الانفتاح السعودي... وسطيّة منشودة

الأربعاء، 07 مارس 2018 02:38 م
 الانفتاح السعودي... وسطيّة منشودة
بقلم د. حاتم العبد

تعد زيارة ولي العهد السعودي إلى الكاتدرائية المرقسية هذا الأسبوع ولقائه ببابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، سابقة فريدة في نوعها، متميزة، بالغة الدلالة في عزم السعودية على تغيير النظرة المتحفظة للديانات الأخرى ومن قبول الآخر. 
 
وإذ نثمن أيما تثمين تلك الزيارة، إذ إنها تأتي في وقت يُنشد فيه تغليب العقل، والالتفات إلى المصلحة العامة، والانسلاخ من فكر ولّى زمنه، ومن معتقد فات قطاره، فضلًا عن كونه يتماشى مع جوهر الدين الإسلامي الحنيف، والفطرة البشرية التي جبل الله عليها خلقه. 
 
تكتسب الزيارة أهمية بالغة بالنظر لكونها الأولى من نوعها، وفِي كون السعودية مهبط الوحي، وأرض الحرمين، فهي تعد بجانب الأزهر الشريف قبلة للإسلام وعنوان للمسلمين. 
 
أيضًا لا يخفى على أحد سيطرة الفكر الوهابي المتحفظ- المتشدد أحيانًا- على الشقيقة السعودية لعقود طويلة، تلك الزيارة إضافة إلى إجراءات أخرى قامت بها السعودية، تبرهن على إرادة عازمة في استبدال عباءة الوسطية والانفتاح واستشراف المستقبل والحريّة، بعباءة الانغلاق والتقوقع والتشدد. 
 
أيضًا يعد من إيجابيات الزيارة، كونها تأتي في ظل اجتياح موجة ظلامية بغيضة آثمة من الإرهاب الأسود تجتاح العالم كله باسم الدين والإسلام، والإسلام منهم براء، وتستند تلك الأفكار الإرهابية في معرض تفسيرها وتبريرها إلى الفكر الوهابي الذي بزغ وترعرع في الشقيقة السعودية. 
 
إن القراءة الصحيحة للواقع المعيش، تفرض على الجميع قبول الآخر، حواره ومناقشته، مآكلته ومصادقته ؛ فعالم اليوم ليس بعالم الأمس، وما كان مقبولًا بالأمس لن يكون مقبولًا اليوم، وأن الالتحاف ببردة التشدد لن يجني غير العزلة والفرقة والتشرذم. 
 
مخطئ من يظن أن ما يحدث في السعودية والخليج بمعزل عن مصر والعكس، إن السعودية هي أمن قومي مصري، وكذلك مصر هي أمن قومي سعودي عربي، يفرحنا ما يفرحها، ويؤلمنا ما يؤلمها، ليس فحسب وحدة الماضي والحاضر، بل وحدة المصير أيضًا.  
 
تحية إلى تلك الزيارة العظيمة، تحية إلى رسالة الطمأنينة التي بثتها، والأريحية التي نتجت عنها في ربوع العالمين العربي والإسلامي. وننتظر مزيدًا من الانفتاح السعودي والعمل المشترك مع الشقيقة الكبرى مصر لخدمة الإسلام والمسلمون، العرب والعروبة. 
 
حمى الله بلاد الحرمين الشريفين، ومصر وكافة الدول العربية، ووحّد كلمتهم وصفّهم...
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق