العُمرة الصعبة

الأحد، 11 مارس 2018 12:57 م
العُمرة الصعبة
صبرى الديب يكتب:

لا أدرى لماذا تنظر الحكومة إلى قضية "العُمرة" من زاوية ضيقة وقاصرة، لا ترى منها سوى أنها تمثل إهدار لعشرات المليارات من العملات الصعبة سنويا، وهو ما دفعها ممثلة في وزارة السياحة إلى التفنن عاماً بعد الأخر، في وضع العراقيل أمام المعتمرين والشركات السياحة، بهدف تقليل  الأعداد إلى أن وصلت من نحو مليون ونصف المليون معتمر سنوياً إلى نصف المليون فقط، بعد أن قلصت موسم العمرة من 7  إلى 3 أشهر أو أقل طوال العام، من خلال إجراءات روتينية تتبعها سنويا تمنع بموجبها شركات السياحة من توثيق عقود السكن مع الجهات السعودية حتى ما قبل بدء شهر رجب بأيام.
 
ولعل الغريب في أمر معالجة الحكومة للقضية، أن خبراء وزارة السياحة يعلمون تماما أن من يتحمل فاتورة تقليل الأعداد وضغط الموسم هو المعتمر ذاته، حيث تضطر الشركات "مجبره" لإضافة رسوم إضافية على المعتمرين، لتعويض التزاماتها طوال العام، وهو ما يؤدى بالتبعية إلى رفع أسعار الرحلات سنويا بشكل مبالغ فيها.
 
وقد يؤدى القرار العبقري الجديد بفرض رسوم إضافية تصل إلى نحو 2000 ريال سعودي على المعتمر في حالة تكرار العُمرة خلال 3 سنوات، إلى خفض أعداد المعتمرين إلى نحو 300 ألف معتمر سنويا فقط، وهو ما قد يجبر الشركات إلى اللجوء إلى رفع أسعار الرحلات بشكل أكبر، وتسريح جزء كبير من العمالة، ولاسيما بعد زيادة سعر تذكر الطيران للرحلة الواحدة من 4500 جنيه إلى 7500 جنيه، ورفع المملكة لضريبة القيمة المضافة التي تفرض على المعتمر.
 
وعلى الرغم من ثقتي في حُسن نية الحكومة وهدفها النبيل من تلك الإجراءات، التى تهدف إلى تقليص الرقم الضخم من النقد الأجنبي الذي ينفقه المصريين سنوياً خلال رحلات العمرة، ولاسيما خلال تلك السنوات العجاف التي اضطرت فيها للجوء إلى إجراءات اقتصادية قاسية من أجل توفير النقد الأجنبي لتلبية احتياجات البلاد من السلع الإستراتيجية، وغيرها من البنود التي تتعلق بسيادة الدولة وأمنها القومي، إلا أنني أرى أنها للأسف تلجأ إلى علاج القضية من خلال أفكار نمطية عقيمه، سوف تكون نتيجتها الطبيعية إغلاق الباب أمام الآلاف من العاملين في قطاع السياحة الدينية، والتضييق على أعداد كبيرة من المصريين يرون في رحلات العمرة السنوية نوعا من الاستشفاء الروحاني، والصفاء الذهني، والراحة، والنزهة، والتسوق، وبديلا عن السفر لمنتجعات أو مصايف داخل أو خارج مصر، وهى رغبة مشروعة ويجب أن تحترم.
 
وعلى الرغم من تعارض المصالح هنا بين رؤية الحكومة ورغبة المعتمرين، إلا أننى أرى أن القضية تحتاج إلى أفكار غير نمطية فى طريقة المعالجة غير الى تلجأ اليها الحكومة، يجعل وزارة السياحة تبتعد عن التفكير بشكل منفرد، وأشرك غرفة السياحة في الأمر، والبحث عن صيغه أو أكثر للحل، كأن تلجأ إلى فرض رسم بالعملة الأجنبية، يحدده قيمته لجنة من مشتركة الخبراء، يتم فرضة على المعتمر في صورة طابع يوضع على جواز السفر، ويحصيل قيمته بمعرفة الشركات لصالح وزارة السياحة، أو يحصل عليه المُعتمر من منفذ المغادرة، سواء برى أو بحري أو جوى، بحيث يؤدى إلى ضخ مبلغ مناسب من العملات الأجنبية إلى خزينة الدولة، كعوضاً عما ينفقه المصريين في تلك الرحلات، ويزيل كل المعوقات أمام من يرغب في تأدية المناسك، ويعوض شركات السياحة من خلال زيادة عدد الرحلات عن الكساد السائد منذ عام 2011، ويفتح المجال للمزيد من فرص العمل.
 
أعتقد أن أمر قضية العمرة ليس بـ "الوغاريتمات" ولكنه فقط يحتاج إلى أفكار غير نمطية، مثل كثيرا من المشكلات التى تغرق بها الحكومة، بحيث نستطيع تحقق التوازن ما بين مصلحة الدولة ورغبة المواطن.
 

 

تعليقات (1)
كلام محترم من صحفي عقلانى
بواسطة: ايمن حماد
بتاريخ: الإثنين، 12 مارس 2018 01:59 م

شكرا لتوصيفك للامر بهذا الشكل وبهذا المنطق وتحياتى لكم

اضف تعليق