إحنا مين ؟

الخميس، 08 فبراير 2018 04:36 م
إحنا مين ؟
هبة العدوي تكتب:

قد يبدو سؤالا تافها ليس له من أهمية بالنسبة للبعض, ولكنه شديد الأهمية بالنسبة لكل من حمل هم قضية بناء الإنسان المصري .

من نحن المصريون أبناء حضارة قدماء المصريين منذ آلاف السنين .. هل طابعنا الثقافي هو الفرعوني  أم الروماني أم القبطي أم العربي أم ماذا ؟

يبدو الصراع مختفي بين أبناء هذا الوطن الذي آن الاوان ان يبدأ بدايات بناء حضارته الخاصة الحديثة المصرية  والتي هي مزيج من كل هذا.. أي سيكون ذو طابع خاص سيطلق عليه :

- (طابع مصري )

(2)

اللي هو إيه ؟ وإزاي ؟

ما شكل الثقافة المصرية ؟  ما لونها العلمي والأدبي والفني ؟  ما هي سمات وقيم  الإنسان المصري الذي نريده ليبني حضارتنا المصرية ؟؟

هذه أسئلة تحتاج لإجتماع كل المهتمين لنصل معا- بإجتماعات ذات حرارة عالية النقاش متفاعلة أروقتها- لإنصهار لجميع الآراء..

 فنترك لمن سيلينا من الأجيال (بدايات مكتوبة لشكل ومضمون الثقافة المصرية الناتجة عن تفاعل كل ما مر علينا من ثقافات ) ..

 بدايات مفتوحة النهاية قابلة للتطوير لأن بالتأكيد من سيلينا من أجيال سيكون عصرهم مختلف عنّا وسيحتاجون للتطوير..

 ولكنهم سيضيعون إن لم نترك لهم بدايات تكون بمثابة أرض ثابتة لهم في زمن تيههم العظيم ..

(3)

قد تتعجب من طرحي لفكرة التيه العظيم .. ألم تري الإحتلال البريطاني والأمريكي يغير من هويتك المصرية عن طريق التعليم ؟

ألم تري تعليمهم يضع بصمته فوق ابنك وابنتك ؟  ألم تراه وهو يمجد الثقافة البريطانية والأمريكية  ؟ ألم تراه يتحدث اللغة الإنجليزية او الفرانكو ويحقر من شأن العربية و لا يكترث بها ويجدها صعبة ؟

ألا يري القائمون علي إدارة وطننا أن قضية التعلم هي أمن مصر القومي ؟

مرت علينا دول محتلة عديدة فلم تغير من لغتنا بل مصرناها وهم من ذابوا في هوانا المصري ..

ولكن الآن الأمر إختلف فأمريكا قد غزت العالم بماكدونالدز وأفلام ومسلسلات هوليود و التعليم الأمريكي .. فكيف سنحمي أولادنا من تيه الهوية وضياعها ؟ ما خطتنا  المصرية ؟

(4)

قصت عليّ إحداهن أن في (الإنترناشيونال داي ) الإحتفال الخاص بكل الثقافات والذي فيه يمثل الأولاد بعض البلاد التي يختارونها ..

إختار بعض الأولاد أن يمثلوا دولة  سوريا .. فرفضت المدرسة الأمريكية  وقالت لهم :

-ديه بلد في حالة حرب ومكتئبة فحتحسوا إنكم  مكتئبين وإنتوا بتمثلوها .

لا لوم علي المدرسة اللوم علي الأسرة التي  تترك أولادها خاصة في مرحلة الإبتدائي فريسة لمدرسين " نايتيف "علي أساس أن تعليمهم أفضل ..

وأي تعليم هذا الذي تضيع معه الهوية والثقافة ؟ .. هذا لا يسمي أبدا تعلم ..فالتعلم إن لم يصنع شخصية وطنية منفتحة عالميا وعقليا متطورة قابلة للتغيير والتطوير المستمر هو لم يفعل شيئا ..

وكيف ينفتح طفل علي ثقافات عالمية وهو بلا جذوره الوطنية ؟؟ ..

وأي شخصية تلك التي ستتكون بلا لون ولا رائحة ولا معني ..مجرد صدي صوت لمعلومات ومجموعة مهارات ليس إلا  ..

ونفس الحال تماما مع الاولاد الذي ينشئون  في أول سنون أعمارهم خارج حدود مصر .

(5)

ولكن الحقيقة أن كل تلك التأثيرات تختفي مع وجود بيت قوي ..ام واب وأجداد منفتحي العقلية علي العالم أجمع , قابلين للنقاش الحر ثابتي الهوية الوطنية ..

 عزيزتي الأم المصرية هل جلستي مع اولادك تحكي لهم تاريخ وطنهم ؟..

 هل فكرتي كيف تطرحين نقاط ضعف التاريخ العالمي خاصة مع تركيز المدرسة علي نقاط ضعف تاريخك المصري ؟

هل قتل الألمان للملايين من الشعوب في الحرب العالمية الأولي والثانية لا يُعَد بهمجية, مع كامل إحترامي للشعب الألماني ؟..

 ام أنكِ فقط تعيدين علي أولادك ما يكرره الإعلام من إن العرب همج واوروبا بلد الحضارة !! متناسية تاريخك وعظمته !!

عزيزتي إن لم يفخر أولادك بوطنهم وتاريخهم المصري أولا والعربي ثانيا فلن تقوم لهم قائمة ..

لا تخافي قد يصل لأعلي المناصب فيصير ( بروفيسور ) في الكيمياء الحيوية أو النووية او غيرها ..قد يهاجر ويترك وطنه وينسلخ شيئا فشيئا من جلده ..ولكنه  لن يعرف ابدا طعم السعادة سيتيه في الارض باحئا عن وطن يكون وطنه وارضا تصلب عرضه ولن يجد ..ربما يصل لتلك النتيجة في أواخر عمره .. عندما يدرك معني وأهمية أن تكون لك هوية واضحة ..فجذورك الممتدة عبر أرض التاريخ تثبت جذعك في وجه عواصف الزمن وأعاصيره ..

إيمانك بقضية وطنك تزيد سنون عمرك فوق سنونها جمالا مهما كانت الصعوبات ..

 فنحن بنو البشر لم نأتي للدنيا عبثا بل جئنا لنؤدي رسالة .. لن تكون للرسالة معني دون جذور تُعمّق أصولها وتجعل فروعها تبدع في كافة المجالات وفي شتي بقاع الارض ..

(6)

لست ضد التعليم المتطور .. ولكن لماذا لا نطور فنتطور؟

التعليم البريطاني والأمريكي لم يُطوَّر منذ الثمانينات أما المصري فهو نتاج حقبة الستينات وأولادنا هم نتاج الألفينات .. فلماذا لا نطور تعلّم  له طعم هويتنا وثقافتنا الخاصة ؟!.. أم أن تلك الهوية مفقودة حتي الآن في تاريخنا الطويل ؟!..

وبإفتراض ذلك, لماذا لا تجتمع العقول بحثا عن تلك الهوية وسماتها المنصهرة في بوتقة واحدة .. " النحل " كذلك يمتص رحيق كل الازهار وينتج عسلاّ لا يمت بصلة لكل زهرة علي حِدا ولكنه نتاج كل الأزهار في النهاية التي مر عليها ومرت عليه ..

 أين " نحل" هذا الوطن ؟

(7)

لا أعتقد  أنه سيكون هناك وقت أفضل مما نحن فيه ..فالعدو من خلفنا والبحر من أمامنا وليس لنا من خيار سوي الإبتكار.

إبتكار جديد لشكل وقوام  مختلف يعمل كبنية تحتية ثقافية .. أخلاقي في اساسه أوقن من ذلك, ولكني الآن لا أدرك كيف سيكون نتاجه ؟

وبإفتراض أن حقبتنا هذه ستمر فقط دون إنتاج واضح لهويتنا الثقافية وهو ما سيكون أمراً مخزي بكل الاحوال .. ألا يستحق الأمر أن ننتج جيلا من " النحل " نسقيه من تاريخ الحضارة المصرية العظيمة علي مر الأزمان المختلفة بفنونها المختلفة, حتي ينتج هو عسلا من ثقافتنا المصرية بهويتنا المصرية ؟ جيل يحمل الراية فيسلمها للجيل التالي وهكذا !!

هذا مقال  لإمرأة بحثت ومازالت عن من يهمهم أمر بناء الإنسان المصري بثقافته المصرية التي هي....................؟

لوضع كلمات فوق تلك النقاط هذا يستغرق عمرا باكمله لأناس آمنوا بأنفسهم وبوطنهم وقبل كل ما سبق آمنوا بالله ..

 وبأن لا شيء خلقه الله  صدفة . .ووجودنا في هذا الزمان تحديدا حيث التيه ليس لكي نتوه مع التائهين بل لكي نصنع أرضا ثابتة و نثبت ما تركه لنا أجدادانا من جذور لو فقط ثبتناها لثبتنا معها جيل أولادنا في مواجهة الثقافات البريطانية والأمريكية وغيرها التي تغزو بلادنا ..

تلك دعوتي فهل من مجيب ؟

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق