البرازيل لا تزال تجذب الإستثمارات الأجنبية بالرغم من الإضطرابات السياسية والإقتصادية
الأحد، 27 ديسمبر 2015 04:13 ص
قد يبدو فتح مقهى للذواقة في بلد يشهد إضطرابات إقتصادية وسياسية مشروعًا محفوفًا بالمخاط، لكن مستثمرين كثيرين مثل الأسترالي دانكن هاي يؤكدون أن الإستثمار في البرازيل يستحق العناء.
فقد عمل هذا المقاول البالغ من العمر 44 عامًا جاهدًا كي يفتح في خلال بضعة أيام لا غير مقهى "كرافت كافيه" المخصص لأنواع القهوة العالية الجودة في حي إيبانيما الراقي والسياحي في ريو دي جانيرو.
وبالرغم من تدهور الوضع السياسي وتفاقم الإنكماش الإقتصادي، ما يقلق رجل الأعمال هذا هو إزدياد التكاليف والبيروقراطية المنتشرة فضلًا عن إخلال مزودي الخدمات بتعهداتهم.
ويقول هاي لوكالة فرانس برس "كلفني الأمر ضعف تقديراتي. وقيل لي إن هذا طبيعي في البرازيل، فكل التكاليف تتضاعف".
ويعزى ذلك خصوصًا إلى البيروقراطية المنتشرة في المؤسسات والفساد المستشري فيها والضرائب المرتفعة في سابع قوة إقتصادية في العالم تحتل المرتبة 116 في تصنيف البلدان الجاذبة للإستثمارات، بحسب البنك الدولي.
غير أن دانكن هاي هو من هؤلاء المستثمرين الأجانب الذين لم يفقدوا الأمل بعد في البرازيل، فإن الأجانب هم في الواقع أكثر ميولا إلى الإستثمار في هذا البلد الأميركي الجنوبي من البرازيليين أنفسهم.
وقد تراجعت عمليات الإستحواذ والإندماج بين الشركات البرازيلية بنسبة 23 % في خلال أول تسعة أشهر من العام 2015، بالمقارنة مع العام السابق، في حين إزدادت العقود الأجنبية بنسبة 3 % لتتخطى تلك المحلية.
وهذه الصعوبات لم تسلب من البرازيل قدرتها الكبيرة على جذب المشاريع بفضل إقتصادها المتنوع وسكانها البالغ عددهم 204 ملايين نسمة وطبقتها الوسطى المتنامية.
وبالرغم من تراجع الإستثمارات الخارجية، تبقى البرازيل البلد الذي يتلقى أكبر نسبة من الإستثمارات الخارجية المباشرة في المنطقة، بحسب مصرف "سانتاندر".
ويعتبر أندريه بيرفيتو كبار خبراء الإقتصاد في "غرادوال إنفستيمنتوس" أن الأزمة الإقتصادية تتيح فرصة حقيقية في سوق رئيسية"، لا سيما بالنسبة إلى الأجانب الذين يحصلون على العملة البرازيلية بأسعار منخفضة. فقد تراجعت قيمة الريـال البرازيلي ثلاث مرات هذه السنة مقابل الدولار.
يناهز إستثمار المقاول الأسترالي 187 ألف دولار وهو ليس سوى نسبة بسيطة في إقتصاد يبلغ حجمه 2300 مليار دولار، لكن مشروعه هو خير مثال على توافد المستثمرين الأجانب إلى البلاد.
فقد صرف هاي في فبراير من شركة "شلومبرغر" النفطية وهو لم يكن يريد مغادرة البلاد فحاول إيجاد حل بديل.
وصحيح أن البرازيل هي أول منتج عالمي للقهوة، غير أنه من النادر إيجاد مقهى يقدم قهوة عالية النوعية في ريو.
ويؤكد هاي أن "مذاق القهوة هنا يشبه الفحم الممزوج بالمياه".
وهو إستأجر مقهى يتسع لخمسة عشر شخصًا ودرس طريقة تحميص القهوة وتحضيرها وأعد وجبات سليمة وخفيفة تختلف عن تلك المقدمة في مقاهي ريو الأخرى.
لكن المقاول لم ينج من شر المعاملات المعقدة "على الطريقة البرازيلية". وكانت هذه المعاملات لتستغرق أربعة أيام في الولايات المتحدة، بحسب البنك الدولي، أو حتى 30 يوما في الصين، لكن إنجازها تطلب أربعة أشهر في البرازيل.
فقد سرقت معداته وإضطر إلى اللجوء إلى خدمات العاملين في السوق السوداء وصرف موظفًا ضاعف سعر آلات القهوة، فخسر بالتالي رأسماله وتراجع عن فكرة فتح محلين آخرين.
ولا بد له من أن يواجه بعد زيارة المفتشين الذين يصفهم بـ"رجال المافيا".
لكن البرازيل لا تزال تقدم منافع كبيرة للمستثمرين فيها، لا سيما في مجال صناعة القهوة.