ملايين ينتظرون قرار السيسي بعودة العمل..

على أعتاب المصانع المغلقة.. بيوت العمال لم تعد عمارا (تحقيق)

الأحد، 04 فبراير 2018 01:00 م
على أعتاب المصانع المغلقة.. بيوت العمال لم تعد عمارا (تحقيق)
مصنع مغلق بأكتوبر
كتب - محمد أبو ليلة

«قضية المصانع المتعثرة احنا منتبهين لها للغاية، وعملية انهاء المصانع المتوقفة، وتحقيق القدرة على مساعدتها لعودة العمالة والإنتاج، أمر فى منتهى الأهمية».
 
كان هذا جزءا من كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسى خلال افتتاحه لعدد من المشروعات القومية بمدينة العاشر من رمضان، مطلع شهر يناير الماضى، تعبيرا وتأكيدا عن محاولة الدولة لحل مشكلة المصانع المتعثرة.
 
ووفقا لإحصاءات بعضها رسمى، والآخر غير رسمى، وصل عدد المصانع المغلقة منذ عام 2011 وحتى الآن لـ 4 آلاف و500 مصنع مغلق، جزء كبير منها متعثر، وخلفت وراءها ما يقرب من 250 ألف عامل مصرى عاطلين، حسب بيان أصدره الإتحاد المصرى للعمال والفلاحين فى أكتوبر من عام 2014.
 
C-_Users_s

ماذا فعلت الدولة؟
كانت هناك مبادرة، قامت بها حكومة إبراهيم محلب فى عام 2014، وقت تولى منير فخرى عبد النور، وزارة الصناعة، بأن تصرف الدولة 500 مليون جنيه لحل أزمة المصانع المتعثرة، وقتها فتحت الوزارة أبوابها لأصحاب المصانع المتعثرة لتسجيل بيانتهم، وتلقت 956 طلبا من تلك المصانع المتعثرة للاستفادة من مبادرة الحكومة فى التمويل فى حال اعتماده، إلا أن فخرى عبد النور، صرح بأن الوزارة لا تستطيع صرف الـ 500 مليون جنيه الخاصة بحل مشكلة المصانع المتعثرة بسبب رفض محافظ البنك المركزى إعطاءه هذه القيمة من الأموال.
 
العام الماضى 2017، صرح وزير الصناعة والتجارة، المهندس طارق قابيل، بأن هذا العام سيكون العنوان الأبرز لإغلاق ملف المصانع المتعثرة نهائيا، والذى ظل عالقا لأكثر من 5 سنوات، موضحا أنه تم تشكيل مجلس إدارة صندوق رأسمال مخاطر بقيمة 150 مليون جنيه، وسيتولى تمويل المصانع المتعثرة وإعادة تشغيلها، وأن المصانع القابلة لإعادة التشغيل هى 135 مصنعا فقط، منها 61 مصنعا تم تشغيلها بالفعل و74 مصنعا سيعمل عليها الصندوق، هذا بخلاف ما تم تقديمة من بشأنها طلبات إحاطة للبرلمان لعدد من المصانع الخاسرة.
WhatsApp Image 2018-02-05 at 4.16.01 PM (1)
 

670 مصنعا مغلقا بأكتوبر فقط
مدينة السادس من أكتوبر بمناطقها الصناعية المتعددة، يتواجد بها 670 مصنعا تم إغلاقها، بسبب تعثراتها المادية، ومديونياتها لدى البنوك، حصلنا على عدة مستندات من جمعية مستثمرى 6 أكتوبر، تحوى على معلومات بأسماء وسجلات هذه المصانع المغلقة، التى كان يعمل بها آلاف العمال، أبرزها مصانع تخصصت فى صناعة النسيج والغزل والملابس والكيماويات والأغذية، والصناعات الهندسية وصناعة الأثاث ومواد البناء. 
 
« أكثر من 16 مليون عامل مصرى فى المصانع المصرية، لكن الدولة تتحدث عن استثمارات خارجية، وتنسى مشكلات المصانع ورجال الأعمال المصريين، ولا تساعد فى أى حلول، فى النهاية سيؤدى ذلك إلى تدمير الصناعة المصرية».. يؤكد ذلك رئيس لجنة التصدير بجمعية مستثمرى 6 أكتوبر فى حديث خاص لـ «صوت الأمة»، وأنه لا يصح أن نتحدث عن جذب الاستثمارات، ونحن فى نفس الوقت نغلق المصانع على مواطنيها.
 

معايشة داخل المصانع المغلقة
مصانع يأكلها الصدأ فى المنطقة الصناعية الثانية بمدينة السادس من أكتوبر، كانت الطرق شبه خالية من المارة، والمصانع أبوابها مغلقة، والتراب يتراكم على جدرانها، لا يتواجد بداخل تلك المصانع أى شخص، سوى « خفير» يحرس أبوابها الحديدية، التى يأكلها الصدأ، عدد كبير من هذه المصانع أُغلقت بسبب تعثرها المادى، جزء منها أغلق أبوابه قبل ثورة يناير، والجزء الآخر أغلقها بعد الثورة بسبب سوء الأوضاع الأمنية والاقتصادية. 
 
«صوت الأمة» قامت بجولة ميدانية فى تلك المنطقة، ومررنا على أكثر من 10 مصانع مغلقة، هناك مصنع يتبع الشركة الإسلامية لصناعة الأرضيات، مغلق منذ أكثر من 8 سنوات، وتم تأجير المخزن الخاص به لورشة لحام، كان هناك عمال تابعين لورشة اللحام يتابعون عملهم، «المصنع ده مقفول بقاله كتير، أكثر من 5 سنين، واحنا هنا مأجرين مخزن المصنع وبندفع فلوس لصاحبه كل أول شهر»، يقول ذلك أحد العمال الذى رفض ذك اسمه.
 
مصنع آخر للملابس يدعى «مصر- لبنان» للملابس الجاهزة، أغلق أبوابه، بسبب تعثر صاحبه فى تمويله، حيث يقول رجب عيد، خفير المصنع، لصوت الأمة، إن صاحب المصنع لبنانى الجنسية، تكاثرت عليه الديون، والبنوك رفضت تمويله أو إعطاءه أى قروض، لسد العجز، مضيفا أن المصنع كان يعمل به أكثر من 200 عامل ورديات مختلفة، ويتابع عم رجب، أن صاحب المصنع يعطيه راتبه كل شهر فى مقابل حراسة المصنع المغلق، حاله كحال معظم الخفراء المتواجدين فى المنطقة الصناعية الثانية بأكتوبر. 
 
فى تلك المنطقة، هناك مصانع وشركات أخرى مغلقة، اتخذها البعض مسكنا له ولأسرته الصغيرة، 5 مصانع فى أماكن مختلفة بالمنطقة الصناعية الثانية، كانت مداخلها عبارة عن غرف معيشة لعدد من الخفراء وأسرهم، أم سعد، زوجة بواب مصنع للبصل المجفف، أغلق أبوابه هو الآخر منذ 9 سنوات، قالت إنها تعيش مع زوجها فى هذا المصنع الذى يعتبرونه منزلا لهم، منذ أن انتقلوا من الصعيد للاستقرار فى أكتوبر.
 
WhatsApp Image 2018-02-05 at 4.16.01 PM
 

بداية أزمة إغلاق المصانع
من ضمن المصانع التى مررنا عليها كان مصنع «أنكل أميركان» لصناعة المواد الغذائية واللحوم، المصنع مساحته 3 آلاف و375 مترا، ويحتوى على 42 ماكينة ألمانية الصنع، وقد تكلف 68 مليون جنيه وقت إنشائه. 
 
قصة مصنع «أنكل أميركان» مختلفة نوعا ما عن معظم المصانع التى أغلقت لكن إجراءات إغلاقه مر بها عدد كبير من المصانع التى تعثرت، حيث تم إغلاق المصنع منذ عام 1997، وحتى الآن لم يتم تشغيله.
 
اللواء مجدى شاهين، صاحب مصنع «أنكل أميريكان» فى حديث لـ «صوت الأمة» أوضح أن سبب إغلاق المصنع هو منع رأس المال العامل عنه، حيث تم إنشاء المصنع بتكلفة 68 مليون جنيه منها 23 مليون جنيه قروض، ورأس المال العامل بالمصنع 20 مليونا تم اقتراضه من بنك التنمية الصناعى المصرى، وبدأ المصنع فى عمله وفى أقل من 6 أشهر عرضت بعض منتجات المصنع فى معرض «أنوجا» الدولى، وحصل على جائزة واحد من أفضل منتج عالمى.
 
ويقول مجدى شاهين، لكنه بعد النجاحات التى حققها المصنع فوجئ بعدد من رجال أعمال كانوا يعملون وزراء فى حكومات مبارك المتعاقبة، يطالبونه بـ 50 % من أرباح المصنع، بلا مقابل، لكن «شاهين» رفض الانصياع لرجال مبارك، بعدها بأيام تم تغيير رئيس مجلس إدارة بنك التنمية الصناعى ورفض البنك إعطاءه الجزء الأخر من رأس المال العامل والمقدر بـ 20 مليون جنيه.
 
ويتابع: «وقتها كان أى مصنع يحقق نجاحا، تقوم عصابة مبارك بقطع رقبته، يسلطون عليه بنك التنمية الصناعى، لحد ما المصنع يفلس وميقدرش يسدد ديونه، بعدها يستولوا عليه ويشتروه بأبخث الأثمان، ده كان سيستيم موجود، العصابة مشيت لكن فيه عصابات تانية لسه موجودة». 
 
WhatsApp Image 2018-02-05 at 4.16.03 PM
 

حلول جوهرية
يؤكد الخبير الاقتصادى رشاد عبده فى تصريحات خاصة لـ «صوت الأمة»، أن هذه المصانع أجبرت على إغلاق أبوابها بسب تردى الوضع الاقتصادى والأمنى بعد ثورة يناير، حيث أن كثير امن منتجاتها حدث لها ركود فازدادت مديونياتها، الأمر الذى جعلها مضطرة لوقف نشاطها، فلم تكن هناك مساندة من الدولة وقتها. 
 
وتابع: « بمنتهى البساطة لدينا مصانع توقفت لابد أن تفتح أبوابها من غدا، الحكومة وفقا لدستور 2014 هى السلطة التنفيذية والتشغيلية داخل الدولة، وعلى الشركات الاستثمارية والبنوك والمحافظين أن يجتمعوا فورا ليصدروا قرارا سيادىا بفتح 4 آلاف و500 مصنع، لأن هذا يعتبر أمنا قومىا، الصناعة المصرية فى خطر كبير، لو انتهينا من هذا الجزء سنقضى بنسبة كبيرة على البطالة.
 
 
WhatsApp Image 2018-02-05 at 4.16.02 PM
 
WhatsApp Image 2018-02-05 at 4.16.03 PM (1)

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق