع نسمات الفجر والعودة ليلا بعد المغرب.

وتابعت الصغيرة "عندما أصل المنزل تقوم والدتي بإعداد الطعام لي، ﻷتناول الطعام، ويراودني النوم فأستجيب له غير عابئة بكلام إخوتي عن المسلسل الجديد وكيف تزوج الشاب الغني بائعة الوردوعن أحلامها قالت، نفسي يكون عندي بيت صغير وجميل، وأتزوج رجل يقوم باﻹنفاق علي وأجلس انا بالمنزل في إنتظاره، أعد له الطعام، فقد تعبت من العمل، فأنا لم أعش طفولتي، فلدي شقيقتان أكبر مني، ووالدي يعاني أمراضا عدة، ولم يعد قادرا علي العمل، وتترك أمي إحدي شقيقاتي معه، تعد البيت، وتوفر له مايحتاج، وتخرج أمي للعمل في المنازل، تساعد هذه في غسل السجاجيد، وآخري تجلب لها مستلزمات البيت.

قاصرات (4)

 

 

وأردفت: «بعرف أفك الخط، وكان نفسي ابقي مدرسة ولكن طلعت من سنة تالته إبتدائي، ﻷني مكنتش بروح المدرسة بانتظام، ثم لمحت في عيني سؤالا، فبادرتني قائلة: «كل البنات اللي في سني وأصغر مني، مبيفكروش غير في الخطوبة والدبلة، ودا عشان يخرجوا من حياة الشقاء، وتابعت كل ما أركب السيارة اللي بتنقلنا للشغل، ﻻ تتحدث الرفيقات إلا عن الحب، والزواج، وفتي اﻷحلام، وملابس الفنانات».

وفى النهاية يقول أحمد الخليلي أخصائى حماية الطفل بلجان حماية الطفل بمركز الحسينية محافظة الشرقية: كنا نرصد حالات التسرب التعليمي للفتيات القاصرات ونبدأ بإقناع اﻷسر بتعليمهن حتي ننجح في إلحاقهن بمدرسة الفصل الواحد ويبدأن في تعلم مهنه كالخياطة والتطريز وبعض المهن اﻵخرى باﻹضافة إلى فنون الطهي، وقد استطعنا أن نجذب عدد كبير من الفتيات لمدارس الفصل الواحد.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق