حذر الجميع ..ولكن لم ينصت أحد ..

الخميس، 01 مارس 2018 04:33 م
حذر الجميع ..ولكن لم ينصت أحد ..
هبه العدوي تكتب :

تلك كانت الجملة الإفتتاحية  لفيلم الساينس فيكشن (جيو ستورم )  والحقيقة أن الفيلم يحمل في طياته الكثير من كارثة الواقع .. 
فظاهرة ( النينو)  المناخية واقع نعيشه وما ينتج عنها من تطرف في درجات الحرارة وفيضانات وأعاصير و جفاف هو حقيقة وليس خيال ..
 
(2)
النينو تُعرّف كظاهرة تعتبر جديدة نوعا ما علي العالم, بأنها تغير في درجة حرارة محيط من المحيطات تؤثر في منطقة مختلفة وبعيدة كل البعد عنه ..كما أنها تعتبر من أكثر الظواهر الطبيعية المؤثرة في الارض خلال القرن الأخير .. وربما تكون الأضخم .. 
ووفقا (لناسا ) فإن السبب لحدوثها يرجع للإنبعاثات الحرارية المتزايدة لغاز ثاني أكسيد الكربون ومركبات الكلوروفلوروكربون .. 
والتي تعتبر نتاج طبيعي للثورة الصناعية في ال150 عاما الأخيرة .. 
تراكمها أدي لإرتفاع درجة حرارة الأرض بمقدار درجة وإثنان من عشرة مئوية .. 
قد تظن أن درجة واحدة مئوية لا تؤثر كثيرا, ولكن في الحقيقة تأثيرها كبير .
 
(3) 
 
في شهر يوليو الماضي من عام 2017, إنفصلت واحدة من أكبر الجبال الجليدية في العالم عن الجرف الجليدي في القارة القطبية الجنوبية وهو أمر لو تعلمون عظيم .. إذ أنه يؤدي إلي إرتفاع منسوب مياه البحار .. مما يهدد الشواطيء الساحلية بالغرق الكامل لو إستمرت الأزمة المناخية بهذا السوء .. 
كما أنه سجلت درجات الحرارة في القطب الشمالي أعلي مستوي لها منذ 115 عاما .. وبصفة عامة إرتفاع درجات الحرارة في القطب الشمالي أسرع مرتين من باقي أنحاء العالم  مما أدي إلي تدمير البيئة التي تعيش فيها الحيوانات القطبية ..
هل نتوقع أن يحدث إنفصال طبيعي منطقي لأحد الجبال الجليدية أيضا في القارة القطبية الشمالية  وبالتالي إرتفاع منسوب البحر أكثر ؟ 
بالتأكيد أمر متوقع لو إستمرت الأزمة المناخية في التدهور .. 
جدير بالذكر أن أحد أهم اسباب إرتفاع درجات الحرارة في القطب الشمالي هو التنقيب عن الوقود الأحفوري والذي من ضمنه البترول بها .. 
 
(4)
في عام 1997-1998..أدت النينو إلي إنتشار حرائق هائلة في إندونسيا والبرازيل بالإضافة للفيضانات والأعاصير والحرائق في إستراليا  وأمريكا اللاتينية ..
في عام 2009-2010.. تسببت أيضا بحدوث الجفاف في مناطق كثيرة من العالم وهطول أمطار ثلجية شديدة في مناطق أخري 
في عام 2015 .. بدأت بوادر عودتها من جديد في المحيط الهادي..  
 
(5)
سبق لي منذ أسابيع التحضير لهذا المقال .. قرأت كثيرا عن ( داي زيرو)  في كيب تاون ..
الحقيقة أني نفسي تسائلت دولة إقتصادها قوي وقائم علي الزراعة والسياحة في الاساس ومدينة تعد من أكبر مدن العالم ككيب تاون, لماذا لم تأخذ تدابيرها قبل حدوث الجفاف المتوقع في أبريل القادم ؟
الإجابة تكمن في النينو..  
أصعب ما في هذه الظاهرة أنها لا يمكن التنبؤ بها ولا يمكن بالتالي وضع خطة مسبقة..
تدخل كيب تاون عامها الثالث في الجفاف ..والذي يُعد أسوأ جفاف عرفته منذ القرن الماضي ..
 إستفاق الشعب يوم 18 يناير علي ان (المدينة وصلت لنقطة اللاعودة )..فما تبقي من مياه في السدود هو 13 ونصف في المئة فقط  وسيذهب إلي المستشفيات والأماكن الحيوية .. 
وحتي عندما ترجع المياه, مع تشقق أنابيب توصيل المياه نتيجة لبقائها جافة لفترة طويلة الأغلب في تصور العلماء أنها ستتصدع كاملة .. مما قد يؤدي لما يشبه الفيضان ..لا أحد يملك يقين .. 
ولكن اليقين أنه  في كيب تاون سيتساوي الغني مع الفقير .. سيقفوا جميعا منتظرين حصتهم من المياه في طوابير يحرسها الجيش والشرطة من أجل الحفاظ علي الأمن ..والتي ستصل إلي  25 لتر من المياه ..(وهو ما يعادل الوقوف تحت الدش ما يقرب من 4 دقائق ) 
التقاتل إذا في كيب تاون لن يكون علي الخبز ..بل سيكون من أجل نقطة مياه .. 
 
(6)
بالطبع تأثير النينو عالمي .. وبالتأكيد مصر تأثرت ومازالت تتأثر ..ولك أن تعرف أن في الأصل حصة مصر من مياة النيل تبلغ  55ونصف مليار متر مكعب .. وأن إستهلاكنا الحالي يبلغ 80 مليار متر مكعب حسب أقوال المختصين .. 
أي أنه من المفترض أن يكون حصتك أنت كمواطن هي 500 متر مكعب من المياه فقط .. 
لك أن تتخيل عزيزي القاريء المشهد المصري كيف سيكون أن إستمرت النينو وإستمر إستهلاكنا المبذر للمياه !!
مرت مصر من قبل بالشدة المستنصرية والتي قيل عنها أنها كانت سبع سنوات متواصلة من إنخفاض منسوب النيل وغياب تخزين الدولة للغذاء مما أدي لحدوث مجاعة كبيرة كان فيها المصريون يأكلون لحوم الحمير والكلاب وفي بعض الأقاويل أكل بعضهم بعضا من شدة الجوع..
كيف ستواجه مصر الدولة والمواطن  هذا التحدي ؟ خاصة لو إستمرت ظاهرة النينو ؟ 
 أوصي علماء مصر في  مؤتمر (مصر تستطيع) بضرورة إستخدام الطاقة الشمسية كأحد أهم مصادر الطاقة النظيفة .. وخاصة في تحلية مياه البحر وإستخدامها في الزراعة بطرق مبتكرة توفر حوالي من 25 ل 40 في المئة من إستهلاك المياه .. 
 
(7)
حدث في فيلم (جيو ستورم ) واللذي يعني عاصفة عالمية والذي تم عرضه في أواخر عام 2017 أن حل الجفاف في بعض المناطق وهطلت كرات ثلجية قتلت مواطنين .. هذا المبالغ فيه يحدث الآن بشكل مصغر في كيب تاون ..هل سمعت أيضا عن هطول أمطار ثلجية في المدينة المنورة خلال شهر فبراير أدت لتهشم زجاج السيارات ؟ 
 
هل ندفع الآن فاتورة إستهلاك موارد كوكبنا الأرضي بشكل متطرف ؟
هل يمكن أن نترك الأزمة المناخية دون حلول ؟ 
وإذا كان الحل علي المدي الطويل هو في إستخدام الطاقة النظيفة, فعلي المدي القصير لا حل إلا في غلق صنابير المياه قدر الإمكان وبالذات لو صنابير عامة ..لا حل سوي في (ترشيد إستهلاك كل الموارد الطبيعية ) 
(جيو ستورم ) إذا هو أمر متوقع حدوثه, إذا لم نستفيق جميعا ككل شعوب الأرض .. والمؤكد  أننا إذا لم نحافظ ونرشد من إستهلاك موارد كوكبنا,  فلن يتركنا نعيش فوقه ..
اليقين أننا سنحيا جميعا لو آمنا أننا نتشارك جميعا في كوكب واحد له نفس المظلة من الظروف المناخية التي تؤثر وتتأثر فيما بينها..
ولكن هل نملك الوعي دول ومواطنون ؟ 
 
 
 
 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة