الفتوى بنت زمانها وبيئتها.. كيف تعامل معها الأزهر والإفتاء في هذا العصر؟

الأربعاء، 07 مارس 2018 09:00 م
الفتوى بنت زمانها وبيئتها.. كيف تعامل معها الأزهر والإفتاء في هذا العصر؟
كتب:حسن الخطيب

انطلاقا من القاعدة الفقهية التي تقول "إن الفتوى بنت زمانها"، فإن قضية الجهاد الفكري أصبحت قضية فرضية على العلماء، تؤكد على ضرورة تطوير الفتوى ومسايرتها للواقع الحالي، وضرورة الاجتهاد الفقهي الذي يساير الواقع، إذ لا يجوز العمل بالفتوى بعد مرور فترة عليها، فالفتوى بنت بيئتها وزمانها، فلا يعقل العمل بفتاوى مضى عليها قرون طويلة كفتاوى السفر، حيث كان السفر قديما قطعة من العذاب، نظرا للسفر بالإبل والنوق، أما الآن فقد صار السفر أكثر راحة من قبل.
 
من المعروف أن النصوص في الفقه الإسلامي متناهية ومحصورة، لكن الحوادث والوقائع مستمرة وغير متناهية، لأنها متعلقة بالفعل البشري وهو فعل لا يتناهى إلى يوم القيامة، ولذلك فإن لكل فعل حكم في الشرع من باب الحكم الشرعي، ومن هنا كان الاجتهاد الفكري والفقهي ضرورة من ضروريات الحياة.
 
وفي المقابل فإنه لايمكن أن تكون الفتوى التي تأتي في زمننا هذا تشريعا دينيا إذ أن الإسلام لايعترف بوجود كهنوت به، ولذا صار الاجتهاد الفقهي في مرتبة الفرض على العلماء في زمننا هذا، من أجل استنباط الأحكام الشرعية والفقهية والفتوى بما يتماشى مع الواقع.

أين التجديد؟
 
يعد الأزهر الشريف ودار الإفتاء هما المسؤلان عن تجديد الفقه والفكر الإسلامي، ومن ثم تجديد الفتوى، ولهذا كان تدشين الأزهر الشريف للجنة التجديد الفقهي والفكري المكونة من كبار العلماء بالأزهر الشريف، من أجل مواجهة الأفكار المتشددة التي يطرحها أرباب الفكر المتطرف، ويستندون إلى الفتاوى القديمة السابقة، التي خرجت في أزمنة بعيدة كانت معروفة بعصور الفتنة، إما بسبب السياسة او بسبب الدين، ولهذا كانت الفتاوى التي استند عليها الإرهاب وتم ترجمتها في أعمال إرهابية.
 
وقامت اللجنة الفقهية منذ تدشينها في العام 2016م، بتجديد الفتوى في عدد من القضايا الفقهية الشائكة، منها قضية المواريث التي ثارت مؤخرا، وكذلك قضية المواطنة، وقضية الطلاق الشفوي، وقضية مشاركة المرأة في الحياة السياسية، وكذلك ولاية المرأة وحكم توليها المناصب بالدولة.
 
كما شملت التجديد في الفتوى من جانب اللجنة الأزهرية، توضيح حكم الإنضمام للجماعات، والرد على أفكارهم وفتاويهم المتشددة والمتطرفة، ومعتقدات الجماعات التكفـــيرية والإرهاب المسلح، كقضايا الجهاد، والخلافة، والتكفير، والولاء والبراء ، والإرهاب المسلح، وتفكيك الفكر المتطرف.

 إدراك الواقع
 
يعتبر إدراك الواقع ركن اساسي من أركان التجديد في الفتوى، فلا يمكن الفتوى في قضية معينة بفتوى منذ عهد الدولة العباسية، فالأخذ بالأحكام الشرعية من كتب العصر العباسي، وهي المتأثرة بواقع وعرف ذلك العصر، ثم الإفتاء بها في واقعنا وعرفنا يعد من الضلال المبين والجهل الفاحش.

المفتي الجديد
 
ويؤكد الدكتور مجدي عاشور مستشار مفتي الجمهورية، بأن التجديد في الفتوى يستلزم إدراك الواقع ومعرفة بأحوال الزمان والمكان، مشيرا إلى أن الفتوى تعتمد على تاريخ طويل من العلم والدراسة يرى بمقتضاها المفتي رؤى جديدة في الأحكام الإسلامية طبقا للمتغيرات الأربعة وهي "الزمان والمكان والأشخاص والأحوال".
 
ويوضح المستشار العلمي لمفتي الجمهورية، بأن المفتي عندما يفتي بفتوى تتصل بقية من القضايا المعاصرة في واقعنا فعليه أن يكون على دراية بكافة مشتملات تلك القضية، طارحا مثالا إذا سأل المفتي عن عن حكم الدين في تناول منتج جديد، فعليه أن يكون عارفا بالأشياء التي تتصل بذلك المنتج، كالطعم واللون والرائحة وهل يحتوي على دهن محرم أم على نسبة كحول، وهل يسبب الإسكار أم لا، أضف إلى ذلك المعرفة بالنصوص الشرعية والفتاوى السابقة، بحيث يربط ويضبط إنزال النصوص على الواقع، وهذه النظرة لا بد أن تشتمل على المقاصد الكلية للشريعة؛ وهي حفظ النفس والعقل والدين والعرض والمال. 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق