لا تكن مثلهم ... ظاهرك عكس باطنك

الأحد، 04 مارس 2018 02:09 م
لا تكن مثلهم ... ظاهرك عكس باطنك
رشا الشايب تكتب :

كثيراً ما أسأل نفسي هذه الأسئلة، ما الذى من الممكن أن يُجبر أحد أن يُظهر عكس ما بداخله؟ ما الذى يضطره أن يُعلن بتصرفاته أفعالاً تتنافى مع ما يُخبئه في جوفه؟

ما الذى يجعله مثلاً أن يُظهر مشاعر الحب لأفراد هو بداخله يكرههم؟
أو ما الذى يطالبه بتمثيل مشاعر الود والألفة لأشخاص هو للتو قد شرع في إيذاءهم؟
عموماً سأحاول إيجاد إجابات لهذه التساؤلات!!!

المصلحة هي بالطبع أول الإجابات التي من الممكن أن تجعل شخص ما يتصرف تصرفات على عكس ما يُبطِن، فيتقرب منك ويسأل كثيراً عنك بل ويتودد إليك مع عرضه تقديم الخدمات لك وهو في معظم الأحيان تجده يكرهك، يؤذيك، يغتابك بسوء، يشوه صورتك لدى الآخرين، لا يُنصفك ويضرك.

وسأحاول في طرحى هنا أن أقدم لكم بعض الصفات التي تلتصق التصاقاً شديداً بالمُتَلون أو المُتصنع لكى لا تتأثروا به وتتجنبوا إعطاء الأمان له.

أما المصالح فأنواع، وأهمها المصالح المادية بالطبع، كتلك التي ترتبط بمجال العمل، كالرغبة في الحصول على امتيازات مادية مثلا من رئيس العمل أو ترقية، أو الرغبة في إسقاط عقوبة أو جزاء تستحقه نتيجة لجرم ارتكبته بالعمل، أو الحصول على أي تفضيل من جهة العمل، وأيضاً المصالح التي تُلوث شكل العلاقات الإنسانية بين الأفراد كعلاقة الصداقة مثلاً التي يُغلفها التصنع المزيف بهدف الوصول من وراءها لهدف ما، وأكثر نوع أقف أمامه باندهاش وتعجب شديد هي المصالح المادية التي يحققها أصحابها باستخدام أرقى شعور على وجه الأرض وهو الحب، فتصبح لغة المشاعر غلاف ظاهري للمصلحة، وتلك أرخص الأنواع، فيستحق فيها أحد الطرفين سواء الرجل أو المرأة لقب ممثل من الدرجة الأولى، فتجد أحدهما يُقدم كل مخزونه العاطفي وحيله لكى يتلاعب بمشاعر الطرف الآخر كذباً وخداعاً، ويُمثل عليه لعبة الحب ويتقن الدور جيداً إلى أن يصل لهدفه، كرجل أوهم فتاةً بحبه لها وأوقعها في حبه ليس لشيء إلا طمعاً فيها، حيث أرادها لنفسه، أو امرأة أغرت رجلاً وأوقعته في شباكها بكل ما تملك من وسائل ومغريات لكى تحصل منه على ما تريد من مطامع مادية أو تستفيد من وراءه، والأمثلة كثيرة فحدث وبلا حرج، فلغة المصالح أصبحت كالداء الخبيث الذى يضرب ويشوه علاقات البشر.     

أما عن المتلون فذاك وصفه إن أردتم معرفته، فلأجل مصلحته يستهلك كل طاقاته ووقته ومشاعره المزيفة، نعم كل هذه التفاصيل، لكى يحقق هدفه الوحيد، وهو أن ينجح في أن تتخذه خليل، ويجعل قلبك إليه يميل، حتى وإن اضطرته الظروف على أن يكون لك كالذليل، فتُصدق ما يقوم به نحوك من تدليل، وذلك لأجل أن يحقق مصلحته ويصل لما يريد منك بتعجيل وبلا أي تأجيل.

أما حديثه، فتجد كلماته رقيقة، وعباراته منمقة، مزينة زيفاً بالتبجيل، والتهليل والتطبيل، احذر منه لأنه سيفعل المستحيل لكى يسترضيك أو يجد إليك أي سبيل، ولن ييأس أو يرضى بغيرك بديل، طالما عرف أن تحقيق مصلحته أصبح بكلمة منك فلن يمل التصنع معك أو التمثيل، سيفعل أي شيء من أجل أن  تتم مصلحته بلا أى تعطيل.

سينسف مبادئه ويقتلها عمداً وسيجد في النفاق والتملق خير بديل، وسيقول مخاطبا نفسه، لم أجن من وراء التمسك بالقيم والمبادئ شيئاً حتى وإن كان قليل، وسيؤكد لنفسه الأمارة بالسوء ظنه السيئ العليل، بأنه قد ماتت المبادئ في زمننا هذا وانطفئ نورها والذى كان كالسراج المنير، واغتالتها يد الشر الخبيثة بالقوة والتنكيل، وانحسر أعداد المتمسكين بها وأصبحوا القلة القليل.

ولا يرى في نفسه الزائفة أي غضاضة أو عيب ولو ضئيل، يستحق معاناة التغيير أو التعديل، بل بالعكس يفخر بنفسه المتلونة التي حققت له الكثير والكثير حتى ولو على جثث الآخرين أو حتى وإن استخدم الكذب أو الخداع أو لغة التضليل.

فلا تنخدع في هؤلاء المزيفين، ولا تصدق كلماتهم أو ابتساماتهم أو مدحهم الكاذب المبين، وكن سريع البديهة فطين، واكشفهم مبكرا قبل أن يمثلوا عليك زيفهم اللعين، واطردهم من محيطك وأظهر لهم أنك تعرف مرادهم الحقيقي بكل وضوح ويقين، بلا أي خداع أو تزيين.

وإليك بعض الصفات والتي من الممكن أن تكشفهم لك، فلا تنخدع فيهم، منها أنهم دائمي الحديث عن الآخرين بالسوء وبغير حق، ستجدهم يبالغوا جدا في إظهار مشاعرهم مع التودد المستمر والمدح المبالغ فيه، لا يقيموا للمبادئ وزناً وسترى صفات النفاق أو التملق أو الوصولية أو عدم الرضا في العموم أو الكذب أو الأنانية المفرطة أو الرضا بأذى الغير تتملكهم وتسيطر عليهم، ستجد المنافق أو المتلون يعلن لك وبصراحة شديدة ووضوح عن مصلحته منك بعد فترة غير قصيرة من التودد واللطف معك، وعند إعلانك عدم تنفيذ مطلبه المادي أو مصلحته فستجده تحول تحولا مفاجئاً وغريبا، سينقلب لوجهه الحقيقي معك، وسينتهى كل شيء وسيتغير في تعامله معك إلى النقيض تماماً.

وفى النهاية أوجه سؤال للمنافق أو المتلون الزائف! ما فائدة ما حصلت عليه من مزايا مادية رخيصة وفى المقابل أصبحت نفسك مهلهلة بلا قيم أو مبادىْ، هل يُساوى ما حصلت عليه من مصالح ما فقدته من قيم غالية؟ وهل هانت عليك نفسك والتي أرهقتها وأخضعتها وأذللتها وملأتها زيفاً وكذباً من أجل كسب مصالح مادية رخيصة؟ هل السعادة تتلخص لديك فقط في المادة؟ وما الذى يُجبرنا على أن نتعامل بحب مع أشخاص نحن في داخل أنفسنا لا نحمل لهم مشاعر الود أو المحبة؟ أما نفسك التي خلقها الله لك عزيزة، قل لي بالله عليك كيف تفعل بها ذلك؟

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق