داعش الأخرى.. هل تتكيف قطر مع الحصار وتثأر؟!

الإثنين، 05 فبراير 2018 09:00 ص
داعش الأخرى.. هل تتكيف قطر مع الحصار وتثأر؟!
د. رفعت سيد أحمد يكتب:

الآن وقد مرت قرابة الثمانية أشهر على اشتعال الأزمة القطرية مع الدول الأربع، والتى بدأت فى يوم 5/6/2017، ولاتزال مستمرة وإن بتنويهات مختلفة سمتها الرئيسى أن قطر قد تمكنت مؤقتا من التكيف مع حالة الحصار، ووجدت بعض المخارج له، وأنها الآن تبحث فى سبل الثأر والانتقام، خاصة فى أجواء الصراع الإقليمى الدائرة رحاه بين السعودية ووكلائها من جهة، وإيران ومحور المقاومة فى الجهة المقابلة، وانتفاضة القدس المجهضة، والتى تلت قرار ترامب فى 6/12/2017 بنقل سفارة بلاده إلى القدس، واعتبار الأخيرة عاصمة موحدة للكيان الصهيونى، وسط هذه الأجواء، نتوقع أن قطر ستتحول إلى «ذئب منفرد» بشكل جديد، وبدور مختلف فى المنطقة، حول هذا التصور، دعونا نسجل ما يلى:- 
 
داعش الأخرى، قادمة، عبر قطر، وذئابها المنفردة، وإن لم نستعد لها بروحية جديدة، وبرؤى خارج الصندوق التقليدى، للمواجهات، فإن الخطر سيكون أشد؛ والله أعلم
 
*أولا: فى تقديرنا أن هناك علاقة قوية بين ضعف داعش وهزيمتها هى والتنظيمات الإرهابية الأخرى فى سوريا والعراق، وبين مقاطعة وحصار قطر، التى تعتبر الراعى والممول الأول لداعش وغيرها من تلك التنظيمات الإرهابية، لأن قطر - كما أثبتت الوثائق - كانت منذ 2011 هى الدولة الأولى فى تمويل الجماعات الإرهابية فى ليبيا على وجه الخصوص، وتأتى فى الترتيب الثانى فى تمويل الجماعات الإرهابية فى سوريا والعراق، بعد منظومة الدول الخليجية، التى قادتها السعودية، أما تركيا فكانت - ولا تزال - هى الممر، وهى المدرب فى معسكراتها على الحدود مع سوريا «تحديدًا معسكر أضنه»، فلا يمكن لأى «متطوع أو مجاهد !!» أن يذهب إلى سوريا إلا عبر البوابة التركية.. إذن نحن أمام دور قطرى وتركى مؤكد فى التمويل، وتسهيل وصول هؤلاء الإرهابيين إلى سوريا، ومن قبلها العراق وليبيا، لكن عندما انشغلت قطر بأزمتها مع هذه الدول الأربع، بدأ جزء من جهدها ينصب على أزمتها الجديدة، وبدأت يدها تضعف، وتمويلها يقل لتلك التنظيمات، هنا.. وهنا تحديدًا ينبغى الحذر الشديد من مخططات قطر خلال الفترة القادمة، حيث دورها الثأرى الجديد، والذى سيدفعها إلى محاولة الانتقام لعزلتها بعمليات عنف مباشرة أو عبر وكلاء، وهؤلاء الوكلاء هم الجماعات الإرهابية، التى ربتها على يديها، وفى مقدمتها «فجر ليبيا»، التى تحكم طرابلس فعليًا الآن، ومعها «أنصار الشريعة» وغيرها من الجماعات المسلحة، ممن تقاتل «جيش حفتر»، وتقاتل أيضًا الجيش المصرى، وتقتل شرطته «حادث الواحات القريبة من الحدود الليبية مثالًا»، لذلك لا أستبعد أن تكون قطر هى إحدى «الذئاب المنفردة» فى شكل دولة، وليس أفرادًا فى المرحلة القادمة، كشكل من أشكال «حلاوة الروح»، أو اليأس، أو نقل المعركة عبر الوكلاء إلى الخارج، حيث «دول المقاطعة العربية» حتى تقلل الضغط عن نفسها. إن قطر إذن ستصبح «ذئبًا منفردًا» طليقًا، وسيكتوى بناره الكثيرون، خاصة حين يشتد الخناق عليها!!.
 
*ثانيًا: من المؤكد أن انشغال السعودية بمشكلات الداخل وصراع الورثة، سيقلل من الاهتمام بالملف القطرى، ولكنه لن يلغيه تمامًا، ولن يدفع به فى اتجاه المصالحة، لأن الأمير «محمد بن سلمان»، الملك القادم، لديه هو الآخر ثأر قديم مع الأمير الحاكم فى قطر، ومن هنا سيأتى الصدام، وإن كان عبر وكلاء إقليميين، وعبر وسائل غير مباشرة، ونفس الحال مع دولة مثل مصر، خاصة إذا علمنا أن قطر ليست دولة بالمعنى التاريخى والقيمى لمفهوم الدولة، فهى أقرب لأن تكون «شركة» وليست دولة، وعندما تجد «الشركة» نفسها محاصرة، والحصار يطول، ستحاول أن تؤذى وتؤلم الذين يحاصرونها بطرق لا تظهر يدها فيها، أى طرق غير مباشرة، وذلك قد يكون عبر التنظيم الدولى للإخوان، والتنظيم الدولى لجماعات الإرهاب، وعبر العلاقة المفتوحة مع تنظيم القاعدة، ولا ننسى أن «الجزيرة» كانت القناة الوحيدة، التى كانت تبث بيانات وأشرطة أسامة بن لادن، وأيمن الظواهرى، وأن قطر هى الدولة الوحيدة فى العالم، التى تتواجد فيها سفارة لجماعة طالبان، وكان ذلك بطلب من المخابرات الأمريكية نفسها، كى تكون هناك قناة خلفية بين حركة طالبان، التى أنجبت تنظيم القاعدة، وبين الولايات المتحدة، فقطر إذن «هى بمثابة جماعة»أو «شركة» وظيفية، تقوم بدور لخدمة المخابرات الأمريكية.
 
*ثالثًا: إذا كان الأمر كذلك، وقطر قد تحولت إلى ذئبٍ منفرد جديد، إذن.. ما المطلوب خلال المرحلة القادمة عربيًا بشكل عام، ومصريًا على وجه الخصوص لمواجهة هذه التنظيمات الإرهابية، ومن يقفون خلفها: بداية على المستوى العربى، مطلوب تنسيق عربى حقيقى، واستراتيجية عربية حقيقية مع دول المقاومة «سوريا- العراق وغيرها»، للاستفادة من خبرتها ودورها فى مواجهة تلك التنظيمات الإرهابية، والدول التى تقف خلفها. لابد هنا من التواصل الجاد مع الدولة السورية والدولة العراقية والدولة اللبنانية وأيضًا الليبية، لأن تلك الدول هى التى تواجه على الأرض تنظيمات داعش وأخواتها.
 
ثم مطلوب ثانيًا، من بعض دول الخليج أن تغلق «صنبور» التمويل المالى والفتاوى لتلك التنظيمات الإرهابية فى المثلث «السورى - العراقى - اليمنى»، وأن توقف عداءها للدولة السورية على وجه الخصوص، لأن العدو الآن أكبر، فهذا الوحش، الذى ربته تلك المشيخيات يكبر، وهو ينسج علاقة وطيدة مع الكيان الصهيونى عبر قطر، وسنشاهد قريبًا «العائدون من سوريا»، يأتون إلى الرياض والمنامة والقاهرة، ومعهم عنفهم وفوضاهم؛ ومن زرع لابد وأن يحصد، وسيكون الحصاد مرًا هذه المرة!!.
 
* ثم نأتى إلى الخطوة الثالثة فى الاستراتيجية العربية المطلوبة لمقاومة داعش الجديدة وذئابها المنفردة، وهى ضرورة وقف المأساة اليمنية، لأن ما يجرى فى اليمن منذ أكثر من ثلاثة أعوام، هو جريمة متكاملة الأركان، وجهد دموى ضائع.
 
والخطوة الرابعة والمهمة، ضرورة إيقاف عبثية الحروب المذهبية القادمة فى المنطقة، التى تديرها بعض مشيخيات الخليج بغباء دينى وسياسى نادر المثال!!.
 
* على الصعيد المصرى، ولمواجهة خطر داعش الجديدة «قطر» وذئابها المنفردة، ننصح بضرورة- أولًا- أن تتواصل مصر مع سوريا والعراق وليبيا ولبنان بشكل واضح وعلنى، ودون خجل، ودون ابتزاز من بعض دول الخليج، لأن تلك التنظيمات الإرهابية تتواصل مع تنظيم «ولاية سيناء»، تمويليًا وتنظيميًا وعقائديًا، فبالتالى العدو واحد، ومن الخلل السياسى تصور غير ذلك، ثانيًا، ضرورة تقوية الحاضنة الشعبية مرة أخرى فى مواجهة الإرهاب، وذلك عبر خطط اقتصادية واجتماعية عادلة تجعل الناس يلتفون ثانية حول استراتيجية مواجهة الإرهاب، لأن البعض بدأ واقعيًا ينفض عنها نتيجة أزماتهم الاقتصادية، فلابد من بناء استراتيجية اقتصادية واجتماعية ممتصة للغضب الشعبى، تتضمن سياسات اقتصادية عادلة، ليعود الناس مرة أخرى إلى التوحد فى مواجهة داعش وأخواتها القادمين بقوة فى سيناء والمنطقة الغربية على الحدود مع ليبيا، ثالثًا، ضرورة وجود استراتيجية واضحة لتجديد الخطاب الدينى بشكل حقيقى، وليس بشكل «مناسباتى»، حتى لا يتحول إلى خطاب داعشى، فنصبح محاربين لداعش بنفس كلامها، وهنا يكون الدور الكبير والعظيم، الدعوى والسياسى والاجتماعى للأزهر الشريف فى هذه المرحلة.
 
* خلاصة القول: إن داعش الأخرى، قادمة، عبر قطر، وذئابها المنفردة، وإن لم نستعد لها بروحية جديدة، وبرؤى خارج الصندوق التقليدى، للمواجهات، فإن الخطر سيكون أشد؛ والله أعلم.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق