أكاذيب نيويورك تايمز

الإثنين، 05 فبراير 2018 12:48 م
أكاذيب نيويورك تايمز
إيهاب عمر يكتب :

قبل الربيع العربي، كان البعض يعتبر الصحف والاعلام الدولي نصوص مقدسة، على الأقل صحف الصف الأول، وكان هؤلاء يغدقون بالثناء على مهنية وحيادية واحترافية الصحفيين والإعلاميين في الغرب.

واتت سنوات سقوط الأقنعة، لنفهم اخيراً حقيقة انه الاعلام والصحافة الدولية مثل أي وسيلة إعلامية او صحفية حول العالم، لديها نسخة من الاحداث تروج لها، وانه إذا ما ارادت صحيفة ما ان تكتب عن الثورة السلمية بينما الميادين مسلحة فأنها سوف تكتب ذلك ضاربة بعرض الحائط كل المهنية والحياد والاحترافية التي تشدق بها البعض.

وفى المقابل إذا ما ارادت محطة تلفزيونية ان تتحدث عن ميدان مسلح بينما الوقفة سلمية، سوف يحدث ذلك بل وربما تجد مواد تلفزيونية ارشيفية تدعم هذا الاجراء.

لكل وسيلة صحفية وإعلامية مجموعة ممولين، يهمهم رعاية مصالحهم وإنتاج نسخة خاصة بهم من الاحداث السياسية وغير السياسية حول العالم، وفي الصحف الكبرى في أمريكا وأوروبا فأن مصالح الممولين تتشعب، وتصبح تلك الصحف في بعض الأحيان مجرد جناح صحفي او اعلامي لشبكة مترامية الأطراف من المصالح الغربية التي تبدأ عند شركات النفط والسلاح وتنتهي الى أكبر درجات السلطة في الغرب بما في ذلك الأجهزة الاستخباراتية.

وقد اتضح لنا حينما نقارن بين احداث شاركنا بها، وبين نسختها المشوهة في الصحف خاصة الامريكية والبريطانية، انه في بعض الأحيان يكون المراسل ذاته مأجور، اذ ان من روج لان تلك الصحف والقنوات يعمل بها انبياء لا يتم رشوتهم قط كان مجرد شخص يشعر بالدونية واحتقار الذات ويريد ان ينسب كل ما هو ذميم لشعبه فحسب.

وقد سبق لجريدة الجارديان البريطانية ان نشرت بتاريخ 26 مايو 2016 بيان بعنوان:

A note to our readers about a reporter who breached our trust

ملاحظة لقرائنا عن المراسل الذي خان ثقتنا، تتحدث عن جوزيف مايتون Joseph Mayton مراسل الجريدة بالقاهرة ما بين عامي 2009 و2015، حيث جرى الاعتذار عن 37 تقرير و 20 مقال مفبرك بحسب الجريدة.

مراسل الجارديان في القاهرة، الذي غطى احداث انتخابات مجلس الشعب 2010، ثم 25 يناير 2011 والمرحلة الانتقالية الاولي وانتخابات الرئاسة 2012 ومرحلة حكم الفاشية الاخوانية ثم ثورة 30 يونيو 2013 والمرحلة الانتقالية الثانية والانتخابات الرئاسية 2014، كان وبكل صراحة وباعتراف جريدته يكذب عليكم.

وما لم تقله الجريدة انه صاحب كتاب اعتبره البعض في منتهي الأهمية عن الربيع العربي في مصر وتمت ترجمته بالفعل الى اللغة العربية في القاهرة.

هذا الصحفي هو مصدر المعلومة التي هيجت الجماهير في يناير 2011 عن الــ 70 مليار دولار التي ينعم بها الرئيس الأسبق خارج البلاد وبعد سبع سنوات من التحقيقات لم نكتشف أي مصدقيه لهذا الرقم الخرافي الذي يتساوى وقتذاك بضعف الاحتياطي النقدي المصري من العملة الصعبة.

وعلى ما يبدو اننا على موعد من أفاق من نفس العينة، وان كانت اكاذيبه وكواليس علاقته بأهل الشر لم تكتشف بعد، ديفيد دي كيركباتريك، مدير مكتب نيويورك تايمز في القاهرة ما بين عامي 2011 و2015، صاحب الروائع التي لن تنتظر أكثر من خمس دقائق حتى تكتشف كذبها.

هو صاحب التقرير الصحفي في 7 ديسمبر 2017 عن مسؤولية ولى العهد السعودي محمد بن سلمان آل سعود حول صفقة شراء إحدى اللوحات الفنية بربع مليار دولار، وما هي الا بضعة ساعات ونعرف ان متحف اللوفر أبو ظبي هو من قام بالشراء، ولكن انتبه الى وقع الخبر على الشعب السعودي في زمن الإصلاحات الاقتصادية، هذه الرغبة في نشر صورة ان الأمير ينفق ببذخ بينما يطالبكم ببعض التقشف!

هو صاحب التقرير الصحفي بأن بن سلمان اتخذ من وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي مستشاراً امنياً! وان الأخير هارب الى السعودية بموافقة من الاسرة الحاكمة السعودية دون مراعاة للعلاقات مع مصر، وما هي الا بضعة أيام وكان اللواء العادلي يقف امام المحكمة المصرية، فأين هذا الهروب الكبير والتقرير العظيم الذي يكاد يخبرك ان العادلي يحكم السعودية سراً!!

وهو صاحب التقرير الصحفي بتاريخ 6 يناير 2018 ان ضابط بالمخابرات الحربية المصرية اتصل ببعض الفنانين والإعلاميين المصريين من اجل الترويج في الاعلام المصري انه القرار الأمريكي بنقل السفارة الأمريكي الى القدس المحتلة بدلاً من تل ابيب المحتلة هو قرار عادي ولا يجب ان يهتم الرأي العام بهذا الأمر، والمبهر انه تحرك وفق منظومة إعلامية قطرية وتركية، بمعني ان الصحفي الأمريكي أعلن عن وجود هذه التسجيلات، ثم فوجئنا ببعض وسائل الاعلام التركية والقطرية تبث تسجيلات مضحكة مفبركة بالمعني الذى حاولوا ادعائه.

وكان الأكثر سخرية من أكاذيب الصحفي الأمريكي والتسجيلات الصوتية الرديئة هو ان مصر على ارض الواقع قد وجهت توبيخاً اعلامياً ودبلوماسياً الى أمريكا قبل إسرائيل على خلفية قرار نقل السفارة، وأثبتت القاهرة انه التحسن النوعي في العلاقات بين البلدين لن يأتي على حساب الدور المصري والرؤية والثوابت المصرية حيال قضايا المنقطة.

ولعل هذه المحطة فرصة للكشف ان التشدد المصري حيال القرار لم يكن متعلق بالقضية الفلسطينية فحسب، ولكن لان حسم ملف القدس من قبل أمريكا وإسرائيل يتبعه حسم لملف إقامة دولة فلسطينية شمال سيناء، وهو الاجراء الذي اكدت جريدة هاآرتس في 11 يناير 2018 انه عرض على القاهرة نهاية عام 2014 بعد ان توسط رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لدى الرئيس الأمريكي باراك أوباما لتعرض الإدارة الامريكية المقترح على القاهرة.

وأشارت الصحيفة في تقرير يحمل عنوان:

Netanyahu Asked Obama to Consider Giving Palestinians Land in Sinai, Former U.S. Officials Say

الى ان الدولة المصرية رفضت بشكل قاطع فكرة استبدال أراضي من الضفة الغربية بأراضي في سيناء، او ان تقام دولة فلسطينية في سيناء وغزة وأجزاء من الضفة الغربية، وأشارت الصحفية الى ان المستشار اليهودي بالبيت البيض جاريد كوشنر صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد تبني هذا المقترح ويحاول فرضه على باقي اجنحة الإدارة الامريكية التي تعاني من صراع داخلي وحرب نفوذ بين مراكز القوي.

هذا الصحفي هو صاحب التقرير الخائب عن وجود قاعدة عسكرية روسية سرية في غرب مصر وتحديداً في مرسى مطروح.

وفى 3 فبراير 2018 واصل دجال نيويورك تايمز أداء نمرته الهزلية، حيث كتب ان الحكومة المصرية وافقت على قيام إسرائيل بقصف معسكرات الإسلاميين في سيناء، وان إسرائيل قامت بأكثر من مئة غارة جوية سرية في سيناء في ظل عجز الجيش المصري في القيام بواجبه حيال سيناء كما ادعي.

بالطبع الفبركة والتزييف يقطران من قلمه، ولكن اصبح من واجبنا الحديث عن امر مهم في هذا الصدد رغم انه ذكر في اكثر من محفل، من قال لكم ان إرهاب الإسلام السياسي او ما يسمي بالإسلاميين اصلاً يشكلون البعبع الرهيب لإسرائيل؟ إسرائيل تتظاهر بذلك فحسب.

من يظن ان الإسلاميين يتعاونون مع أمريكا وأوروبا دون التعاون مع إسرائيل، او ان أمريكا وأوروبا يغامرون بأمن إسرائيل بالتعاون مع الإسلاميين فهو خاطئ، من يظن ان تركيع وتفكيك ليبيا والعراق وسوريا واليمن وخلخلة الدولة في مصر وتونس والبحرين والمغرب ليس هدفاً صهيونياً عليه ان يعيد حساباته.

من يظن انه محاربة الجيوش المصرية والعراقية والسورية والليبية للدواعش داخل حدودهم واستنزاف الجيوش العربية في هذه الحروب ليس هدفاً صهيونياً عليه ان يعيد حساباته.

والاهم من ذلك ان داعش الاخوان ينفذون في سيناء تحديداً المخطط الإسرائيلي ومعادلة ارييل شارون بشكل واضح وصريح، توطين الإرهاب في سيناء، ثم يقوم الإرهاب انطلاقاً من سيناء بمهاجمة إسرائيل، وهكذا تبدو مصر عاجزة عن السيطرة على سيناء، وعاجزة عن منع الخطر عن إسرائيل المسكينة، هنا يضطر المجتمع الدولي للتدخل كما تدخل في سوريا وليبيا، عبر ارسال الناتو الى سيناء المتمردة الخارجة عن سيطرة الدولة المصرية، ويتم رعاية مجالس صحوات او فصائل قبائلية على الأرض، اغلبها سوف يكون قادماً من غزة، ليتم توطين الفلسطينيين في سيناء.

وبالطبع لا الناتو سوف يخرج من سيناء ولا إسرائيل ولا الفلسطينيين ولا حتى الإرهاب، تماماً كما نرى في سوريا الكل متعايش جنباً الى جنب.

فالإسلاميين الإرهابيين يطبقون الخطة الامريكية الإسرائيلية بحذافيرها، وإسرائيل لم تنسحب من غزة عام 2005 في مشهد ختامي للانتفاضة الثانية الا من اجل افساد المجال لحركة حماس وداعش غزة لاحقاً للتفرغ للجبهة المصرية، عام 2005 الذي شهد اول عملية إرهابية من الإسلاميين في سيناء.

وبالتالي اخر دولة في العالم سوف تتدخل لنجدة مصر في سيناء هي إسرائيل، ولن تتدخل الا يوم تخرج سيناء كاملة عن سيطرة مصر ثم تتعرض إسرائيل لعدوان صاروخي مستدام من سيناء يعقبه استغاثة إسرائيلية بالناتو اولاً.

ولكن مقال الصحفي الأمريكي وغيره حول نفس الفكرة يأتي في إطار بالونات اختبار، وتمهيد فكري ونفسي لشعوب المنطقة، بأنه إسرائيل تتدخل في سيناء وانه امر واقع، وانه يجب الاعتراف – بحسب رؤية هذا الصحفي ومن هم على شاكلته – بضعف الدولة المصرية.

ان العدو لا ينفذ الخطوات الحاسمة من مؤامرته دفعة واحدة بل يقوم عبر غلمانه هنا وهناك بالتمهيد الإعلامي والفكري والنفسي، في هذا الإطار يأتي هذا المقال المشين الذي لا يحمل 0.0001 % من المهنية او الاحترافية الصحفية والإعلامية.

الجيش المصري يسيطر تماماً على شبه جزيرة سيناء، وكافة مخططات المؤامرة لصنع نسخة مصرية من داعش على ارضنا دفنت تماما، ومخطط زحف الإرهاب من شمال سيناء الى العاصمة أصبح جزء من الماضي، والتحام دفتي داعش من سيناء وليبيا في محافظات وادي النيل المصرية فشل، ولعبة صناعة داعش في الصعيد انطلاقاً من السودان انتهت قبل ان تبدأ.

وسيناء لن نتركها لاحد، قالها السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي ويرددها دائما عقب كل حادث إرهابي في سيناء، سيناء مصرية عبر التاريخ وأبد الدهر.. ولا ازيد.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق