كبسولة قانونية.. مشروعية التحقيق مع المتهم في مبنى الرقابة الإدارية أو بحضور الضابط

الإثنين، 12 فبراير 2018 01:00 م
كبسولة قانونية.. مشروعية التحقيق مع المتهم في مبنى الرقابة الإدارية أو بحضور الضابط
صورة أرشيفية
علاء رضوان

عادة ما يحاول البعض أن يطعن في مسألة إجراء التحقيقات مع المتهم داخل مبنى الرقابة الإدارية أو أي من الأجهزة المختصة، وكذا في حضور ضابط الشرطة أثناء استجواب المتهم، بحجة أن هذا يُبطل التحقيقات.

وفي هذا الصدد، يقول المحامي والخبير القانوني، ياسر الأمير فاروق، أن أحكام النقض تجرى على أن اختيار المحقق لمكان التحقيق متروك لفطنته وتقديره حرصاً على الصالح العام وسرعة إنجازه )نقض 1982/8/12 مجموعة أحكام النقض س33 رقم199 ص962؛ نقض 1984/2/19 س35 رقم33 ص163؛ نقض 1984/3/18 س35 رقم64 ص304(.  

وأضاف فاروق، لـ «صوت الأمة»، أنه لذلك لا تري القاعدة القانونية بأسا من إجراء التحقيق في دار الشرطة أو مبني الرقابه الإدارية أو المخابرات العامة، كذلك فإنها تري انه ليس في حضور ضباط الشرطة أو المخابرات العامة التحقيق ما يعيب إجراءاته، وذلك علي سند من أن سلطان الوظيفة وما يسبغه علي صاحبه من سلطات وإمكانيات لا يعد اكراهاً مادياً ما دام أن هذا السلطان لم يستطل علي المتهم بالاذي المادي أو المعنوي، كما أن مجرد الخشية لا يعد قرين الإكراه المبطل للاعتراف حقيقاً أو حكماً (نقض 1970/21/12 مجموعة أحكام النقض س21 رقم 300 ص 1239؛ نقض 1971/6/22 س23 رقم 217 ص 981؛ نقض 1977 /6/6 س 28 رقم 150 ص 713).

وأشار إلى أن هذا القضاء محل نظر إذ أسرفت فيه محكمة «النقض» في التسامح مع رجال الشرطة لدرجة باتت فيها حريات وحقوق المتهمين في خطر شديد، ولعل أهم ما يمكن توجيه لهذا القضاء من نقد هو انفصاله عن حقيقة الواقع، وما يعرفه الناس في الفتره الراهنة من تلفيق قضايا وبطش شرطي فى بعض الأحيان.  

وأوضح الخبير القانونى، بالنسبة لحجج النقض لتبرير قضاءها المنتقد فلا يخلوا من تكلف لأنه ولئن كان صحيحا أن القانون لم يلزم المحقق باجراء التحقيق في مقر النيابة العامة، إلا أن ذلك لا ينفي أن إجرائه في هذا المقر هو الأصل واجراءه في غيره هو الاستثناء وبشرط أن يكون الخروج علي الأصل لعله ظاهره وإلا كان الدفع بالاكراه المعنوي له ما يبرره وهو ما يقتضي من المحقق ذكر الأسباب التي دفعته إلى اجراء التحقيق في غير مقر النيابة .   

وأكد «فاروق» أن  هذا الأمر يجرى كذلك بالنسبة لحضور رجال الشرطة التحقيق عموماَ والإستجواب،  لأن القاعده في التحقيق هي السريه ومن شأن حضور ضباط الشرطة إفشاء السرية، بل إن وجود ضابط الشرطة عند استجواب المتهم يعد إكراه معنوي، لاسيما إذا كان الضابط قد أثبت في محضره أن المتهم اعترف له بارتكاب الجريمة اوانه ضبطه متلبسا بها.   

ونوه «فاروق» أن ضابط الشرطة أو المخابرات أو الرقابة الادارية هو من احضر المتهم للنيابة وهو ذاته من يستقبله بعد إنهاء النيابة الاستجواب فهل سيجرء المتهم في الاستجواب تكذيب الضابط حال أنه بعد دقائق قليلة سيكون تحت براثنه؟، وردد قائلاَ: « لذا فإننا نناشد محكمة النقض ضمانة لسلامة الاستجواب وما قد يسفر عنه من اعتراف أن تعتبر الإكراه المعنوي قائما اذا تم في غير مقر النيابة العامة وفي حضور رجال الشرطة لغير عله تفصح عنها ظروف الدعوي واوراقها».

وأضاف أنه يحدث في كثير من الأحيان أن يحضر ضابط الشرطة إجراءات التحقيق سواء التي تتخذ ضد المتهم كاستجوابه أو غيرها وذلك بالمخالفة لقاعدة السرية، فهل يترتب علي ذلك بطلان التحقيقات؟، فأجاب: «تري محكمة النقض أن حضور ضابط الشرطة التحقيق لا يعيب إجراءاته؛ ذلك أن سلطان الوظيفة ذاته لا يعد إكراهاً طالما لم يستطل بأذى مادياً كان أو معنوياً ضد المتهم، كما أن مجرد الخشية منه لا يعد قرين الإكراه المبطل للاعتراف».  

وفي هذا الصدد  تقول المحكمة، إنه ليس في حضور ضابط الشرطة التحقيق بفرض صحة ذلك ما يعيب إجراءاته لأن سلطان الوظيفة في ذاته بما يسبغه على صاحبه من إختصاصات لا يعد إكراها ما دام لم يستطل إلى المتهم بالأذى ماديا كان أو معنويا إذ مجرد الخشية منه لا يعد من الإكراه المبطل للإعتراف لا معنى ولا حكما ما لم تستخلص المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها تأثر إرادة المتهم من ذلك السلطان حين أدلى بإعترافه ومرجع الأمر في ذلك لمحكمة الموضوع. (الطعن رقم 1143 لسنة 62 جلسة 1993/11/07 س 44 ع 1 ص 931 ق 146).

وقال «فاروق»، إن هذا القضاء محل نظر اذ يخالف نص المادة 77 إجراءات التي قصرت حضور التحقيق الابتدائي على الخصوم ووكلائهم ولا يعد ضابط الشرطة من بينهم، لذا فإن الأصل منعه من الحضور سدا لذريعه التأثير علي ارادة المتهم أوغيره من الشهود، لا سيما إذا كان الضابط هو القائم بالقبض على المتهم وأثبت في محضره أنه أقر له بإرتكاب الجريمة وضبط معه أدلتها وساقه إلى المحقق مقيد بالأغلال وينتظر عوده المتهم معه مرة أخرى إلى ديوان القسم، إذ لا شك أن ذلك من شأنه التاثير على إراده المتهم من حيث إنكار الإتهام خشيت الفتك به من الضابط الذي يلازمه إذ أنكر ما سبق أن أثبته المذكور في محضر الضبط.  

وأوضح أن هذا يبدوا غريبا أن تقرر محكمة النقض أن حضور الضابط التحقيقات لا يمثل إكراه معنوي، بل إن ما تقرره في هذا الشأن يخالف ما يعرفه عامه الناس بحكم التجربة أو التواتر من الإكراه الذي تمارسه الشرطه تجاه المتهم والشهود، ثم إن المسألة لا شان لها بالإكراه من واقع حضور الضابط التحقيقات، وإنما تنصرف إلى مبدأ الحضور ذاته فمتى ثبت حضور الضابط دون ضرورة بطل التحقيق بصرف النظر عما إذا كان هذا الحضور أثر على إرادة المتهم أو الشاهد من عدمه.  

وأضاف أن محكمة النقض قد خالفت القانون حينما ولت وجها إلى بحث مدى تأثير حضور الضابط التحقيقات على إرادة المتهم والشاهد ولم تواجه المشكلة المتعلقة بحضوره المحظور بمفهوم المخالفة للمادة 77،  إذ لا يجمل بمحكمة النقض أن تخالف القانون بالسماح بحضور الضابط التحقيقات ثم تفوض محكمة الموضوع في بحث مدى تأثير حضور الضابط على إردة المتهم أو الشاهد إذ لا تقدير لإجراء تم بالمخالفة للقانون، ولذا نناشد محكمة النقض العدول عن أحكامها وتقرير البطلان لمجرد حضور ضابط الشرطة إجراءات التحقيق الابتدائي دون ضرورة بغض النظر عن بحث اثر هذا الحضور المخالف للقانون على إرادة المتهم أو الشاهد من عدمه.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق